مشاريع السوريين في تركيا تتخطى العقبات وتتجه نحو الاندماج

مشاريع السوريين في تركيا تتخطى العقبات وتتجه نحو  الاندماج

فراس العلي – موقع الحل

انتقل مئات آلاف اللاجئين #السوريين عبر السنوات القليلة الماضية باحثين عن الاستقرار المؤقت في #تركيا، منهم من هُجر من قبل قوات النظام ومنهم من هرب بحثاً عن حياة أفضل أو أملاً بإيجاد مكان جديد للاستقرار بعيد عن الأخطار المحدقة بهم بسوريا.

ولم يكن بالحسبان أن فترة مكوث السوريين في تركيا سيطول أمدها وسط انعدام أية آمال للعودة لبلادهم، الأمر الذي فرض عليهم البدء بمحاولات التأقلم مع الحياة الجديدة والاندماج بالمجتمع التركي وافتتاح مشاريع اقتصادية وبدء تعلم اللغة التركية.

وفي أوائل عام 2014 بالتزامن مع حملات #اللجوء لأعداد كبيرة من السوريين إلى تركيا، بدأت تظهر عدة مشاريع #اقتصادية افتتحها سوريون في مجالات عديدة، فظهرت عدد من الشركات الغذائية والتعليمية والطبية والتجارية والصناعية والتقنية.

وبدأ الاستقرار الطويل للاجئين السوريين يلوح في الأفق بعد التسهيلات التي منحت لهم من قبل الحكومة التركية في بادئ الأمر، كالعمل دون تلقي #الضرائب أو عدم المطالبة بترخيص الشركات والمعامل السورية وإتاحة التسهيلات التي تجعلهم يؤسسون أعمالهم من جديد في تركيا.

ما سبق، أدى إلى ضخ رجال الأعمال السوريين معظم أموالهم في مشاريعهم الوليدة حديثاً بتركيا، الأمر الذي جعلهم يحصدون نسبة كبيرة في قوائم #الشركات الأجنبية العاملة في تركيا.

الشركات السورية بالصدارة

أصدرت مؤسسة بحثية تركية مؤخراً تقريراً حول عدد الشركات الأجنبية في تركيا، وأكدت أن رأس مال الشركات السورية المنشأة في تركيا بلغت 11،8% من قيمة الرأس المال الأجنبي المستثمر.

وبلغت حصة رأس المال السوري نحو 28،9 مليون ليرة تركية مرتفعة بنسبة 144،7% عن العام الفائت، بينما أوضح التقرير أن معظم الشركات السورية تنشط بالتجارة.

واستحوذت الشركات السورية على المرتبة الأولى من ناحية الاستثمار الأجنبي في ولايات هاتاي ومرسين وعينتاب، بينما يتوقع مسؤولون أتراك تجاوز عدد السوريين الخمسة ملايين لاجئ سوري خلال العشر سنوات القادمة.

وعلى ضوء ذلك، يقول إبراهيم (شاب سوري يمتلك مكتب للتجارة العامة)، إن “السوريين في تركيا متجهين نحو الاستقرار والاندماج وكل القرارات الحكومية التركية التي تصدر بشأنهم تجعلنا متأكدين من هذا الأمر، الكثير منا أخذ الجنسية التركية ومع استمرار حكم حزب العدالة والتنمية للبلاد سيحصل السوريون على الجنسية التركية”.

ويضيف “العمل في تركيا جيد بالنسبة للتجارة فهي دولة تعتبر مصدراً للبضائع سواء للدول العربية أو الإفريقية أو دول أوروبا، ووجد السوريون أنفسهم يفتتحون شركات من أجل العودة لميادين #العمل ومحاولات الاستقرار والتأقلم على نمط المعيشة الجديد”.

قصة نجاح

أثناء إعداد التقرير، التقينا بأحد السوريين الذين أسسوا لأنفسهم عملاً مستقلاً بتركيا، وقال لموقع الحل معرفاً عن نفسه: “أنا يوسف عبوش من حلب، درست العلوم الشرعية بالبداية ثم انقطعت عن الدراسة لأسباب صحية وبعدما تعافيت دخلت ميدان العمل وتعلمت وتدربت على مهنة المحاسبة، وبعد فترة من الوقت أصبحت محاسباً لعدد من الشركات السورية بالإضافة لعدم انقطاعي عن اهتمامي المهني الآخر بمجال صيانة الحواسيب، ثم اتجهت للعمل بمجال الصرافة والمضاربة بالليرة السورية عن طريق مسك حسابات بعض الشركات السورية التي تعمل في ذات المجال بحلب”.

ويضيف “عام 2013 قدمت إلى تركيا بالتزامن مع موجات اللجوء، وتعرفت على شخص يعمل بمجال البورصة والتداول بالعملات والسلع والمعادن، أسست معه شركة، واستلمت الإدارة التنفيذية بينما كان هو رئيس مجلس إدارة الشركة، لكن اضطراره للسفر فيما بعد جعلني أعيد ترتيب أوراقي وافتتح شركة جديدة تحت اسم أصول للاستشارات والتداول المالي”.

وفي المرحلة الجديدة من حياته المهنية، رسم عبوش خططاً استراتيجية لطبيعة سير عمل #الشركة عن طريق تحليل حاجة السوق وإضافة الحلول عبر خدمات شركته الجديدة، ويتابع “حققت الشركة نجاحاً باهراً وازداد عدد العملاء بوقت قياسي، ثم افتتحت فروعاً أخرى في كل من أنطاكيا ومرسين وكيليس وإسطنبول عدا المقر الرئيسي في عنتاب”.

وطوّر عبوش من أعماله ليفتتح فيما بعد شركة جديدة مختصة بالتسويق الإعلاني، حيث يقول: “أسست شركة أخرى تحت اسم دليل الصفحات الذهبية وأنشأت تطبيقاً وموقعاً لها، وأسعى من خلالها لخدمة رجال الأعمال العرب، أما انطلاقها فجاء عن طريق إقامة أول ملتقى للمستثمرين السوريين بالتعاون مع منظمة “سياد” لرجال الأعمال السوريين، السنة الماضية، وحضره أكثر من 300 رجل أعمال سوري إضافة لمسؤولين أتراك”.

ونصح عبوش من خلال تجاربه مع رواد الأعمال السوريين بوضع خطط واستراتيجيات متوسطة المدى الزمني ودراسة المشاكل والحلول ومدى نمو المشروع كي يصنعوا لأنفسهم مستقبلاً في بلاد الاغتراب خاصة أن إقامتنا في تركيا طويلة وليس كما كنا نظن.

وليست القصة السابقة هي الوحيدة من نوعها، حيث تمكنت عشرات الشركات السورية من تحقيق استقرار اقتصادي في تركيا وطورت من أعمالها في وقت قياسي وباتت تنافس شركات تركية بمختلف #القطاعات.

مصير محتوم

لاتوجد بدائل متاحة أمام اللاجئين السوريين بتركيا للعيش في دول أخرى عدا تركيا وسوريا، الأمر الذي جعل معظمهم يبحث عن تحقيق الاستقرار فيها فبدأوا بتأسيس أعمالهم بالإضافة إلى دخول بعضهم الأسواق التركية محاولين تحقيق استقرار أطول لهم بالعمل.

يمان (شاب سوري يعمل كمصمم جرافيك ديزاين في تركيا)، تعلم اللغة بعد أن أمضى سنتين بدراستها ومن ثم بات يعمل في ذات المهنة لكن مع شركات تركية، يقول لموقع الحل: إن “العمل مع الشركات التركية أفضل من ناحية المردود لكنه أصعب من ناحية ضغط العمل، كما أنني أتابع دراستي ضمن مجال هندسة المعلوماتية بإحدى الجامعات التركية”.

واقترب الشاب من الحصول على الجنسية فهو في المرحلة الرابعة حسبما يقول وينتظر اجتيازها فهي أبرز مرحلة من مراحل نيل الجنسية التركية.

ويؤكد “أنه لا توجد بدائل أخرى أمام السوريين في تركيا للاستقرار في دول أخرى، وهذا ما جعلهم يقبلون على إنشاء مشاريع خاصة أو العمل ضمن الشركات التركية وضمان استقرار طويل الأمد”.

خلال مرحلة إعداد التقرير، أجرينا استطلاع رأي استهدف خمسين لاجئاً سورياً بعضهم أصحاب مهن صغيرة وآخرون يعملون في شركات تركية وعربية.

وأكد معظمهم نية بقائهم في تركيا وعدم العودة لسوريا حتى إن كانت الظروف ملائمة لعودتهم، وتأتي رغبتهم بالبقاء رغم عدم رضا البعض من قيمة الدخل والربح الذي يتقاضونه من أعمالهم.

وحول رأيهم بموقف الحكومة التركية من السوريين، جاوب نحو 40 لاجئاً ممن شاركوا بالاستطلاع وكان موقفهم إيجابي من حزب “العدالة والتنمية” الحاكم “بسبب ما قدمه من تسهيلات لم يحصل عليها اللاجئين السوريين في دول الجوار الأخرى”، حسب رأيهم.

لكن بذات الوقت يفضل عدد قليل منهم السفر إلى #أوروبا بدل البقاء بتركيا في المستقبل، أما بخصوص متوسط الدخل الذي يتقاضونه فبلغ نحو 1200 ليرة تركية شهرياً، بينما المبلغ الوسطي الذي يوفر لهم معيشة كريمة حسب رأي الغالبية منهم فهو 3000 ليرة تركية.

وحول الملاحظات التي تم تدوينها من قبلهم فقد تجسدت بمطالبات للحكومة التركية حول تفعيل عدد من القرارات لصالحهم مثل التركيز على ملف لم شمل عائلاتهم الموجودة في #سوريا وإلغاء إذن السفر وإعادة منح الكيملك من قبل دوائر الهجرة وتأمين عمل ملائم بدخل جيد ويناسب شهاداتهم وخبراتهم العلمية.

وطالب البعض من المشاركين بالاستطلاع بإتاحة التقديم للجنسية التركية وزيادة أعداد المرشحين إضافة للاهتمام باللاجئين ممن يحمل إذن عمل رسمي.

الجدير بالذكر أنه تم إنجاز هذا التقرير بدعم مركز الإعلام المفتوح، الممول من الاتحاد الأوروبي، نتيجة مشاركة معد التقرير (فراس العلي) بجائزة الإعلام للهجرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة