صراع كبير تشهده سوق المواد الأساسية والسلع الغذائية، بين حكومة دمشق والتجار، لا سيما فيما يتعلق بالخضار والفواكه والفروج، يبدو أن ضحيته سيكون المستهلك السوري، بعدما فشلت الحكومة في احتواء أزمة ارتفاع تكاليف الإنتاج التي انعكست بشكل سلبي ومتكرر على الأسعار.

تخفيض الأرباح؟

وزير الزراعة السوري حسان قطنا، كشف في تصريحات نقلتها صحيفة “الثورة” المحلية، عن قرار بتخفيض أرباح تجار سوق الهال بقرار رسمي من اللجنة الاقتصادية، وذلك بنسبة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة بالمئة.

ويشتكي الأهالي من الفارق الكبير في أسعار الخضار والفواكه، بين سوق الهال ومتاجر البيع بالتجزئة، في حين أكدت تقارير محلية أن الحلقات العديدة التي يمر بها المنتج، تتسبب بارتفاع أسعار البيع إلى المستهلك.

من جانبهم يواجه المزارعون صعوبات عديدة في تغطية تكاليف الإنتاج، حيث أكدوا أنهم لم يحصلوا على المخصصات الكافية من المحروقات خلال عمليات الزراعة والحصاد، الأمر الذي أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع التكاليف، فضلا عن صعوبة إجراءات التصدير إلى خارج سوريا.

رئيس غرفة زراعة دمشق بشار الملك، أشار في تصريحات للصحيفة المحلية، إلى ضرورة معالجة معوقات تصدير المنتجات الزراعية بهدف دعم المزارع، ومخاطبة وزارة النقل بتخصيص براد في مستودع المطار للمنتجات سريعة العطب المصدّرة.

قد يهمك: “المكدوس” خارج قائمة الأكلات الشعبية في سوريا.. “الإندومي” على نفس الطريق!

واعتبر الخبير الزراعي عبد الرحمن قرنفلة، في تصريحات صحفية سابقة، أن المشكلة لا تكمن بارتفاع أسعار المحاصيل في الأسواق السورية، فهو أمر طبيعي نظرا لارتفاع تكاليف الإنتاج والتسويق والنقل، بل إن: “أساس المشكلة هو ضعف القدرة الشرائية للأهالي في البلاد“.

وخلال حديث “الحل نت” مع العديد من المزارعين السوريين، أكد قسم منهم، أنهم لن يتجهوا لزراعة نفس المحاصيل الموسم القادمة، حيث سيتوجهون لزراعة “الفواكه الاستوائية“، بسبب مردودها الاقتصادي الجيد مقارنة بالمحاصيل الأخرى.

وفيما يتعلق بتذبذب أسعار الفروج، اعتبر عضو “لجنة مربي الدواجن” في دمشق حكمت حداد، أن الحديث عن تدخل إيجابي لمؤسسة “السورية للتجارة” بالنسبة للفروج، “أمر غير صحيح، بدليل أنها تبيع الفروج وأجزائه في صالاتها بنفس أسعار السوق“.

وقال حداد في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية الخميس، إن: “كيلو الشرحات في صالات المؤسسة يباع بسعر 30 ألف ليرة، وسعر مبيع كيلو الفروج الحي من أرض المدجنة اليوم بحدود 12 ألف ليرة، وتكلفة كيلو الفروج المذبوح بحدود 16 ألف ليرة“.

وأكد حداد أن التسعيرة الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي تحدد سعر الفروج الحي بـ10300 ليرة، والمذبوح بـ13900 ليرة، بعيدة عن الواقع الحقيقي.

ارتفاع متواصل للأسعار

بالعودة إلى أسواق الخضار والفواكه فإنه ونتيجة لارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية، اتجه معظم السوريين لتخفيض استهلاكهم من الفواكه، بعد أن حلقت أسعارها بـ“العالي“، فهم غير قادرين على شرائها، رغم أنها في موسمها ويفترض أن تكون رخيصة أو ذات أسعار معقولة.

وحول الأسعار، فقد بلغ سعر كيلو التفاح الجيد نوعا ما 4500 ليرة، والدراق ما بين 4500-5500 ليرة حسب نوعه، والخوخ 4000 ليرة، والإجاص الجيد بـ3500 ليرة، والنوع الثاني بـ2500 ليرة، والعنب ما بين 2500-3500 ليرة، والكرز النوع الأول 7000 ليرة والثاني بـ5500 ليرة.

أما البطيخ الأحمر وحده من دون غيره رخيص السعر في هذه الأيام، فالكيلو يباع ما بين 350-450 ليرة، بينما البطيخ الأصفر ما زال ثابت السعر عند الـ800 ليرة للكيلو، حيث بيّن المواطنون أن الأسعار تختلف بين سوق وآخر.

معاناة المزارعين

يعاني المزارعون السوريون منذ مطلع العام الحالي من ارتفاعات متتالية لأسعار تكاليف الزراعة لمختلف المحاصيل، ما جعلهم يلجؤون إلى تسويق محاصيلهم عبر التّجار والشركات المستقلة بعيدا عن الجهات الحكومية، التي تم تحييدها في ظل فشلها في إيجاد آلية ترضي المزارع وتراعي التكاليف.

عضو اتحاد الغرف الزراعية، مجد أيوب، أكد أن الشراء من المزارعين بعقود مسبقة يجري الآن بدون عقود مكتوبة بين أصحاب المراكز الزراعية وتجار أسواق الجملة، وفق آلية يتوجه المزارع بموجبها إلى أحد المراكز الزراعية الكبيرة سواء في سوق الجملة، أو في المدينة.

وأشار أيوب، في تصريحات نقلتها صحيفة “تشرين” المحلية قبل أيام، إلى أن المزارع ينقل إنتاجه إلى تاجر سوق الجملة عند الحصاد، لبيعه بالأسعار الرائجة ويأخذ من القيمة نسبته، وقيمة المستلزمات، أو المديونية يتم تسديدها للمركز الزراعي ويعطي البقية للمزارع، موضحا، أن الارتباط المعنوي بين المزارع والتاجر والمركز الزراعي، هو الذي يحدد العملية، وليس عقدا مكتوبا بينهم.

وأوضح أيوب، أن الفترة الأخيرة شهدت دخول مجموعة من رجال الأعمال، للاتفاق على كبار المزارعين على شراء إنتاجهم، في ظل تراجع دور وزارة التجارة الداخلية، التي لا تملك الإمكانات المالية اللازمة للشراء بعقود مسبقة.

وحول عجز الحكومة في القيام بهذا الدور أضاف أيوب: “هناك أسباب متعددة أهمها، أن النظام المالي للشركات الحكومية لا يسمح بالشراء بهذا الشكل، وهو أمر لا يمكن القفز فوقه، هذا إذا تم تجاوز موضوع استدراج العروض، وعليه فإن (السورية للتجارة)، لا تستطيع الشراء من المزارعين بعقود مسبقة إلّا بمبلغ محدد في العقد، فقد يرتفع سعر السوق ويرفض المزارع التسليم فيتحول الأمر إلى القضاء الذي يحتاج فترة طويلة ليقرر بها“.

الفروج بالقطعة

عدد من الأهالي، بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، نُشر الخميس، أكدوا أن استهلاكهم من الفروج قد انخفض بشكل كبير قبل نحو شهر، وأن ذلك بسبب الأسعار الباهظة، التي لم تسمح لهم سوى شراء الفروج بالقطعة أو القطعتين، حتى أن البعض منهم توقف كليا عن تناول الفروج.

ورأى آخرون، أن شراء الفروج أصبح الآن بعيدا عن متناول المواطن العادي في سوريا، فأصغر فروج الآن يتراوح سعرها بين 30 و35 ألف ليرة سورية، بعدما كان سعره 20 ألف ليرة في الشهر السابق، وأضافوا أنه نتيجة لارتفاع تكلفة الدجاج، أصبح شراء اللحوم الحمراء أكثر فائدة وإمكانية.

وفي هذا الإطار، أكد حكمت حداد، أن استهلاك الفروج وأجزائها تراجع نحو 25 بالمئة، منذ شهر بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للمواطن. مضيفا أنه “إذا اشترت وزارة التجارة كيلو الفروج من المربين بسعر 7000 ليرة، ما كنا لنرى انحسار الإنتاج الحاصل اليوم، وكان سعر الفروج توازن وانضبط، ولما وصلنا إلى الحالة الراهنة“.

رواتب لا تكفي

يعتمد السوريون في مناطق سيطرة دمشق، على الإعانات الخارجية من أقاربهم وأصدقائهم من دول اللجوء لتغطية احتياجاتهم الأساسية بشكل شهري، وذلك بسبب ضعف القدرة الشرائية وانهيار الليرة السورية إلى أدنى مستوياتها، في ظل الغلاء المستمر لأسعار مختلف السلع والمواد الأساسية.

يواجه السوريون في المناطق الخاضعة للحكومة السورية، صعوبة في التغلب على أزمات ارتفاع الأسعار المتكررة، فبدأت العائلات السورية بحذف العديد من الأصناف الاستهلاكية من قائمة المشتريات الشهرية، بهدف التوفيق بين الدخل، والمصروف.

قد يهمك: السرقة بعشرات المليارات في سوريا.. والمصارف تسحب الأموال من جيوب أصحابها

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.