رغم جملة المشاكل التي تواجه السوريين، سوريا باتت أمام تحديات صحية متعددة، تتراوح بين تفشي الأمراض الجلدية كالجرب، وانتشار الحشرات والخنافس، إلى جانب استمرار المعركة ضد فيروس “كورونا”. وهذه الظروف تثير تساؤلات عميقة حول الوضع الصحي والبيئي في البلاد، وهل سقط النظام البيئي في البلاد؟

العديد من المصادر المحلية، نفت لـ”الحل نت”، ما أكدته وزارة الصحة بأن أقسام الإسعاف والطوارئ تتابع العمل في المشافي على مدار الساعة لاستقبال المراجعين وكذلك المراكز الصحية المناوبة بمختلف المحافظات ومنظومة الإسعاف على المستوى الوطني، فما الذي يحدث في سوريا قبيل عيد الفطر؟

حقيقة انتشار “الجرب” في سوريا

أفاد الصيدلاني، عمار صنوبر، بأنه في الآونة الأخيرة، تكررت الشكاوى من أعراض تحسس جلدي مصحوبة بحكة ملحّة، تتفاقم في الليل وتمتد عبر الجسد بأكمله.

اللامبالاة بحياة المواطنين بات أمرا سهلا لدى الكوادر الطبية - إنترنت
اللامبالاة بحياة المواطنين بات أمرا سهلا لدى الكوادر الطبية – إنترنت

وأشار صنوبر، إلى أن هذه الحالات، عند مقارنتها بالتحسّس الجلدي الشائع، تظهر مقاومة للعلاجات المعتادة، إذ تعاود الظهور فور التوقف عن استخدام الأدوية المضادة للتحسس، مما يدل على أن الأعراض المذكورة تنتمي إلى مرض “الجرب”.

“الجرب” ينجم عن طفيلي دقيق يُعرف بالقارمة الجربية، يتسبب في طفح جلدي مؤلم يتخلله حكّة شديدة، وتتضاعف هذه الحكة في الليل، مما يؤدي إلى ازدياد الإزعاج والتوتر لدى المصابين.

أشار الصيدلاني إلى ملاحظة مثيرة للانتباه تتمثل في أن “الجرب”، هذا المرض الجلدي المُعدي، لا يقتصر على فرد واحد بل يمتد ليشمل كافة أفراد الأسرة، نظراً لطبيعة انتقاله عبر الاستخدام المشترك للمنسوجات والأدوات الشخصية.

وأوضح صنوبر، أن العوامل المؤدية لتفشي هذا المرض ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتحديات الناجمة عن التقنين الكهربائي وندرة المياه الساخنة، مما يحول دون القيام بالممارسات الصحية الأساسية كالاستحمام وغسل الفرش والأغطية بشكل منتظم. هذا الوضع يؤدي إلى تدهور مستويات النظافة الشخصية والعامة، إضافة لنزوح البعض من منازلهم، مما يسهم في انتشار “الجرب” بين السكان.

انتشار الحشرات والخنافس

في تصريحات صحفية حديثة، نُسبت إلى مدير الشؤون الصحية بدمشق، قحطان إبراهيم، أن تفسير ظاهرة تزايد أعداد الحشرات في أرجاء المدينة إلى الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة. وقد أكد على تبني إجراءات فورية للسيطرة على الوضع، تتمثل في عمليات الرش الرذاذي والضبابي المكثّف.

إنذار جاد بشأن الأوضاع الصحية في سوريا - إنترنت
إنذار جاد بشأن الأوضاع الصحية في سوريا – إنترنت

وفي حديثه لإذاعة “ميلودي” المحلية، لفت إبراهيم الانتباه إلى أن الخنافس، التي شوهدت بأعداد كبيرة، قد هجرت مواطنها الطبيعية في الغابات، مدفوعة بالحرائق والتدخلات البشرية خلال الشتاء. 

رغم أن هذه الحشرات لا تشكّل خطراً مباشراً، إلا أنها تنجذب بشكل كبير نحو الأضواء، مما يفسّر تواجدها الواضح في المناطق المضاءة بالمدينة.

العديد من المدن السورية، بما في ذلك العاصمة دمشق وريفها إلى جانب حمص وحماة، شهدت ظاهرة بيئية لافتة تمثّلت في تزايد أعداد حشرة معينة خلال العامين الأخيرين.

وفي تحليل علمي قدّمه المهندس الزراعي، عبد المولى أبازيد، فإن الهطولات المطرية الوفيرة التي سادت مؤخراً، أسهمت في خلق بيئة رطبة وغطاء نباتي يُفضي إلى ازدهار هذه الحشرات. 

وتتخذ هذه الكائنات من الأعشاب والنباتات في التربة الرطبة موطنا لها، وتميل إلى الظهور على السطح مع ارتفاع درجات الحرارة، مما يُسلط الضوء على التفاعلات الدقيقة بين الأحياء والمناخ.

وفيات بفيروس “كورونا”؟

في مواجهة الأنباء المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام حول تسجيل حالات وفاة ناجمة عن فيروس “كورونا”، خرجت وزارة الصحة بتصريح رسمي ينفي هذه الادعاءات بشكل قاطع. 

تجاهل الكوادر الطبية لأهمية حياة المواطنين أمرا يثير القلق - إنترنت
تجاهل الكوادر الطبية لأهمية حياة المواطنين أمرا يثير القلق – إنترنت

وأفادت الوزارة بأنها تُجري متابعة دقيقة ويومية للوضع الوبائي من خلال التقارير الصادرة عن مديريات الصحة وأقسام الأمراض السارية والمزمنة، والتي تُقدم بيانات محدّثة حول الحالات الصحية المسجلة في المؤسسات الطبية وتُظهر معدلات انتشار العدوى ومستويات خطورتها.

وأكدت وزارة الصحة، في بيانها الأخير، أن الوضع الوبائي لفيروس “كورونا” يشهد استقراراً ملحوظاً، مع عدم تسجيل أي زيادة في عدد الإصابات. الحالات المصابة التي تم تأكيدها كانت خفيفة وتمت معالجتها في المنازل دون تسجيل وفيات.

وفي سياق متصل، ذكرت الوزارة أن حالات الإصابة بالإنفلونزا تظل ضمن المعدلات الطبيعية، مشيرة إلى أنها تواصل عمليات الترصد والتحري للحالات المشتبه بها وفق المعايير الدولية الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية.

وضع القطاع الصحي في سوريا عام 2024 يُعتبر معقّدا ويواجه تحديات كبيرة. وفقًا لتقارير حقوق الإنسان، فإن السوريين يعانون من انتهاكات شديدة ومصاعب بسبب النزاع المستمر وتدهور الظروف الاقتصادية وانعدام الأمن. 

من ناحية أخرى، لم تُظهر الجهود الحكومية عبر إطلاق الاستراتيجية الوطنية للرعاية الصحية الأولية 2023-2027 أي التزام بتحسين الخدمات الصحية وتعزيز النظام الصحي الوطني لتأمين حصول الجميع على مجموعة أساسية من الخدمات الصحية. وتشير التقارير إلى أن القطاع الصحي لم يقدم خدماته المتنوعة والشاملة وسط دعم حكومي كبير.

منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن الجهود في سوريا تستند إلى نهج بثلاثة محاور: تلبية الاحتياجات العاجلة للمساعدة الصحية، إعادة النظام الصحي لأداء وظائفه، ودعم تعزيز المحددات الاجتماعية التي تؤثر في صحة السوريين. لذلك، يمكن القول إن 13 عاما من الحرب أنهكت القطاع الصحي وأدت إلى تدهور الخدمات الصحية وزيادة معدلات سوء التغذية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات