(الحل) – في الثاني من شباط/فبراير من كل عام، تعود إلى أذهان السوريين ذكرى المجزرة التي أدخلتهم في رعب حقيقي طيلة السنوات التي تلتها؛ ومن تناول أيّة جزئية سياسية ترتبط بنظام الحكم في سوريا، يتناقلون أحداث المجزرة المروعة في سريّة تامة سواء بالكتابة والتوثيق، أو عبر الأصوات من هنا- وهناك- إلى المنظمات الحقوقية والدولية، إذ صنفتها منظمة العفو الدولية ضمن أكبر مجازر القرن العشرين، لقصفها بالمدفعية والدبابات والطيران، ومن ثم اجتياحها وقتل أكثر من 40 ألف من أهالي المدينة.

إنها مجزرة حماة، التي زرعت طيلة 29 عاماً ذاك الرعب بسبب الفظائع التي ارتكبت، إلى حين اندلاع الاحتجاجات الشعبية السلمية في سوريا 2011، التي كسرت حاجز الخوف مجدداً رافضين سياسات النظام الاستبدادية، وليبدأ معها عصر جديد ومجازر جديدة في مختلف أنحاء سوريا.

حسب أهالي حماة وأحاديثهم عن المجزرة، من النادر أن تجد عائلة دون قتيل أو مفقود أو معتقل حتى اللحظة، أو ترك البلاد بلا رجعة، وليستمر النظام طيلة السنوات التي مضت باتهام كل عائلة فيها قتيل بالخائن واللاوطني. إذ قاد المجزرة حينها رفعت الأسد الذي كان يشغل منصب قيادة «سرايا الدفاع» واللواء 47/ دبابات، واللواء 21/ ميكانيك، والفوج 21/ إنزال جوي «قوات خاصة»، بالإضافة لمشاركة جميع الأجهزة الأمنية داخل المحافظة، التي فرضت طوقاً أمنياً لمنع نقل أيّة تفاصيل للمجزرة للإعلام الخارجي، والمنظمات الدولية.

أشارت العديد من التقارير التي نشرتها الصحافة الأجنبية عن المجزرة التي دامت 27 يوماً، إلى أن النظام السوري منح القوات العسكرية كامل الصلاحيات لضرب المعارضة وتأديب المتعاطفين معها. وأعطى كبار الكتاب والصحفيين الأجانب تصوراتهم عن حجم المجزرة المروعة، إذ قال روبرت فيسك (الذي كان في حماة بعد المجزرة بفترة قصيرة) أن عدد الضحايا كان 10 ألاف تقريباً. فيما صحيفة «الإندبندنت» قالت بإن عدد الضحايا يصل إلى 20 ألفاً. في حين قال توماس فريدمان: قام رفعت الأسد بالتباهي بأنه قتل 38 ألفاً في حماة. وكانت اللجنة السورية لحقوق الإنسان قالت بأن عدد القتلى بين 30 و40 ألف، غالبيتهم العظمى من المدنيين. وقضى معظمهم رمياً بالرصاص بشكل جماعي، ثم تم دفن الضحايا في مقابر جماعية.

سيمر هذا اليوم، كما في كل عام، دون أيّة محاسبة لمن قتل نحو 40 ألف مدني، وهجر أكثر من 100 ألف آخر، بعد أن تعرضت أحياء عدّة، وخاصة في قلب المدينة إلى تدمير واسع. إلى جانب إزالة نحو 88 مسجداً وثلاث كنائس ومناطق أثرية وتاريخية نتيجة القصف المدفعيّ، …ولتستمرّ معها المجازر حتى اللحظة.

إعداد وتحرير: معتصم الطويل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.