الرقة (الحل) – كان للمعارك التي شهدتها مدينة الرقة بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، وتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، أثار سلبية كبيرة على البنى التحتية للمدينة وريفها، كون الثاني اتخذ المدينة عاصمة لخلافته «المزعومة»، وجعل من أملاكها العامة مقرات لعناصره، والتي انعكست سلباً على الوضع المعيشيّ للسكان الذين عادوا لمنازلهم عقب انتهاء المعارك في المدينة، واندحاره في مركز ثقله، ليعيدوا لها حركتها وحيويتها المعتادة كما كانت.

وعلى الرغم من الدمار الذي لُحق بأرجاء المدينة كافة، والمُقدر بـ 80% بحسب منظمة العفو الدولية، إلا أن الوضع بدأ بالتحسّن تدريجياً في مختلف النواحي، ومن خلال تأسيس مجلس الرقة المدني الذي يتفرع منه لجان عدّة تعمل على رفع المستوى الخدمي والصحي والثقافي في أرجاء مدينة الرقة كافة.

 

أولى الأعمال

يقول إحسان هنداوي، (من سكان حي سيف الدولة بالمدينة)، إن أولى الأعمال التي قامت بها الجهات المختصة بعد سيطرة «قسد» على أحياء المدينة، وسقوط الخلافة وطرد عناصر التنظيم، هي تأمينها من الألغام التي خلفها الأخير وبكثرة في مختلف الأحياء، الأمر الذي أخر عودتنا إلى منازلنا، و«عقب عودتنا أطلق مجلس الرقة المدني حملات توعية عدّة حول مخاطر الألغام، والطرق المثلى للتعامل معها، وما يمكننا فعله لتجنب انفجارها، أو الإبلاغ عنها في حالة صعوبة التعامل معها، وذلك بهدف الحفاظ على أرواح الأهالي وفرق التفكيك معاً.

يضيف إحسان، عقب «انتهاء الفرق الهندسية التابعة لـ(قسد) أعمال إزالة الألغام من الأحياء، بدأت لجنة إعادة الأعمار التابعة للمجلس المدني بأعمال رفع الأنقاض، وانتشال الجثث المنتشرة تحتها، إذ شكل المجلس فريق استجابة سريع يعمل على انتشال الجثث بالتنسيق مع اللجنة والفرق الهندسية، التي تعمل بشكل مستمرّ لإنجاز ما يتم إنجازه». لافتاً إلى أن «الأهالي ساهموا بشكل كبير في أعمال إزالة الأنقاض، حيث تولى أغلبهم مهمة إعادة ترميم منزله ومحله التجاري، لتسريع عودة الحياة للمدينة»، على حد قوله.

 

أهمية التعليم

تقدر نسبة الدمار التي تعرضت له المدارس والمشافي في مدينة الرقة بـ 95%، كون التنظيم كان يتخذ غالبيتها كمقرات لعناصره وسجون لمعتقليه أثناء فترة سيطرته. وهذه أس المعاناة التي واجهت الأهالي منذ اللحظة الأولى من التفكير بالعودة.

يقول عمر الكسار (مدرس سابق من حي الدرعية) بعد خروج «داعش» من المدينة بفترة وجيزة، عمل المجلس المدني على ترميم بعض المدارس في أحياء المدينة وبشكل إسعافي كون العملية التعليمية لا يمكن تأجيلها وتعتبر الأهم بعد أن أغلقت معظمها، وتم إنشاء لجنة خاصة بالتعليم سميت بـ«لجنة التربية والتعليم»، ليبدأ طلاب المدينة بالعودة إلى مقاعد الدراسة بعد انقطاع دام أربع سنوات، حيث أن «داعش» كان قد فرض معاهد ومناهج خاصة به، وأغلق جميع مدارس المدينة واعتقل أساتذتها، وبدأ بتدريس ما تبقى من الطلاب بتدريس مناهجه الخاصة.

وأوضح «الكسار» أن أول عمل للجنة التربية  في المدينة كان «ترميم مدرسة الوحدة الابتدائية في حي المشلب، والتي تضم حالياً 1200 طالب وطالبة، وبعد فترة ليست بطويلة افتتحت أربع مدارس أخرى وهي، (الوحدة العربية، أبي كعب، وساطع الحصري، ومدرسة الآباء)، مشيراً لعودة المدارس الموجودة في أحياء المدينة للعمل في الوقت الحالي، وبإشراف اللجنة»، على حد قوله.

الخدمات الصحية

وكان للمجال الصحي نصيباً من التطور والعمران التي تشهده مدينة الرقة في الوقت الحالي، بعد أن تعرضت هي الأخرى لمزيد من الدمار والتخريب. يقول أحمد عساف (طبيب جراح من حي المشلب) إن الوضع الصحي في المدينة «يشهد تقدماً وبشكل سريع، إذ قامت لجنة الصحة عقب خروج (داعش) من أحياء المدينة، بإطلاق حملات لقاح للأطفال عدّة، بالإضافة لتقديم المساعدة لمرضى اللشامانيا، وقامت أيضاً بترميم وافتتاح مراكز طبية عدّة في أحياء المدينة كالمشلب وسيف الدولة وشارع القطار وحي البدو ومراكز أخرى بريف المدينة، بالإضافة لافتتاح مشافي عدّة، منها مشفى الهلال للجراحة ومشفى التوليد والأطفال في المدينة».

من جانبه قال أحمد إسماعيل (رئيس لجنة الصحة) لقد افتتحت «اللجنة مركزاً للقاح الدوري يتبع له 18 نقطة لقاح في أرياف المدينة، بالإضافة لتشكيل غرفة صيادلة لتنظيم عمل الصيدليات، وشكلت اللجنة أيضاً غرفة التمريض والمهن الطبية لتنظيم عمل الممرضين والعيادات الطبية والإشراف عليهم». مضيفاً أن اللجنة تحاول جاهداً أن «يكون مشفى الرقة الوطني في شهر شباط الحالي جاهزاً بأقسام العظمية والعصبية والداخلية وقسم جراحة العينية، بالإضافة لتجهيزات غرفة العناية المشددة والإنعاش».

وأشار «إسماعيل» إلى أن اللجنة «تستعد لتجهيز قسم المعالجة الفيزيائية، وتركيب الأطراف الصناعية، نظراً لما عاناه أهالي الرقة من إعاقات وفقدان الأطراف نتيجة ألغام «داعش».

على الرغم من مستوى الدمار الذي خلفته الحرب، ارتفع معدل الاستقرار، وزاد من الأمل طموح الأهالي الكبير أن ترجع المدينة كما كانت عامرة وممتلئة بالحياة بجميع أبناءها ومكوناتها.

إعداد: عباس محمد

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.