ترجمة خاصة- الحل العراق

نشرت وكالة فرانس برس، السبت، تقريراً عن النساء الجهاديات اللاتي تم إخلائهنّ من آخر معاقل تنظيم داعش في بلدة الباغوز شرقي ديرالزور, وعن كيفية إشادة تلك الجهاديات بدولة “الخلافة” وتفاخرهن بها.

ففي تلك الصحراء السورية تدّعي إحدى تلك النسوة, التي يغطيها السواد من رأسها إلى أخمص قدميها, وهي خارجة للتو من آخر معاقل التنظيم المنهار بأن “الخلافة” لم تنته بعد، في حين تتوعد جهاديةٌ أخرى من تلك الناجيات بأن تجعل من ولدها جهادياً في المستقبل.

فما كادوا ينزلون من الحافلات, التي نَقَلَت الجمعة الماضية حوالي ألفي شخص من آخر معقل لتنظيم داعش في سوريا, حتى تم اقتياد النساء والأطفال وكذلك الرجال إلى أول نقطة تجمّع في الصحراء الشرقية في ريف دير الزور.

صورة تعبيريّة من أرشيف غوغل

ومن بين الحشود وبقلوبٍ يملأها الغضب ونظرات التحدي, لم تتردد العديد من النسوة في الدفاع عن تنظيم داعش بصوتٍ عالٍ وقوي بالرغم من انحسار بقعة سيطرة التنظيم إلى أقل من نصف كيلومتر مربع في الباغوز.

ومن بين تلك النسوة, توجّهت إحدى الجهاديات إلى فريق فرانس برس باللغة التركية صارخةً: «ابني سيكبر في يومٍ ما وسيصبح جهادياً» لتمضي بعدها وتشق طريقها بغضب عبر الحشود حاملةً كيساً أخضر على ظهرها.

وفي تلك النقطة, التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن, يتم تحديد هوية الأشخاص الذين تم إخلائهم وبالتالي التعرف على الجهاديين المحتملين.

وفي إحدى الزوايا, تجلس العديد من النسوة وبعضهن افترشن الأرض مع أطفالهن في الوقت الذي اصطفّت فيه الباقيات في صفٍ طويل ليتم تفتيشهن بدقّة من قبل مقاتلات من قسد. وعند سؤال البعض منهن عن أصولهن, أجابت ثلاثة منهن نفس الجواب: «نحن ننتمي إلى الدولة الإسلامية».

بينما تؤكد امرأةٌ أخرى وهي ترضع طفلها حديث الولادة بأنها قادمة من ريف دير الزور, وتضيف بفخر: «من قال أننا كنا جائعين هناك؟». وذلك ردّاً وتكذيباً لرواية بعض العائلات التي قالت بأنها هربت من آخر جيوب تنظيم داعش بسبب الجوع.

ويبين التقرير، بأن الكثيرات ممن تم إخلائهنّ مؤخراً لا يخفين شعورهن بالمرارة برؤية دولة “الخلافة” تتقلص وتتلاشى.

ففي ذروتها في عام 2014, بلغت مساحة دولة “الخلافة” في كلّ من سوريا والعراق ما يعادل مساحة بريطانيا العظمى، أما اليوم, فلم يعد يسيطر التنظيم المتطرف، سوى على بضعة بيوت على الحدود السورية العراقية.

صورة تعبيريّة من أرشيف غوغل

وتختصر جهادية وأم شابة الوضع بقولها: «الأمور تعقدت الآن». وتضيف بحزمٍ: «نحن لم نكن نريد الخروج بالأساس. ولولا أن الأمر قد جاء من الخليفة, مشيرة إلى أبو بكر البغدادي الذي لا يزال مختفياً, لما كنا لنغادر». وتختم حديثها وهي مختبئةً وراء نقابها بالقول: «أتمنى عودة الخلافة الإسلامية وتوسعها لتشمل جهات العالم الأربعة».

وفي الجهة المقابلة ينتظر الرجال وهم واقفون في صفٍّ طويل ليتم تفتيشهم أيضاً، ومن بين هؤلاء الرجال, رجلٌ مبتور الساق وهو يحاول بساقه الاصطناعية وعكازته متابعة الحركة بصعوبة، في حين يغتنم الآخرون الوقت الضائع في إقامة الصلاة.

بينما تنتظر النساء أيضاً وأحياناً مع أطفالهن الصغار ومع حقائبهم بعد أن تم فصلهن عن الرجال. وعند سؤال إحدى تلك النسوة المنتظرات عن السبب الذي دفع نساء وأطفال الجهاديين إلى مغادرة آخر معاقل تنظيم داعش هذا الأسبوع, تجيب تلك المرأة متأسفةً: «قسد تنوي شن حملة عسكرية, ونحن النساء والأطفال لا حول لنا ولا قوة للدفاع عن أنفسنا».

ويُذكر أن قسد والتحالف الدولي قد أبطأوا من حملتهم ضد تنظيم داعش والذي يتهمونه باستخدام المدنيين كـ “دروع بشرية”, على أمل إخلاء أكبر عدد ممكن من هؤلاء المدنيين. ومنذ يوم الأربعاء الماضي, غادر حوالي خمسة آلاف شخص المعقل الأخير لتنظيم داعش.

لكن الجهادية أم عبد الرحمن كان لها رأياً آخر. حيث تقول: «لقد كنا خائفين من القصف فقط وليس من أي شيءٍ آخر ولا حتى من الجوع. الخلافة الإسلامية لن تختف إن شاء الله». فأم عبد الرحمن هذه قد خرجت مع زوجها الذي يدّعي تخليه عن القتال بسبب إصابته في إحدى المعارك.

صورة تعبيريّة من أرشيف غوغل

وتضيف هذه الجهادية مؤكدةً: «لقد كنا نعيش بخير, فبالنسبة لنا لم يكن هناك لا تطرفٌ ولا سواه»، وعند سؤالها عن دور أبو بكر البغدادي ومصيره, تروي أم عبد الرحمن: «كنا نستمع إلى خطاباته. فقد كان كل العالم يتابع هذه الخطابات». وتضيف: «نحن نتشرّف بأن يكون هو خليفتنا».

وكان الظهور العلني الشهير للبغدادي في يوليو تموز عام 2014 في مسجد النوري في الموصل, والتي تم استعادتها من براثن تنظيم داعش بعد ظهور البغدادي ذاك بثلاثة سنوات. ومنذ ذلك الحين, والبغدادي يتوجه لأنصاره وللعالم عبر التسجيلات الصوتية والتي يعود آخرها لشهر أغسطس آب عام 2018, أي بعد ثمانية أشهر من إعلان العراق النصر على تنظيم داعش.

وتختم فرانس برس تقريرها بالإشارة إلى أنه إن كان الغضب وعدم الثقة هما من يُسيّرا العديد من النساء اللواتي تم إخلائهن من آخر جيوب تنظيم داعش, فإن أخريات من تلك النسوة لم تستطعن إخفاء فرحتهن بالخروج.

حيث تقول صباح محمد شهاب, وهي من أصولٍ حلبية وأم لطفلة عمرها ثلاثة أشهر, واصفةً واقع الحال هناك: «لم يعد من الممكن البقاء في الداخل ولا حتى الخروج! وذلك بسبب المبالغ الضخمة التي كان يطلبها المهربون هناك». فقد كان بعض المهربون يطلبون ما يصل إلى ألفي دولار للشخص الواحد. لتختم بعدها حديثها بصوتٍ واحد مع جارتها: «نحن سعداء بأننا خرجنا أخيراً».


تحرير- فريد إدوار

الصورة المُرفقة تعبيريّة من أرشيف غوغل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.