ترجمة خاصة- الحل العراق

نشر مركز الشرق الأوسط للتحقيق والتحليل (MECRA) تقريراً تناول فيه تصريحاتٍ صدرت مؤخراً لكبار المسؤولين في الحكومة الإيرانية تشير إلى زيادة نفوذ إيران في العراق, إضافةً إلى توقعاتهم بسحب الولايات المتحدة الأميركية قواتها من العراق مع نهاية العام الحالي.

فخلال الخطاب الذي ألقاه في مدينة بابل الواقعة شمالي إيران ونُشر في /21/ فبراير شباط الجاري, أكد قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، «أن أفضل وأقرب صديق لإيران اليوم هم قادة العراق”.

مُشيراً إلى دور إيران في المنطقة واستعداد قوات الحرس الثوري الإيراني لأن يكونوا “شهداء” في معركتهم ضد العدو.

فيما  أشار علي شمخاني, سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني, إلى أن انسحاب القوات الأميركية من سوريا لن ينتهِ بهذا الحد, إنما قد يشمل تقليصاً لقواتهم المتواجدة في العراق أيضاً.

قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني

ويشير التقرير، إلى أن هذان البيانان يشكلان جزءاً من خطابٍ مفتوح موجه من إيران متجاوزاً حدود التصريحات المعتادة فيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، كما يشيران إلى الاهتمام الإيراني بالوجود الأميركي في العراق وتوقعات كبار قادة النظام الإيراني في طهران بأن الانسحاب الأميركي من سوريا يمكن أن يخدم مصالح إيران إذا ما تمكنت الأخيرة من ممارسة الضغوط على حلفائها في العراق أيضاً.

وأشار شمخاني إلى الدعم الوثيق الذي قدمته إيران إلى سوريا قائلاً: «برأيي, فإن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلق بسحب قواته من سوريا، جاء نتيجةً للحقائق التي تفرضها المنطقة على الولايات المتحدة».

القرار الأميركي بتخفيض عدد قواته في سوريا، جاء مستنداً إلى قراءة واشنطن للحقائق على أرض الواقع، في وقتٍ لفت، شمخاني، إلى وجود حساسيات كبيرة تجاه التواجد العسكري للقوات الأميركية في العراق، قائلاً: «يقال أنه من المفترض أن يتم نقل القوات الأميركية التي سوف تنسحب من سوريا إلى العراق, لكن العراق حكومةً وبرلماناً وشعباً يرفضون وبشدّة وجود تلك القوات على أراضيهم».

وأضاف، «برأيي, سوف تضطرّ الولايات المتحدة الأميركية إلى الانسحاب مما تبقى من المنطقة مع حلول نهاية العام الحالي».

إلا أن ترامب, وفي بيانٍ كان موقع جدلٍ في العراق, أعلن أن القوات الأميركية المتواجدة في العراق سوف تعمل على «مراقبة إيران».

لكن شمخاني دعم تنبؤاته بالإشارة إلى اعتقاد إيران بوجود انقسامات بين حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، حيث يرى أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لا تعتمدان السياسة ذاتها وأن الكويت وسلطنة عُمان وقطر يرغبون في تقليل حدّة التوتر مع إيران.

علي شمخاني سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني

وتزامنت تصريحات شمخاني مع ادعاء إيران تمكّنها من تأكيد صحة لقطات ملتقطة لطائرة أميركية من دون طيار تُحلّق فوق سوريا والعراق.

من جانبه صرّح قائد سلاح الجو الإيراني الجنرال (أمير علي هاجيزاده) أن إيران تمكّنت من رصد ثمانية لقطات لطائرات أميركية من دون طيار, وأنها نشرت تصوير فيديو يُظهر طائرة دون طيار أُرسلت لإتلاف طائرةٍ أخرى من دون طيار كانت قد سقطت.

وبحسب وكالة أنباء (Press TV) الإيرانية, فإن الولايات المتحدة تخشى من أن طائرة لها بدون طيار, والتي تزعم أنها كانت تعاني من عطلٍ ميكانيكي, قد سقطت وأن “قوات المقاومة في العراق وسوريا” قد استولوا عليها. حيث تشير طهران إلى العراق بـ سوريا والعراق على اعتبارهما دولةً واحدة, كما تستخدم مصطلح “المقاومة” في الإشارة إلى الجماعات المتحالفة مع إيران مثل حزب الله.

كما يشير التقرير، إلى أن تعليقات سليماني بشأن التحالف الوثيق بين الحلفاء الإيرانيين في العراق وطهران تعتبر علامةً مهمةً أيضاً، حيث ليس من عادة سليماني إلقاء خطابات عامة مطوّلة، إلا أن هذا الخطاب تضمّن تهديدات موجهة لكل من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية بالإشارة إلى الهجوم المسلح الذي وقع في الثالث عشر من شهر شباط الحالي في محافظة سيستان وبلوشستان والذي أسفر عن مقتل أكثر من عشرين مقاتلاً من قوات الحرس الثوري الإيراني.

وعن إشارة سليماني إلى قادة العراق, يرى التقرير أنها قد تكون بسبب معرفة سليماني الخاصة والعميقة بالعراق كونه قائد قوات القدس, كما أنه قد ساعد في تقديم المشورة للعراق بشأن حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وعن مؤشرات اهتمام إيران الوثيق بشأن التغيّرات التي طرأت على القوات الأميركية بين سوريا والعراق, يشير التقرير إلى بيان مشترك صدر بعد لقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في سوتشي في الثالث عشر من شهر شباط الحالي. حيث أشار البيان إلى أن قرار الولايات المتحدة المتعلّق بسحب قواتها من سوريا، سوف يساعد على تعزيز الأمن والاستقرار إذا ما تم تنفيذه.

جنديان أميركيان في العراق- أرشيف غوغل

ويأتي هذان البيانان، في سياق تكثيف التغطية الإعلامية الإيرانية للتهديدات الموجّهة إلى القوات الأميركية المتواجدة في العراق. ففي الثاني من شهر شباط الحالي نشرت وكالة (Press TV) مقالاً توضح فيه كيف قامت ميليشيا شيعية مرتبطة بوحدات الحشد الشعبي باعتراض طريق دورية أميركية بالقرب من الموصل.

كما زعمت مقالة أخرى نشرت في الخامس عشر من شهر كانون الثاني الماضي بأن وحدة من قوات الحشد الشعبي اعترضت طريق بعثة للولايات المتحدة في محافظة الأنبار. كما كانت إيران قد أعلنت العام الماضي بأن القواعد الأميركية تقع ضمن مدى صواريخها الباليستية.

ويختم MECRA تقريره بالإشارة إلى أهمية ملاحظة أن وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة باللغة الفارسية، تؤكد وجود علاقات وثيقة مع العراق, بينما تميل عناوينها في الوسائل الناطقة باللغة الإنكليزية إلى تأكيد معارضة العراقيين لوجود القوات الأميركية في العراق.

فعلى سبيل المثال, أكد مقال نشر في السابع والعشرين من شهر كانون الأول من العام الماضي في صحيفة مهر نيوز على أن: «النواب العراقيين يدينون زيارة ترامب إلى العراق ويطالبون بالانسحاب الأميركي من بلادهم».

من جهته أشار تقرير نشر في (Press TV)إلى مضايقات تعرضت لها القوات الأميركية في الأنبار والموصل, وكلاهما منابر ناطقة باللغة الإنكليزية. في إشارة إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية المؤيدة للنظام تسعى إلى تجسيد حالة معارضة العراق للوجود الأميركي على أراضيه.

في حين تصوّر العراق على أنه حليفٌ رئيس لإيران، مسلّطةً الضوء على نفوذ إيران في العراق.

وبالنظر إلى ما ورد في التقرير, تتشكّل صورة واضحة عن موقف طهران العدواني بشأن تواجد القوات الأميركية في كل من العراق وسوريا، ويؤكد ذلك اعتقاد كبار المسؤولين في النظام الإيراني، بأنه يمكن لإيران أن تضغط على الولايات المتحدة لسحب قواتها من العراق أيضاً بعد أن يتم ذلك في سوريا فعلاً.


تحرير- فريد إدوار

الصورة المُرفقة تعبيريّة من أرشيف غوغل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.