بغداد – علي الكرملي

”للتو شعوراً بعراقيتهم فعلاً، لم يعد أمامهم الحاجز الذي يمنع من تشغيلهم أو حصولهم على أية وظيفة أو التعليم في أي مدرسة، الآن قد كسرت جميع القيود التي كانت سبباً في حرمانهم حتى من الاحترام  والتقدير“، تقول الصحفية والناشطة #منار_الزبيدي التي تكفّلت بمسؤولية وقضية «#غجر_العراق» على عاتقها.

”في بادئ الأمر أعددت تقريراً صحفياً عن حياتهم، لكن بعد أن لمستُ معاناتهم خلال فترة إعداد التقرير، قرَّرتُ القيام بحملة للمدافعة عن حقوقهم، فأطلقت الحملة في اواخر 2016 تحت وسم «#الغجر_بشر»، تقول الزبيدي لـ «الحل العراق»، ”كانت الحملة عبر بيج «چاي وخبز»، وبعد أن انتشرت عبر الفيسبوك، انضم لنا عدد من الناشطين؛ لنعلن عن تشكيل فريق تطوعي اتخذ اسم «أنا انسان»، تُضيف.

الصحفية والناشطة العراقية منار الزبيدي- أرشيفية

إن من أهم العوامل التي ساعدت في إنجاح الحملة وفق الزبيدي، هو دعم رجال الدين لحق #الغجر في البطاقة الوطنية وهم «الشيخ عبد الله الخطيب، ومدير مكتب #مقتدى_الصدر هادي الدنيناوي، وخطيب المنبر الديني السيد علي الطالقاني»

وكانت #وزارة_الداخلية_العراقية قد منحت في (3 نيسان) الجاري، أول بطاقة وطنية موحدّة دون إشارة أو أي تمييز كما كان يُعمل في السابق مع الغجر في العراق، لتصل إلى حد الأمس عدد البطاقات الممنوحة للمواطنين الغجر /9/ بطاقات وطنية موحدة.

الغجر الذين ينحدرون من أصول تعود إلى شبه الجزيرة الهندية، تعرّضوا على امتداد الحكومات العراقية المتعاقبة إلى الظلم والاضطهاد والحرمان من أبسط حقوق المواطنة العادية، فكانوا لا يُمنحون #الجنسية_العراقية، فقط يمنحون شهادة الجنسية العراقية مرفقة بعلامة تمييز كإشارة حقيقية للاضطهاد الحاصل بحقهم.

ويُمنع الغجري من التوظيف في أي وظيفة وفي أي سلك من مسالك #الدولة_العراقية، كما ويُحرم الكثير منهم من حق التعلم في المدارس، ويعيشون (قسريّا) في مناطق معزولة، نائية، ومنغلقة فيما بينهم دون الاختلاط مع الغير، وتفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم، لا ماء ولا كهرباء، وبيوت من طين والأكوام حولهم من كل حدب وصوب.

الباحث في شؤون الأقليات، سعد سلوم، يقول لـ «الحل العراق»، إن سبب منع الغجر من حق الهوية كما الحقوق الأخرى، لا يعود لسبب مباشر خاص بالغجر أنفسهم، إنما ذلك يعود لرؤية النظام السابق الطامح لتطبيق مشروع الدولة العُظمى، فليس الغجر وحدهم من تم ظلمهم، بل معهم عدد من المكونات العراقية الأخرى على اختلاف دياناتها واثنيتها ومذاهبها، كما #الكرد_الفيليين مثلاً أو #البهائية و#الكاكائية، ”ذلك لأن تلك المكونات لا تتطابق ورؤية النظام السابق الطامح لمشروع هوية الدولة العربية الكُبرى“.

الباحث في شؤون الأقليات، سعد سلوم- أرشيفية

”إن تلك الخطوة في إعطاء الغجر البطاقة الوطنية الموحدة هي اعتراف رسمي بدستورية المادة 14 في #الدستور_العراقي الدائم لعام 2005 التي تنص على أن جميع العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين، كما هي بادرة حَسنَةً في سبيل الاعتراف ببقية الأقليات غير المعترف بها رسمياً، والتي منها «البهائية، الكاكائية، و#الزرادشتية»، تلك الخطوة هي اعتراف رسمي بوجود التنوع في #العراق“، يضيفُ سلّوم.

في عام 2016 نظم مجموعة من الناشطين والناشطات في محافظة #الديوانية بالتعاون مع الناشطة منار الزبيدي حملة «#الغجر_بشر» من أجل الضغط على الحكومة المحلية لبناء مدرسة في قرية الزهور التي يقطنها الغجر من أجل أن يدخل أطفالهم للمدارس، إذ لا توجد لديهم مدرسة، سوى واحدة تم تهدينها على أيدي متطرفين بعد عام 2003 ومن ذاك بقوا دون مدرسة ودون تعليم، والمدرسة هي ذاتها أول مدرسة شُيّدت للغجر في العراق في قرية الزهور عام 1964.

نجحت تلك الحملة، وحقّقت تفاعلاً كبيراً في مواقع السوشيال ميديا، وفي الشارع الديواني والعراقي، لتنتقل بعد ذلك إلى حملات أخرى لدمج أطفال الغجر مجتمعياً، ولإدخالهم في برامج توعية صحّية وتنمية قدراتهم ومهاراتهم، وكذلك إقراض النساء الغجريات بمبالغ مالية معينة من أجل أن يُنشِئنَ لأنفسهن مشاريع خاصة تمكنهن من العيش بكرامة بعيداً عن التسول، كل تلك الحملات كانت من أجل إلفات الجهات الحكومية بحقوق الغجر الطبيعية.

تقول عضو #مجلس_النواب_العراقي أنعام الخزاعي لـ «الحل العراق»، إن منح البطاقة الوطنية للغجر لم يأتِ عبثاً، ولم يكن محض صدفة أو دون تخطيط مسبق، بل كان وفق استراتيجية خاصة وُضِعَت من قبل كتلتنا لأجل إنصافهم بحق الحصول على الجنسية، وبعد جهود حثيثة ومتواصلة نجحنا أخيراً في تحقيق المُبتغى.

صورة تعبيرية- أرشيفية

”كانت المسؤولية تكاملية، لم نكن بمفردنا، صحيح لم يكن معنا أي جهة سياسية، لكن من كان معنا هي مجموعة من الفرق التطوعية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، كلها تظافرت في سبيل تصحيح المسار المغلوط وانتشال الغجر من التمييز العنصري الممنهج بحقهم، فهم في أول الأمر ونهايته مواطنون طبيعيون حالهم حال بقية الطيف العراقي المنتشر في كافة أرجاء العراق“، تُبيّن النائبة عن كتلة سائرون البرلمانية.

يطلق على غجر العراق مفردة «الكاولية»، وتقدر إحصائية وزارة التخطيط العراقية عددهم بنحو 50 ألف نسمة عام 2005، وتختلف الأبحاث في مصدر تسمية “الكاولي”، إذ يعتقد البعض أنها تعني «كابولي»، أي قادم من #كابول عاصمة #أفغانستان، حيث أن مدينة كابول تسيطر على المدخل الغربي لممر خيبر الواصل بين #السند وأفغانستان، وهذا ما يتفق معه اللغوي العراقي العلامة مصطفى جواد.

بينما يحيل عالم الاجتماع حميد الهاشمي أصل تسمية «كاولية» إلى قبائل هندية كانت بعض نسائهم تمتهن الجنس والرقص كخدمة دينية لرجال الدين، أو بالأجر لآخرين، ومنهن من كن في معبد الملك «كاول»، فانتسبوا إلى الملك كاول تشرفاً وتعظيماً لأنفسهم، وأطلق عليهم الاسم «الكاولي».

يعود تاريخ وجود الغجر في العراق الى ما قبل تأسيس الدولة العراقية عام 1920، ينتشرون في محافظات العراق المنقسمة بين جنوبه وشرقه وأوسطه، إذ يتمركز كثر منهم في الديوانية، البصرة، ديالى، وفي بغداد بمنطقتي الكماليّة والفضيلية.

يمتهن الغجر في العراق مهنة #الرقص و#الغناء و#العزف على الربابة، وللغجر تاريخ فني عريق، فمن أبرز الأسماء الفنية الغجرية هي «الممثلة هند طالب، والراقصة #ملايين، #صبيحة_ذياب، والمطربة #ساجدة_عبيد، و#حمدية_الصالح، إضافة إلى #غزلان»، هذا غير الفائزة بلقب«the voice»  بموسمه الرابع في العام المنصرم المطربة #دموع_تحسين.


هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.