النظام ينفق كل موازنة عام ٢٠١٩ لربح «معركة القمح» ضد «الإدارة الذاتية»

النظام ينفق كل موازنة عام ٢٠١٩ لربح «معركة القمح» ضد «الإدارة الذاتية»

(الحل) – في سيناريو مشابه للعام الماضي، اشتعلت جولة جديدة من «معركة شراء #القمح» بين حكومة النظام،  والإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال شرق سوريا، التي تسيطر على مناطق غنية بزراعة القمح، إذ يتسابق الطرفان إلى شراء كميات أكبر منه من الفلاحين.

ويعتبر القمح السوري من النوع الطري، الصالح لإنتاج #الخبز، الذي يعد الوجبة الرئيسة في #سوريا، في حين يستخدم القمح القاسي لصناعة #المعكرونة والمعجّنات. واعتمد التنافس بين النظام والإدارة الذاتية على من يقدّم إغراءات أكثر للفلّاحين، عبر رفع أسعار شراء القمح منهم.

ويرصد موقع «الحل» في هذا التقرير، التنافس بين النظام والإدارة الذاتية على شراء القمح، إضافةً إلى احتمال تحمّل النظام خسائر بسبب قراره رفع سعر الشراء من الفلاحين.

ويبدو أن النظام وقع في بين خيارين، الأول هو الاستمرار بعرض سعر منخفض لشراء القمح من الفلاحين، ما يجعله خاسراً للمعركة أمام الإدارة، والثاني رفع السعر وتلقّي خسائر #اقتصادية أكبر من قدراته، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة على مدار ثمانية أعوام. بالمقابل، فإن #الإدارة_الذاتية طرحت ميزانية تفوق ميزانية النظام بنحو ضعفين، ويبدو أنّها مرتاحة اقتصادياً من جهة تمويل شراء المحصول بالسعر المطلوب.

الإدارة الذاتية تخصص نحو 3 أضعاف المبالغ التي خصصها النظام

في السادس والعشرون من شهر #نيسان الماضي، أعلنت الإدارة الذاتية أنّها خصّصت ٢٠٠ مليون دولار أمريكي لشراء محصول القمح من المزارعين في المناطق التي تديرها، ولا سيما محافظة الحسكة الغنية بالمحصول.

وقال الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية، (سلمان بارودو)، إن المراكز والصوامع تم تجهيزها لاستلام كميات القمح، من خلال الكوادر العاملة وأمناء المستودعات وأمناء صناديق لعملية الاستلام والتسليم.

وأضاف لوكالة “ANHA” للأنباء، أن المراكز والصوامع والمستودعات تستوعب أكثر من 700 ألف طن، ورصدت هيئة الاقتصاد والزراعة لشراء القمح 200 مليون #دولار.

لم تمضِ أيام قليلة على هذا الإعلان، حتّى أعلن النظام عن تخصيص مبلغٍ 400 مليار ليرة لشراء محصول القمح، لكن ميزانيته لم تكن منافسةً للميزانية، التي طرحتها الإدارة الذاتية.

وقال رئيس حكومة النظام، عماد خميس خلال انعقاد المؤتمر السنوي الخاص بشراء وتسويق محصول الحبوب لعام ٢٠١٩، إن حكومته خصصت مبلغ ٤٠٠ مليار ليرة (قرابة ٧٠ مليون دولار) لشراء القمح من الفلاحين حيث يكون الدفع فورياً.

وذكرت صحيفة «الوطن» المقربة من النظام نقلاً عن خبراء حضروا المؤتمر، أنّهم توقّعوا أن يكون إجمالي إنتاج القمح في سوريا هذا العام نحو ٢.٧ مليون طن، ما يعني أنّه موسم وفير يضع حدّاً لاستيراد الطحين من #روسيا، ولا سيما أن مجمل محصول الموسم الماضي بلغ ١.٢ مليون طن فقط، وذلك وفقاً لتقرير أصدرته منظمة الأغذية والزراعة العالمية «فاو».

كما نقلت الصحيفة في تقريرٍ منفصل عن مدير المؤسسة السورية للحبوب، «يوسف قاسم»، قوله إنه «تم تجهيز ٣٧ مركزاً لتخزين موسم ٢٠١٩ وتم تأمين جميع المستلزمات المطلوبة لهذه المراكز».

وبعد تخصيص النظام مبلغ ٧٠ مليون دولار لشراء القمح، رفع سعر شراء القمح من الفلاحين للموسم الحالي.

وقال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابع للنظام، (عاطف نداف) إن «الحكومة اتخذت قراراً بتحديد تسعيرة ١٨٥ ليرة سورية للكيلو غرام الواحد لشراء القمح من الفلاحين، بزيادة عشر ليرات عن سعر العام الماضي».

وكانت حكومة النظام، اشترت القمح من الفلاحين العام الماضي بمبلغ ١٧٥ ليرة سورية، في حين لم تحدّد الإدارة الذاتية حتّى الآن سعر شراء القمح من الفلاحين، ولكن التوقّعات تشير إلى نيّتها طرح سعرٍ أعلى من سعر النظام، وذلك بهدف إغراء الفلاحين.

ميزانية حكومة النظام لن تكفي سوى لتأمين القمح والوقود والرواتب

وفي هذا السياق، اعتبر الدكتور أسامة قاضي رئيس «مجموعة عمل اقتصاد سوريا» لموقع «الحل» أن رفع النظام لسعر القمح سيؤدّي إلى رفع أسعار السلع الأساسية.

وأضاف قاضي أن «قرار النظام برفع سعر استلام محصول القمح من الفلاحين إلى ١٨٥ ليرة للكيلو سرعان ما سيترجم إلى ارتفاع بالأسعار، إذ سيكلف حكومة النظام دفع ٢.٥ مليون طن قمح مبلغ ٤٦٢ مليار ليرة».

وبحسب القاضي، فإن هذا الرقم لو أضيف له مبلغ ١٧٦٦ مليار ثمن وقود حيث هنالك حاجة حسب وزير النفط إلى ٨.٨ مليون دولار يومياً، وكتلة رواتب مليون ونصف موظف قطاع عام، وتبلغ ما لا يقل عن ١٢٦٠ مليار ليرة سنويا، فهناك حاجة لما لا يقل عن مبلغ ٣٤٨٨ مليار ليرة فقط من أجل القمح والوقود والرواتب، وهذا يلتهم تقريباً كل موارنة ٢٠١٩ البالغة ٣٨٨٢ مليار.

ولفت «قاضي» إلى أنه «بموجب ذلك لن يبقى أموال للإنفاق الاستثماري أو الصحة أو الإعمار أو الكهرباء أو الاعلام وبقية بنود الموازنة، وذلك فضلاً عن حجم الإنفاق العسكري الهائل غير المعلن».

وأوضح أن «سياسات النظام الاقتصادية وتأجيله الحل السياسي سيؤدي إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي، ونفاذ الموازنة قبل انقضاء العام والحاجة للمزيد من العملة المحلية، ما سيدفع النظام لطباعة المزيد من العملة خاصة بعد انعدام إمكانية الاستدانة من إيران بعد توقف آخر خط ائتمان الشهر حزيران ٢٠١٨».

وختم الدكتور «قاضي» أن «هذا كله سيؤدي بالضرورة إلى انخفاض القوة الشرائية أكثر، وارتفاع الأسعار ما يزيد من معاناة السوريين التي تتفاقم يوماً بعد يوم منذ تسعة سنوات، ناهيك عن معاناة السوريين تحت القصف والمعتقلين والنازحين واللاجئين».

 

إعداد: منار حداد – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.