تتكلم نورا بنفس الخوف الذي أحست به عندما أمسكها الداعشي من كتفها وشدها تمهيداً لاعتقالها. تتلفت حولها، فلا تريد أن تعيد نفس الذكريات السيئة التي مرت بها، ولا أن يسمع أحد من حولها القصة من جديد، ليبدأ مسلسل التأنيب الذي لا ينتهي لما يسمونه الفضيحة التي تسببت بها.

 

تبدأ الحكاية بالقول: 

اسمي “نورا.ع”، قصتي بدأت مع دخول داعش إلى مدينة الرقة وفرضه للنقاب. في البداية لم نلتزم بالنقاب لأننا بالأصل غير معتادين عليه ولم يكن متوفراً لدي أصلاً.

في أحد الأيام نزلت مساء إلى السوق بصحبة أختي وابنها الصغير، وكون النقاب كان مفروضاً ولم يكن متوفراً لدي، قمت بلبس مايسمى بلهجتنا المحلية “ملفع” وغطيت به وجهي ونزلت إلى السوق لقضاء حاجاتنا وأنا أحمل ابن أختي الصغير بين يدي. 

تضيف “نورا” بالقول: أثناء مرورنا بالسوق قام ابن اختي برفع الغطاء عن وجهي وإسداله مرات عديدة، كان يحاول اللعب معي وكان أصلاً مستهجناً رؤيتي بغطاء للوجه.

الوقت كان مساءً والشمس في طريقها للغروب. وصلت إلى المحل وإذ بصاحبه يقول لي “انتبهي هناك داعشي يلاحقك”. عدلت “نورا” غطاء وجهها بعد تنبيه البائع، وقضت حاجتها وغادرت المحل.

وإذ بداعشي من أصل مغربي استوقفها وبدأ بالكلام والصراخ، تقول “نورا”: لم أفهم منه سوى أنه من الحسبة. التم الشباب من حولي على صراخه.

حاولت إكمال طريقي بعد أن فهمت أنه يصرخ من أجل عدم التزامي بالنقاب، حاولت أن أشرح له أن ابن أختي كان يلعب معي وبأننا لم نعتد عليه بعد لكن دون فائدة، فشدني من كتفي بقوة، هنا أنا صرخت وقلت له كيف تمسكني من كتفي وأنت تدعي أنك هنا لتطبيق الإسلام.

تابعت طريقي وإذا به يمسك يدي ويجرني من يدي، وإذ يتزامن ذلك مع مرور خالي من جانبنا، ناديت عليه ليفهم القصة وماذا يجب أن أعمل لأتخلص من هذه الورطة.

تتابع “نورا” بالقول: أنا لم أكن خائفة فقط بل كنت أحسب نفسي قد متّ من الخوف.

تكلم خالي مع الداعشي الذي قال أنه لابد من أذهب للحسبة لتتم معاقبتي على تصرفي بالجلد، وليتم تعليمي اللباس الشرعي.

خالي قال له سنشتري لها اللباس الشرعي، ولكن الداعشي أصر على ذهابي للحسبة وأحضر سيارة تابعة لها، فركبت أنا وخالي معاً وانطلقنا وإحساس أني ميتة لا محالة لا يفارقني.

بعد طول جدال ونقاش، فيما يتعلق بموضوع الجلد، وافقوا على عدم جلدي وأن أكتفي بشراء اللباس الشرعي وكنت لا أتوقف عن ترجيهم بألا يضربوني.

عدت للبيت ومعي خالي، كنت أرتجف من الخوف، وإذ بأبي يبدأ بالصراخ وينهال علي بالضرب، ويقول لي “فضحتينا ماذا ستحكي علينا الناس والجيران بعد اليوم”. 

من شدة الضرب والألم اعتقدت أني سأموت، لم يكتفي أبي بضربي بل أخي أيضاً ضربني وكأن الضرب الذي ضربني إياه والدي لم يكن كافياً، كانت كلمة الفضيحة لا تفارق صراخهم، كنت أعجز بكل معنى الكلمة.

تم حبسي في المنزل عقاباً على “الفضيحة” التي تسببت بها لأهلي، ولكن عندما بدأ أهلي بسماع تلفيق الدواعش التهم للبنات بحجج عدة، قال لي والدي بإمكانك الخروج من المنزل ولكن شريطة التزامك باللباس الذي فرضه الدواعش تجنباً لأية مشاكل. وكانت هذه هي قصتي مع الخوف.

 

نقلاً عن تاء مربوطة، وهي مؤسسة مدنية محلية تنشط في مجال قضايا المرأة ودعمها وتأهيلها وتمكينها في مناطق شمال سوريا.

(مصدر الصورة: الجزيرة نت)

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.