تقرير – (الحل) تشهد مناطق “خفض التصعيد” شمال غربي #سوريا منذ شباط الماضي، حملة #عسكرية واسعة تنفذها قوات النظام مدعومةً بإسناد جوي روسي.

وأجبرت الحملة مئات الآلاف من المدنيين على ترك منازلهم وقراهم باتجاه الأحراش والأراضي #الزراعية، ليجدوا أنفسهم أمام معاناة من نوع جديد، يرافقها استغلال بطرق متعددة تبدأ بشراء ما استطاعوا أن يحملوه من منازلهم التي تركوها خلفهم بأبخس الأثمان، مروراً بعرقلة وصولهم إلى مناطق أكثر أمناً، ولا تنتهي عند مطالبتهم بدفع مبالغ مالية مقابل وضعهم في خيم بالية، أو حتى جلوسهم تحت ظل الأشجار.

ووجد العديد من الباعة المتجولين أو كما يطلق عليهم اسم “السماسرة” وأصحاب الأراضي الزراعية، وكذلك بعض الجهات المحسوبة على ما يسمى “حكومة الإنقاذ” في تدفق النازحين من ريفي إدلب الشمالي وحماة الجنوبي فرصة لمضاعفة أرباحهم، وعجز المنظمات الإنسانية عن تلبية احتياجات النازحين الذين وصل عددهم لأكثر من نصف مليون.

سماسرة “الأدوات المنزلية

اضطر (أبو وليد) وهو أحد النازحين من ريف حماة الغربي إلى ترك منزله قبل نحو شهرين بعد اشتداد القصف على قريته، فقرر أخذ “عفش” منزله بما يحويه من أدوات كهربائية ومفروشات خشيية، فيقول “إن لم يدمر منزلي جراء المعارك الدائرة فحتماً سيأتي جنود النظام ويسرقون محتويات #المنزل، لذلك قررت أخذها معي، لكن بعد أيام من وصولي إلى منطقة أطمة (الحدودية مع تركيا) ومبيتي مع عائلتي لأيام عديدة تحت الأشجار، اضطررت إلى بيع عفش المنزل لأحد الباعة المتجولين الذين أتوا خصيصاً لشراء الأثاث من النازحين”.

وأضاف “اتفقت مع أحد السماسرة على عملية البيع، لكنه دفع مبلغ 150 دولار فقط، وهو أقل من ربع ثمنها الحقيقي، مستغلاً حاجتي المادية، وعدم وجود مكان لوضع الأثاث”.

ولم يتوقف الاستغلال على الباعة المتجولين في أماكن النازحين فقط، بل عملت المحلات المختصة ببيع الأدوات المنزلية في المناطق “الآمنة” بنفس الطريقة، إذ قال “فراس العلبي” وهو أحد نازحي ريف إدلب الجنوبي إلى بلدة سرمدا التي تعتبر أكثر أمناً إن “استغلال النازحين بات أمراً شائعاً في المناطق التي لا تشهد عمليات عسكرية، فبمجرد معرفة البائع أنك نازح، فهذا يعني أنك فريسة لتحقيق الربح منها، وهو ما حصل معي عند بيع الأدوات الكهربائية التي اصطحبتها معي من منزلي”.

وأضاف العلبي، “عرضت على عدة بائعين في المنطقة هذه الأدوات، وكان أفضل سعر لها (براد، غسالة، غاز، تلفزيون) لا يعتدى 50 ألف ليرة، علماً أن الغسالة لوحدها يتجاوز سعرها 100 ألف، فأجبرت على القبول نظراً لسوء أوضاعي المادية، وهذا ما حدث مع معظم النازحين الذين أتوا إلى المنطقة”.

أشجار للإيجار

لم يكن الباعة المتجولون وسماسرة الأدوات المنزلية وحدهم من يستغل حاجة النازحين الهاربين من القصف، بل وجد أصحاب الأراضي الزراعية في بعض المناطق كـ(كفرلوسين، أطمة، عقربات) في ريف إدلب الشمالي والمحاذية للحدود السورية التركية فرصة لتحقيق الكسب المادي من وراء النازحين.

وقال (بشير العبدو)، وهو أحد العاملين في المجال الإغاثي في المنطقة لموقع الحل إن “الجلوس تحت ظل الأشجار أو التخييم بشكل مؤقت، أصبح بمقابل مادي، يقرره صاحب الأرض، فالأهالي الذين يرغبون بالبقاء في الأراضي الزراعية والجلوس تحت أشجار الزيتون يضطرون إلى دفع مبلغ 10 آلاف ليرة شهرياً لصاحب الأرض، مقابل بقائهم فيها”.

وأضاف “بعض أصحاب الأراضي، قاموا ببناء خيم جاهزة، مقسمة إلى مطبخ وحمام وغرفة مقابل 50 ألف ليرة سورية تدفع أول مرة، لمساحة لا تتجاوز العشرة أمتار، ومن ثم يتفق على مبلغ شهري مقابل سكن العائلة في الخيمة”.

وفي السياق ذاته، كشف مصدر محلي في إدلب (فضل عدم ذكر اسمه) لدواعٍ أمنية عن قيام ما يسمى (هيئة إدارة المهجرين) التابعة لـ (حكومة الإنقاذ) بشراء مجموعة من الأراضي بالقرب من المناطق الحدودية، وتأجيرها للعديد من المنظمات الإنسانية، لتحقيق أرباح مادية، إضافة إلى حصولها على نسبة من الدعم سواء كان مشاريع خدمية أو إغاثية”.

وأوضح المصدر أن “عمل الهيئة لم يقتصر على شراء الأراضي، بل الاستيلاء على الأراضي ذات الملكية العامة وتأجيرها لتلك المنظمات، إضافة إلى فرض الإتاوات بنسبة 40% على الجانب الإغاثي والخدمي والمنظمات، وبيع الخيم للنازحين بسعر يتراوح بين 100 إلى 150 دولار، علماً أن هذه الخيم مقدمة من المنظمات العاملة بالمنطقة بشكل مجاني”.

درع الفرات: تدقيق أمني وإيجارات بالدولار!

وسط تضارب المعلومات حول عدم سماح الفصائل الموجودة بمناطق “درع الفرات” للنازحين من أرياف إدلب وحلب من دخول المنطقة، تواصل موقع الحل مع الناشط الإعلامي (ليث العبد الله) الذي أكد أن “حركة النزوح باتجاه مناطق درع #الفرات أصبحت شبه معدومة لعدة أسباب أولها عمليات الاستغلال التي يتعرض لها النازحين في المنطقة من خلال فرض أسعار خيالية مقابل استئجار المنازل التي تتراوح بين 150 و300 دولار شهرياً وتصل إلى 400 دولار في بعض الأحيان بحسب المنطقة، إضافة إلى طلب صاحب العقار دفع 3 أشهر مقدماً”.

وأضاف العبد الله أنه “لم تسجل حالات قيام الفصائل الموجودة على الحواجز بفرض إتاوات على النازحين مقابل دخولهم إلى درع الفرات، وإنما عرقلة دخولهم، من خلال عمليات التفتيش الدقيق للسيارات والأشخاص وإبقائهم لساعات طويلة بانتظار الدخول، كما يتم السؤال عن المكان الذي سيتوجهون إليه وهل لديهم أقرباء في تلك المناطق”.

يشار إلى أن حملة النظام المستمرة منذ شهر شباط الماضي أسفرت عن نزوح أكثر من 93274 عائلة (606272 نسمة)، وفقاً لإحصائية نشرها فريق “منسقو استجابة سوريا” بداية الشهر الحالي.

إعداد: أسامة مكية – تحرير: مهدي الناصر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.