دير الزور (الحل) – يعتبر موسم #القطن من أهم المواسم الزراعية في محافظة #دير_الزور، إذ تحتل المحافظة المرتبة الثالثة في إنتاجه مقارنة بباقي المحافظات.

إلا أن زراعة القطن شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، بسبب عوامل عدة أبرزها، ظروف الحرب وموجات النزوح الكبيرة التي شهدتها المنطقة، إلى جانب عوامل أخرى تتعلق بتكاليف زراعته، من حيث غلاء أسعار الأدوية والبذار ونقص مياه الري، إلى جانب استغلال التجار للمزارعين أثناء شرائهم المحاصيل.

التكلفة تساوي الإنتاج

وقال (خليل الجاسم)، 41 سنة، مزارع من ريف دير الزور الشرقي لموقع (الحل)، إن “محصول القطن من أهم المحاصيل التي تزرع في المحافظة، وكان فيما مضى يشكل دخلاً جيداً للفلاح، ولكن خلال السبع سنوات الأخيرة تناقص مردود زراعته بحيث لم يعد يغطي التكاليف”.

وعن أبرز الأسباب التي أدت لتراجع زراعة القطن قال الجاسم إن “الغلاء المتزايد في أسعار #الأسمدة والوقود واليد العاملة، أدى إلى تناقص أرباح المزارعين عاماً بعد عام، إذ كان لظروف الحرب التي شهدتها أجزاء واسعة من المحافظة أثراً فاعل في كل ما سبق”.

وتابع أن “تكلفة الدونم الواحد أصبحت تتراوح بين 50 – 60 ألف ليرة سورية، بينما لا ينتج أكثر من 350-400 كغ في أقصى حد، وهذا لا يباع بأكثر من 50-55 ألف ليرة سورية”، على حد قوله.

 كلفة حفر بئر تحتاج خمسة مواسم للتسديد

وأثر انقطاع مياه الري بشكل كبير على الإنتاج الزراعي بدير الزور، إذ انعكس ذلك سلباً على محاصيل عدة وعلى رأسها القطن.

وقال (سليم الجبر) 55 سنة، رئيس جمعية فلاحية في ريف دير الزور الشرقي، أن “خروج العديد من الجمعيات الفلاحية عن عملها المتمثل بتأمين الري للمزارعين في المنطقة، خلال سنوات الحرب التي شهدتها المحافظة، أثر بشكل سلبي على المزارعين”.

“إذ خرجت العديد من الأراضي الزراعية من الاستثمار وأصبحت بوراً، ومن المتعارف بأن محصول القطن يحتاج إلى ري أكبر من المحاصيل الأخرى، حيث يؤدي التأخر في موعد الري لمرة واحدة، إلى تضرر المحصول بأكمله”، بحسب الجبر.

ولفت إلى أن “نظام الري في الأراضي الزراعية الممتدة على جانبي نهر #الفرات كان يعتمد بشكل رئيس على الجمعيات الفلاحية، التي تعمل على إيصال مياه الري للمزارعين بأقل كلفة”.

وفي ظل توقف دور هذه الجمعيات، لجأ الفلاحون في المنطقة إلى حفر آبار في أراضيهم، لري محاصيلهم، علماً أن مياه غالبيتها مالحة وتحدث ضرراً كبيراً في التربة وتدني مستوى المحصول أيضاً.

في حين لا يبعد نهر الفرات عن أراضي بعضهم أكثر من كيلومترين، يقول (ناصر المصلح) 37 سنة، مزارع من ريف دير الزور الغربي لموقع (الحل) “كلفني حفر البئر نحو 800 ألف ليرة سورية، وقد أحتاج لأربعة أو خمسة مواسم قادمة حتى أستطيع تسديد تكاليفه، لكن لا خيار لدي في ظل عجز الجمعيات عن تأمين مياه الري، ولا يوجد لدي مصدر رزق آخر سوى الزراعة”.

جودة الأدوية الزراعية منخفضة وبالدولار!

إن فقدان الأدوية الزراعية ورداءة الأنواع المتوفرة منها، كان عاملاً هاماً بانخفاض إنتاجية القطن، وعن ذلك قال المهندس الزراعي (أنس الشاهر) من مدينة الميادين، لموقع (الحل) إن “تلوث الجو نتيجة دخان مصافي النفط البدائية التي انتشرت بشكل كبير في المنطقة، إلى جانب تدني جودة الأدوية في السوق، ساهم بانتشار آفات عدة ومنها #الدودة_البيضاء، التي تؤدي إلى إعاقة عملية التمثيل الضوئي للنبات، وخفض قيمة الإنتاج”.

ولفت إلى أن “أسعار الأدوية الزراعية تضاعفت خلال السبع سنوات الأخيرة، بسبب اعتماد الصيدليات الزراعية على المستورد منها فقط، وغالباً ما تكون تركية أو أردنية، وتسعر بالدولار الأمريكي دائماً”.

حطب القطن يعوض بعض الخسائر

ويعتمد عدد من الفلاحين على بيع حطب القطن بعد جني المحصول، لتعويض بعض ما خسروه في عملية الإنتاج.

يقول (محمد النواف) من مدينة #العشارة “ازداد الطلب بشكل كبير على الحطب بالتزامن، مع توقف معظم الأفران الآلية عن العمل، إذ يعتمد سكان الأرياف على خبز التنور، الذي يعتمد على الحطب وخاصة حطب القطن”.

وبسبب الطلب المتزايد عليه خلال السنوات الثلاث الماضية ارتفعت أسعاره، بحدود العشرة أضعاف، قالت (مريم الحمش) من ريف دير الزور لموقع (الحل) “اشتريت دونمين من حطب القطن بسعر 40 ألف ليرة سورية، وقمت بتقطيعه أنا وأولادي، من أجل تنور الخبز، إذ كان يباع الدونم الواحد قبيل اندلاع الحرب بـ 1500- 2000 ليرة سورية”.

تجار يستغلون جهد الفلاح عبر احتكار القطن

يقوم التجار باستغلال وضع الفلاح، الذي أثقلت ظهره سنوات النزوح والحرب فيتحكمون بأسعار المحاصيل.

إذ يخزن التجار القطن ومن ثم بيعه بأسعار مرتفعة لتجار من المحافظات الأخرى، أو لتجار أتراك.

وعن ذلك قال (مصطفى المحميد) مزارع من قرية تشرين “اشترى تاجر من أبناء المنطقة، من المزارعين في الموسم الماضي كمية تفوق 80 طن من القطن، بسعر بخس لا يتجاوز 90 ليرة للكيلو الواحد، مستغلاً حالة الركود في تجارته نتيجة انعدام الأمن على الطرق”.

“وباع هذه الكمية بعد فترة وجيزة، بأسعار وصلت إلى 130 ليرة للكيلو لأحد التجار في حلب، وبذلك يجني التجار الملايين في حين يكاد الفلاح يعجز عن تغطية تكاليف عملية الزراعة”، بحسب المحيميد.

إعداد: حمزة فراتي – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الإنترنت

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.