علي الكرملي

مُؤَخّراً، جاءَت آخر تقديرات صندوق السكان التابع للأمم المتحدة فيما يخص التعداد السُكّاني (مُرعِبَةً) بكل المقاييس على #العراق وأهله، يتوقع الصندوق أن سكان العراق عند نهاية الأعوام العشرة المُقبلة /2030/ سيصل تعدادهم إلى /53/ مليوناً، وفيما يلي ذلك التاريخ (بِعَقْدَيْن) عام /2050/ سيصل قُرابة /81/ مليوناً. ومع نهاية القرن الحالي (الواحد والعشرين) تُشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن العدد سيقفز إلى /155/ مليون نسمة.

يتجسد أكثف تعبير عن هذه المشكلة في مؤشر معدل الخصوبة الذي يقيس متوسط عدد #الأطفال الذين تنجبهم #المرأة خلال حياتها، إذ بحسب تقديرات صندوق السكان للأمم المتحدة، يعتبر #معدل_الخصوبة في #العراق البالغ حاليا 4 ٪ من بين الأعلى في العالم، إذ يُعدّ العراق من بين أكثر ثلاث دول في العالم من حيث النمو السُكاني المُتزايد، حتى وصَلَ تصنيفه في الإحصائيّة الأخيرة لذات الصندوق في المركز /36/ عالمياً من حيث الدول الأكثر سُكّاناً.

 39 % تحت خط الفقر

وفق #وزارة_التخطيط _العراقية، فإن  نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر في العراق بلغت 39% وعدد الفقراء فيه تجاوز  الـ /12/ مليون نسمة، أمَّا نسبة البطالة فوصلت إلى أكثر من 26%.

المتحدّث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي- إنترنت

ويحتل العراق  المرتبة السابعة عالمياً بين البلدان التي تقبع تحت #خط_الفقر، لذلك يوصف بـ (الدولة الفاشلة)، وبالرغم من كل تلك الأرقام (المُحبطَة) يبرز تساؤُلاً لدى كُثر، مفادُه هل #العراق هو مُجتمع فتي أم هرم؟

«إن الأطفال في العراق من عمر /صفر إلى 14/ سنة، يشكلون الشريحة الأكبر بين الشرائح العمرية للسكان، اذ تجاوز عددهم الـ/15/ مليون بنحو /500/ ألف نسمة، ذلك وفقا للتقديرات السكانية التي أعدها #الجهاز_المركزي للإحصاء خلال عام 2018»، يقول المتحدّث باسم #وزارة_التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لـ ”الحل العراق“.

ويُضيف، «فيما جاءت شريحة الشباب من عمر /15 – 39/ سنة، بالمرتبة الثانية من حيث الحجم السكاني، اذ بلغ عددهم /15/ مليونا و/240/ الف نسمة، بينما شكَّلَت الفئات العمرية الداخلة بين /40 – 59/ سنة، الحجم الثالث بين سكان العراق، إذ بلغ عددهم /5/ ملايين و/650/ ألف نسمة، وبذلك فإن المُجتمَع العراقي هُو مجتمع فتي وَمُجتمع شاب، وهي الطاقات الأهم، والتي يحتاجُها البلَد».

أزمات اقتصادية خانقة

في صيف 1987، عندما وصل سكان المعمورة إلى قرابة /5 مليارات/ نسمة، قُرِعَت الأجراس حول تفاقم قضية #الانفجار_السكاني، فأسفرت الصَيحات التي أُطلقت وقتَها عن تسجيل #الأمم_المتحدة /21، تموز/ في ذلك العام، يوماً عالمياً للسكان، من أجل السيطرة على #النمو_السكاني، منذُ ذلك، والعراق يسيرُ عكس التيّار، إذ ازدادَ سُكّانه 3 مرّات حتى ناهز الـ /40/ مليوناً اليوم، وبالنظر إلى ذلك، كيفَ سيُدير العراق اقتصاده، إذا ما ازدادَ سُكّانياً؟

الخبير الاقتصادي باسم انطوان- إنترنت

«إن التضخم السكاني في العراق، سيؤثر على الاقتصاد بشكل كبير، ولن تستطيع الحكومة إدارة اقتصاد البلد بصورة سليمة، ذلك لأن العراق في الوقت الحالي (بتعداده الحالي)، هو عراقٌ يعيش أزمات اقتصادية خانقة وديون طائلة، بسبب الطلب الذي يحدث بسبب عجز العرض الكلي مُقارنة بالطلب الكلي، فكيفَ لو وصلَ عدد السكان إلى 50 مليوناً في العقد المُقبل كما هو مُرَجَّح»، يقول الخبير الاقتصادي باسم انطوان.

«للأسف، رغم التغير الجذري في الفلسفة الاقتصادية العراقية بعد ٢٠٠٣، إلاّ أن #الاقتصاد_العراقي لم يحقق نمواً اقتصادياً حقيقياً، وذلك نتيجة انعدام التخطيط وسوء الإدارة الاقتصادية، ولهذا ظل الاقتصاد العراقي يعيش في نفق أزمة اقتصادية متعددة الأوجه»، يبيّنُ انطوان لـ ”الحل العراق“.

مُشيراً، «أحد مظاهرها التضخم والركود الاقتصادي، المتمثل في  تعطيل الكثير من #الطاقات_الإنتاجية وتفاقم #البطالة وتوقف النشاط الإنتاجي في القطاعات الحقيقية مما انعكس سلبا على المستويات المعيشية للمجتمع وزيادة عدد الفقراء، وبذلك سيؤدي التضخم السكاني ونتيجة للمُعطَيات السابقة إلى توسيع رقعة الفقر وامتداده بصورة كبيرة وخطيرة في البلاد».

بُنية تحتية مُتهالكة ومُهدّمَة

تُعاني البلاد جملة من #الظواهر_السلبية، ومن تلك الظواهر هي مشكلة البُنى التحتية بصورة عامة، والسكن بصورة خاصَّة، إذ أن الجهات المعنية، يُفترَضُ بها توفير ملايين #الوحدات_السكنية لسد النقص الحالي، بخاصّة أن #المجتمع_العراقي، عادةً ما يشهد ظاهرة (التشارك السكني) والعوائل الكبيرة، وذلك يعني نقصاً إضافيا للأجيال اللاحقة التي ستعيش على أديم هذه الرقعة الجُغرافية من الأرض (العراق).

يقول الباحث الاقتصادي ناجح العُبيدي، «إن #البنى_التحتية في العراق، هي بنية تحتية مُتهالكة، وضيّقة الاستيعاب قبل ذلك، هذا غير أن كثيرها مُهدَّم (بخاصَّة تلك التي دُمّرَت إبان داعش)، والبنية العمرانية تعاني اليوم من عدم مقدرتها على تلبية حاجات المواطن، وستعاني كثيراً في حال ارتفاع العدد، بخاصّة مع غياب الرؤية الواضحة من قبل السُلطَة بهذا الشأن».

الباحث الاقتصادي ناجح العُبيدي- إنترنت

«ثمّة عجز كبير في كافة مفصليات الحياة من الناحية العمرانية، فالتعليم مُشكلته قلَّة المدارس، إذ لا تتجاوز /7243/ مدرسة، فضلاً عن أن ما يُقارب /632/ مدرسة ما زالت (طينيّة)، مما أدى إلى اكتظاظ مُلفت في الصفوف إلى جانب وجود دوامَين في المدرسة الواحدة (صباحي، ومسائي)، وأحياناً /3 دوامات/ في بعض المناطق (الشعبية)، ناهيك عن #القطاع_الصحي المُترهّل، والقطاع الخدماتي المُنعدم، وقلَّة إنشاء الوحدات السكنية»، يُضيف.

ويوضّح لـ ”الحل العراق“، «إن تزايد عدد السكان يفرض على الجهات المسؤولة، توفير السكن المُلائم لجميع الأفراد، وبما أنه ( مثلما معلوم) أن مساحة الأرض ثابتة، فإن ذلك يُشكّل تحدياً  (يَصعبُ) على أي حكومة توفره، وفي ظل بلد مثل العراق يواجه العديد من المشاكل والأزمات (المُستمرَّة) فإن الزيادة السُّكانية فيه ستُؤثّر سلباً لا إيجاباً، سَواءً من ناحية البُنى التحتيَّة، أو النواحي الأُخرى جميعُها، طالَما الحكومة لا تُخطّط للمُستقبل».

”تحديد النسل” عاجلاً أو آجلاً

تتّخذُ بُلدانٌ كثيرَة في هذه البَسيطَة، (من تلك) التي تتعرّض لمشكلة التضخّم السُّكاني، العديد من الإجراءات لمواجهة المُشكلة ومُعالجتها، منها سياسة (تحديد النسل) كإجراء معروف، فماذا بشأن العراق؟، قالَت #وزارة_التخطيط، في وقتٍ مَضى، أنّهُ من الصعوبَة بمَكان، أن تتّخذ الحكومة مثل هكذا قرار في الوقت الراهن، لأن مَوضوعَة (تحديد النسل)، على حَدِّ تعبيرها تحتاج إلى وعي وثقافة اجتماعية.

«بغض النظر عن كل الإحصاءات، وما قد تناله من تشكيك من قبل البعض، إن قضية تحديد النسل باتَت ضرورة مُلحَّة، ذلك نظراً للتضخم الكبير الذي سجّلته البلاد طيلَة السنوات الـ /16/ المُنصرمَة، إِذ بلغت عدد المواليد أكثر من /15 مليون ونصف/ ولادة، بمعدّل تقريبي وصلَ إلى مليون ولادة في السنة الواحدة»، يقول (مؤسس أول حملة عراقية للمطالبة بتحديد النسل عام 2012)، الصُحافي محمد شفيق.

«وذلك قابله تراجعٌ كبير وحاد في قضية الخدمات الأساسية والترهل الوظيفي، وضعف القطاع الخاص»، يلفُت لـ ”الحل العراق“، ويُشير، «العراق ليس لديه خزين غذائي، ولا خزين مائي، ولا حتى خُطط، ولا استراتيجيات قصيرة، فضلاً عن طويلة الأمد بخصوص (الغذاء، الدواء) وما شابه».

«لذا أعتقد أن قضية التضخم السكاني أو #الانفجار_السكاني، سيكون أكثر خطراً من (الإرهاب وداعش) خلال السنوات القليلة المُقبلَة، وسيضطرُّ العراق إلى اعتماد سياسة (تحديد النسل) وقتَها، لذلك يُجدر بالحكومة أن تبدأ – على الأقل – ببرامج تثقيفية وتوعوية بخصوص هذه القضية من الآن، دونَ الانتظار إلى حين وقوع الفأس بالرأس»، يُردفُ شفيق.

المُجتمَع هو الضحيّة الكُبرى

يفترض بالعديد من المنظمات الناشطة، بالإضافة إلى #وسائل_الإعلام التركيز على مشكلة النمو السكاني المستفحل في العراق، والذي يبدو أنه مرتبط بعوامل اجتماعية وثقافية مصحوبة بغياب الوعي المطلوب الذي يوضح خطورة المشكلة في الحاضر والمستقبل، خصوصاً، وأن #المجتمع_العراقي من المجتمعات التي تكثر فيها ظاهرة تعدد الزوجات وهذا يعطي للمشكلة بعداً آخر، أَلا وهُوَ البُعد الاجتماعي.

«ينظر المجتمع إلى المرأة كـ (ماكنة لتفريخ الأطفال) أو كـ (حقل للزرع والتكاثر) باعتبار أن ”النساء حرث للرجال“، ومثل تلك النظرة (الدونية) للمرأة تزخر بها العقلية السائدة، بالإضافة إلى رفض ذات العقلية لعمليات الإجهاض واستخدام وسائل منع الحمل، كُلّها تصب وتُساهم بدرجة كبيرة في نهاية المطاف إلى النمو المفرط للسكان وبالتالي إلى التضخم السُكّاني الهائل»، يقول الباحث الاجتماعي واثق صادق لـ ”الحل العراق“.

 ويُضيف، «ذلك الانفجار المُتوقّع، سيكون مردوده على المُجتمع بالدرجة الأساس، إذ سيتسَبَّب بارتفاع نسب الجريمة، ومشاكل الأسرة، وكذا الجنوح، وتعاطي المخدّرات، فضلاً عن اتّساع هوّة التفاوت الطبقيّ بين الفئات الاجتماعيّة، إلى جانب المشاكل الاجتماعيّة والنفسيّة الكبيرة، كالعُزلة والإحباط والشعور بعدم الأهميّة، إضافة إلى وجود أطفال وقاصرين في مجموعات الجريمة المنظمة، والمجموعات المسلحة، مع توسع ظاهرة أطفال الشوارع».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.