كان حدثا اعتياديا أن ترجع عائلات نازحة للإقامة في المخيم ذاته بعد مغادرته، وهو ما كان يتكرر بالنسبة لغالبية مخيمات شمال وشرقي سوريا خلال السنوات الماضية، بحسب معنيين.

لكن يبدو أن تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية أسهم مؤخراً في تعزيز الحركة العكسية للنازحين نحو المخيمات في وقت تحذر فيه مصادر مدنية من بوادر نزوح من شكل آخر يتعلق بتوجه عائلات غير نازحة من ذوي الدخل المحدود للاستقرار في المخيمات.

أسباب متعددة ومخيمات عديدة

الرئيس المشترك لمكتب شؤون المنظمات في إقليم الجزيرة خالد إبراهيم قال لـ الحل نت إن عودة عائلات نازحة للإقامة مجددا في المخيم ذاته بعد مغادرتها، كانت موجودة منذ بداية إنشاء المخيمات في المنطقة “لأسباب عديدة منها؛ اجتماعية وأمنية وحتى اقتصادية معيشية”.

قد يهمك: الكشف عن منفذي جرائم القتل في مخيم الهول

وأضاف أن الأوضاع في المنطقة، كما في سوريا عموما، قد تجبر عائلات إلى اللجوء للمخيمات، الأمر الذي رأيناه في بعض مخيمات منطقتنا حيث اختارت عائلات أن تقيم في خيم نتيجة الفقر المدقع، رغم أنها ليست نازحة.

وأوضح إبراهيم أن ظاهرة العودة العكسية للنازحين إلى مخيماتهم السابقة استفحلت مع عودة الجفاف قبل عام، لا بل أن كثيراً من سكان ريف الحسكة الجنوبي ومنطقة جبل عبدالعزيز لجئوا إلى مخيمي واشوكاني وسري كانيه نتيجة الفقر والأوضاع المعيشية الصعبة.

ضمن السياق ذاته دعمت الإدارية بمخيم واشوكاني فيروز رشك حديث “إبراهيم” بتأكيدها “إن أكثر من نصف مقيمي مخيم واشوكاني ليسوا من نازحي رأس العين بل يتحدرون من مناطق جنوب الحسكة و قرى منطقة جبل عبدالعزيز”.

موضحة أنهم استقروا مع بداية تأسيس المخيمين نتيجة تدهور ظروفهم المعيشية ذلك أن بعضهم يحمل هويات من قيود منطقة رأس العين-(سري كانيه).

وأضافت في اتصال هاتفي أن عائلات نازحة من منطقة رأس العين-(سري كانيه) من خارج مراكز الإيواء والمخيمات، بدأوا أيضا منذ أشهر باللجوء إلى مخيمي واشوكاني وسري كانيه للإقامة فيهما بعدما نفدت مدخراتهم ولم يعد يتحملون تكاليف الإيجارات و غلاء المعيشة.

وكان الرئيس المشترك لمكتب شؤون المنظمات خالد إبراهيم قد كشف في تصريح سابق لـ الحل نت أن “الظروف المعيشية الصعبة أجبرت المئات من العائلات النازحة من منطقة رأس العين-(سري كانيه) ممن يسكنون خارج مراكز الإيواء على تسجيل اسمائها للدخول إلى المخيمات و المنظمات الدولية على علم بذلك”.

ويقيم 15 ألف شخص يشكلون 2323 عائلة في مخيم واشوكاني الذي أنشأ قبل عامين، فيما يقيم11300 شخصاً يشكلون 2165 عائلة في مخيم سري كانيه-(الطلائع)، بالإضافة إلى مئات العائلات في 42 مركز إيواء في مدينة الحسكة وريفها.

اقرأ المزيد: الإدارة الذاتية توضح أسباب زيادة وفيات الأطفال في مخيم الهول

لا ماء لا مساعدات

بدور كشف نديم عمر الإداري في مكتب علاقات مخيم نوروز بريف ديريك-(المالكية) إن المخيم استقبل الثلاثاء الفائت نحو 35 عائلة من النازحين من أصل 105 عائلة قصدت المخيم، من سكان ريف رأس العين-(سري كانيه) وقرى جبل عبدالعزيز، وذلك بعد تشكيل لجنة لتحديد النازحين فقط بينهم.

ويبدو أن مخيم الهول شهد أيضا حالات مماثلة، إذا عادت 12 عائلة نازحة من الخارجين إلى مخيم الهول، ما بين شهري آذار/ ونيسان/ أبريل الماضيين، وفق مصادر مدنية تعمل داخل المخيم.

وأوضحت المصادر أن العائدين، وبينهم عائلات مدنية، ينحدرون من مناطق جنوبي الشدادي بريف الحسكة وريفي الرقة ودير الزور الشرقي وهي مناطق تعاني تدهور في الأوضاع المعيشية والأمنية.

 وأشارت إلى أنه ورغم أن الأوضاع في مخيم الهول صعبة وهناك رغبة لغالبية مقيميه للخروج، إلا أن عائلات تفضل العودة إليه على البقاء خارجه، ما أن يجدوا الأوضاع أسوء بالنسبة لهم.

وقالت المصادر إن المدنيين في الريف الجنوبي للشدادي إلى أن تصل لنهر الفرات، حيث ريف دير الزور، يعانون من مشكلة حقيقة لفقدان مياه الشرب، لا تقل عن المشكلة التي تعاني منها مدينة الحسكة.

وأضافت أن هذه المناطق باتت محرومة من المساعدات الإنسانية منذ إغلاق معبر تل كوجر-(اليعربية) مع العراق  مطلع عام 2020، حيث كانت تدخل عبره المساعدات الإنسانية إلى شمال وشرقي سوريا.

وكان فيتو مزدوج روسي وصيني تسبب بداية 2020 بإغلاق معبر اليعربية-(تل كوجر) مع العراق، الأمر الذي حصر وصول المساعدات إلى المنطقة عبر العاصمة دمشق.

وتوقعت المصادر في حال استمرار الأوضاع المعيشية كما هي في تلك المناطق فإن نسبة المدنيين ستزداد بين شريحة من يقصدون المخيمات خلال الفترة القادمة.

وبحسب نازحين من مخيم سهلة البنات(5 كلم شرق الرقة) فإن نحو 400 عائلة نازحة من مناطق سورية مختلفة تعتمد على النبش في مكب النفايات الرئيسي لمدينة الرقة، المحاذي للمخيم، وذلك كمصدر رزق نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

للمزيد اقرأ: “أنقذوا الأطفال”: «62 طفلاً قضوا في مخيم الهول شرقي الحسكة منذ بداية 2021»

هل من حلول؟

قال مدير مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية شيخوس أحمد إمكانية إن لا إمكانية لإعادة استقبال النازحين أو المدنيين في المخيمات وخاصة في مخيم الهول بعد اتخاذ الإدارة الذاتية قرار بإفراغ المخيم. قبل عام.

وعبر في تصريح لـ الحل نت عن أمله في تعمل المنظمات الدولية متابعة أوضاع من خرجوا إلى مناطقهم سواء في الرقة أو دير الزور والطبقة أو منبج ويساعدوهم في تأمين الاحتياجات الأساسية لهم.

وكان خالد إبراهيم قد كشف في وقت سابق لـ الحل أنهم يعملون على مشروع دراسة لتقييم احتياجات النازحين من خارج مراكز الإيواء في الحسكة بمعية المنظمات الدولية للحد من ظاهرة النزوح نحو المخيمات .

وتضم مناطق شمال وشرقي سوريا 15 مخيما بالإضافة إلى العديد من المخيمات العشوائية بريف الرقة ومنبج، حيث يقيم أكثر من 125 ألف نازح، فيما تتحدث مصادر الإدارة الذاتية عن وجود نحو مليون نازح يتوزعون في مختلف المناطق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.