بساتين الرقة تنتعش بثمار الفاكهة هذا العام بعد ركود دام ستة أعوام

بساتين الرقة تنتعش بثمار الفاكهة هذا العام بعد ركود دام ستة أعوام

شهدت الزراعة في مدينة الرقة وريفها، تراجعاً ملحوظاً في السنوات السابقة، بعد ترك العديد من الفلاحين أراضيهم تحت ضغط تنظيم «داعش» وحفاظاً على حياتهم، هذا الوضع الذي أثر بشكل سلبي على معيشة الأهالي وخاصة القاطنون في الأرياف لأنها تعتبر العمود الفقري لاقتصاد الرقة، إذ دمرت المرافق الزراعية من جسور ومضخات والأدوات والمواد اللازمة لها, وهذه كانت من الأسباب الرئيسة أن تعيش ركوداً وانخفاضاً في الإنتاج على مدى السنوات الخمس الأخيرة، بينما شهدت بساتين الفاكهة في قرى وبلدات ريف الرقة هذا العام موسماً وفيراً من الإنتاج، انعكست آثاره بشكل إيجابي على المزارعين وسكان المنطقة عامة، وبالتالي عاد الاخضرار والإنتاج، ليعود معها الأمل بعودة الحياة إليها كما كانت.

بساتين الفاكهة وانتعاش حركتها
محمد القطان صاحب بستان فاكهة في مدينة #الطبقة، تحدث لموقع «الحل» حول الموضوع قائلاً: «إن عوامل عدة ساهمت في نشاط حركة #بساتين_الفاكهة هذا العام، وأهمها توفر مستلزمات الإنتاج كالأدوية والبذور والأسمدة وسهولة تأمينها كونها متوفرة في الأسواق الزراعية وبأسعار مقبولة، وتوفر الأيدي العاملة (عمال ومزارعين)، إلى جانب ذلك سهولة حركة التصدير للأسواق بداخل المدينة وخارجها إلى المناطق المجاورة كالقامشلي ودير الزور ودمشق و#العراق أيضاً، إضافة لغزارة الأمطار التي شهدتها المنطقة في هذا الموسم والتي ساهمت بشكل كبير في #انتعاش_القطاع_الزراعي بشكل عام».

أسباب ساهمت بنشاط زراعة الفاكهة
يقول عبد الله المحمد (مزارع من مدينة الطبقة) لموقع «الحل»، إن «مساحات واسعة من حقول القمح والعدس عمد أصحابها إلى تحويلها لبساتين فاكهة، وذلك بعد تضررها بالعواصف والفيضانات التي شهدتها المنطقة مؤخراً، لأن بساتين الفاكهة تعد أكثر تحملاً لتقلبات المناخ من المحاصيل الأرضية كالقمح والعدس وغيرها»، وفق قوله. مشيراً إلى أن «اللجنة الزراعية في #المجلس_المدني قامت بدعمهم عن طريق تأمين كافة مستلزمات الإنتاج لهم (بالدين)، وذلك كنوع من التعويض عن الضرر الذي لحق بهم» حسب تأكيدده.

مشاكل تواجه أصحاب تلك البساتين
وعن المشاكل التي تواجه أصحاب البساتين، تحدث فاروق الحسين (صاحب عدة بساتين فاكهة في المدينة) لموقع «الحل» قائلاً: إن «دخول البضائع التركية بشكل غير قانوني إلى المحافظة من أهم المشاكل التي تواجهنا فذلك يسهم في انخفاض أسعار الفاكهة بشكل لا يتوازن مع تكاليف الإنتاج، إلى جانب ذلك تكلفة تصدير البضائع لخارج المدينة مثل إرسالها لـ(دمشق أو القامشلي، أو العراق حتى )، فلا يوجد سعر موحد لجميع سيارات النقل ويتقاضى كل واحد منهم على هواه، إلى جانب الإجراءات الأمنية المشددة التي تتخذها حواجز الجيش السوري، خلال عملية التصدير لدمشق، حيث يقومون بتفريغ حمولة الشاحنات وإعادة تعبئتها من جديد للتفتيش مما يؤدي لتلف الحمولة وفقدانها جودتها».

أسباب ركود زراعة الفاكهة
أسباب عدة أدت لتراجع حركة زراعة الفاكهة خلال فترة سيطرة تنظيم «داعش» على المدينة، وأهمها الضرائب التي فُرضت على المزارعين من ديوان الزكاة التابع للتنظيم، بحسب إبراهيم الحاج (صاحب بستان فاكهة في #بلدة_المنصورة) الذي قال لموقع «الحل»، إن: «التنظيم فرض قوانين وإجراءات عدة أدت لتوقف أغلب المزارعين عن العمل في بساتينهم ومنها الزكاة، حيث فرض ديوان الزكاة ضرائب على المزارعين بزكاة ما أنتجته أرضهم رغم أن ما أنتج لا يعادل تكلفة الإنتاج ولا يسد رمق المزارع وأبناءه، إلى جانب ذلك الغلاء الفاحش في أسعار الأسمدة والبذار وصعوبة تأمينها، بالإضافة لتوقف حركة التصدير للمناطق المجاورة، ما دفع بأغلب أصحاب البساتين لترك بساتينهم التي فقدت خصوبتها يوماً بعد يوم نتيجة عدم الاهتمام بها».

بين التأزم والانتعاش
عمل عناصر التنظيم أثناء فترة سيطرتهم على قرى وبلدات ريف #الرقة على تدمير جميع البنية التحتية التي تدعم الزراعة كمضخات المياه وقنوات الري، كما عملوا على زراعة الألغام في البساتين والأراضي الزراعية، الأمر الذي أودى بحياة مزارعين كثر واتلف أراضيهم أيضاً.

عماد الويسي (من سكان بلدة الكرامة) يقول لموقع «الحل»، إن: «المعارك التي دارت بقرى وبلدات المدينة أدت لخروج أغلب قنوات ومحطات الرّي عن الخدمة وذلك بسبب استهدافها من قبل عناصر التنظيم بقذائف الهاون، إضافة للقصف الجوي الذي تعرضت له من قبل طيران التحالف الدولي، ما أثر بشكل سلبي في الدرجة الأولى على المزارعين وأصحاب البساتين الذين فقدوا محاصيلهم بسبب عدم توفر المياه آنذاك».

يضيف الويسي أن «التنظيم قام بمصادرة بساتين كثيرة أثناء فترة سيطرته على ريف المدينة لأسباب مختلفة ومنها تواجد أصحابها في بلاد (الكفر)، وفق زعمهم، أو من عمل مع الفصائل المعارضة للنظام أو من كان له صلة بهم، واستمروا بالعمل بها لتصدير المحاصيل إلى مناطق سيطرته في العراق ودير الزور».

مساعدة أصحاب البساتين
عملت اللجان التابعة لـ«الإدارة الذاتية»، على دعم الزراعة بشكل عام من خلال ترميم مضخات وقنوات الرّي، وتأمين المستلزمات الأساسية للإنتاج، بحسب رضوان الراغب (عضو لجنة الزراعة في المنطقة) الذي تحدث لموقع «الحل» قائلاً: إن «اللجنة تسعى لتحسين الزراعة بشكل عام في المدينة، من خلال مساعدة الفلاحين وأصحاب البساتين على إعادة تأهيل أراضيهم، حيث قامت بدعم المزارعين العام الماضي بالأسمدة التي تحتاجها الأراضي (بالدين)، كما حرصت على تغيير نوعية البذار المستخدمة في زراعة الفاكهة والذي كانت تُكرر زراعتها لعامين متتالين أو أكثر ما أثر بشكل سلبي على كمية الإنتاج وجودته».

كما عملت اللجنة، على تأمين المبيدات الحشرية اللازمة لرش البساتين كل موسم، وقامت بتخصيص آليات وكوادر وظيفتها تنظيف السواقي وقنوات الري، بالإضافة لإعفاء المزارعين بشكل عام من مصاريف الري للعام الفائت، يختتم.

ستبقى مدينة الرقة من المدن السورية المتميزة بالزراعة مع شقيقاتها في المحافظات الشرقية (دبرالزو، والحسكة) لأن الأهالي كانوا وما يزالون يعتمدون على الزراعة في معيشتهم قديماً وحديثاً، وسيعود الانتعاش للزراعة كما كانت سابقاً بمجرد أن تؤمن الجهات المعنية في المدينة جميع المواد والأدوات اللازمة لذلك من سماد ومبيدات حشرية، مع وجود تربة صالحة للزراعة، وخاصة على ضفتيّ نهري الفرات والبليخ.

إعداد التقرير: علي إبراهيم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.