الرياح لا تجري كما تشتهيها الصين. تحديات اقتصادية غير طبيعية ستمر بها بلاد “السور العظيم” في العام المقبل 2024، وفق تحليلات ودراسات اقتصادية عديدة، فما هي الحكاية؟

بكين تواجه قرارات حاسمة بشأن أهداف النمو في ظل التحولات الهيكلية الاقتصادية وتحديات مثل السوق العقارية، والسياسات المالية، وانتقال الصناعات، وتحفيز الطلب، وهي بالطبع “تحديات حاسمة في تحديد مسار الصين الاقتصادي بعد عام 2024″، بحسب مجلة “إيكونوميست” البريطانية.

رياح معاكسة

واقعيا، فإن بكين ابتعدت عن النمو السريع وفوائض التجارة التي اعتادت على تحقيقها، إذ بحسب وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، فإن الصين ستظل تواجه رياحا معاكسة من انحسار الطلب الخارجي وتحديات قطاع العقارات وأدوات دين الحكومات المحلية.

“فيتش” ووفقا لتوقعاتها للعام المقبل بشأن الصين، فإن البلاد ستشهد نموا متوسطا للناتج المحلي الإجمالي عند 4.6 بالمئة مقابل ما يزيد قليلا على 5 بالمئة عام 2023، في وقت قال مستشارون حكوميون صينيون لوكالة “رويترز” البريطانية مؤخرا، إنهم سيوصون بأهداف نمو اقتصادي لعام 2024 تتراوح بين 4.5 و5.5 بالمئة، مع تفضيل معظم المستشارين استهداف نمو بنسبة 5 بالمئة، وهو نفس مستوى النمو هذا العام.

مقر وكالة “فيتش” – إنترنت

ما يجدر ذكره، أن القيادة الصينية تستعد لمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي للحزب الشيوعي الحاكم، لتحديد هدف النمو لعام 2024، في وقت يتوقع الخبراء نموا دون 5 بالمئة، مما يثير جدلا بشأن قبول توازن جديد أو السعي لنمو أسرع.

التوازن يتضمن  النظر في تطور سوق العقارات، مع تحولها من الطلب المبني على المضاربات إلى الطلب الأساسي، مما يؤثر على المبيعات المستقبلية، وفقا لتقرير نشرته مجلة “إيكونوميست” مؤخرا.

تشكيك بقدرات بكين

إلى ذلك، شككت المجلة البريطانية في قدرة الصين بالتغلب على تحدياتها الاقتصادية في عام 2024، مستكشفة التحولات في مسار نمو البلاد، إذ لفتت إلى أن الصين تكيفت مع “الوضع الطبيعي الجديد” إثر الأزمة المالية العالمية، وابتعدت عن النمو السريع وفوائض التجارة التي اعتادت على تحقيقها.

مع ذلك، فإنه ورغم التكيف، إلان أن بكين تواجه ضعفا هيكليا، مما يؤثر بشكل محتمل على النمو، وهو ما يثير تخوفات بشأن إعادة ضبط أهداف النمو، على حد ما ورد في تقرير “إيكونوميست”.

الديون المصدرة عبر أدوات تمويل الحكومات المحلية – وهي عادة شركات استثمارية تجمع الأموال وتبني مشروعات البنية التحتية نيابة عن الحكومات المحلية – قد تستمر في الانتقال تدريجيا إلى الميزانية العمومية السيادية بسبب الضغوط الناجمة عن تباطؤ سوق العقارات في الدولة ذات النظام الشيوعي الشمولي.

انخفاض سوق العقارات

من جانب آخر، تكشف انخفاضات سوق العقارات في الصين عن تحديات مالية للحكومات المحلية، مما يستدعي إعادة تقييم شامل للسياسات المالية لمنع التعثر، بحسب “إيكونوميست”.

مع تراجع قطاع العقارات تبرز مناقشات بشأن القطاعات البديلة التي يمكن أن تدفع بالنمو، مثل السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة وبطاريات الليثيوم أيون، ومع ذلك تساهم هذه الصناعات على الرغم من ديناميكيتها بشكل متواضع حاليا في الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالعقارات.

الصورة من موقع “getty” للصور.

“إيكونوميست” أوضحت، أن الانتقالات بين الصناعات قد تؤثر على أسواق العمل، مما يؤثر بشكل محتمل على الإنفاق الاستهلاكي، وتذكّر بالتأثيرات التي ألقت بها جائحة “كوفيد-19” على سلوك المستهلك، مما انعكس على أنماط الإنفاق ومعدلات الادخار.

المجلة ذهبت إلى أبعد من ذلك، بقولها إنه قد يؤدي فشل تحفيز الطلب إلى تكرار التضخم السلبي، مما يؤثر سلبا على الشركات والمستهلكين، وتحذر المجلة من الارتياح “للوضع الطبيعي الجديد”، إذ إنه لا يمنح معدلات نمو مرضية، وهو ما قد تواجهه الصين حاليا إذا استمرت تحديات النمو.

“موديز” وتخفيض تصنيف الصين الائتماني

توقعات “فيتش” وتقرير “إيكونوميست”، أتت بعد أن خفضت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، الأسبوع الماضي، توقعاتها بشأن التصنيف الائتماني للحكومة الصينية من مستقرة إلى سلبية، مشيرة إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي على المدى المتوسط بالنسبة للصين.

“موديز” أوضحت، أن “قرار تغيير التوقعات إلى سلبي يعكس مؤشرات متزايدة بأن الحكومة والقطاع العام عموما، سيقدّمان دعما ماليا لسلطات المناطق وللشركات العامة المتعثرة ماليا”.

هذا الأمر “يطرح مخاطر كبرى على متانة الصين المالية والاقتصادية والمؤسساتية”، بحسب “موديز” التي أشارت إلى نمو اقتصادي “أضعف” وصعوبات في القطاع العقاري يواجه بكين.

انزعاج بكين

وكانت الصين أبدت عدم قناعتها، وهاجمت توقعات “موديز”، إذ عبرت وزارة المال الصينية عن “خيبة أملها” حيال القرار، مؤكدة في بيان، أن الصين لديها القدرة على التصدي للمخاطر والتحديات”، منددة بـ”المخاوف غير المبررة” التي أبدتها الوكالة.

وسائل الإعلام الصينية، هي الأخرى، وصفت وكالة “موديز” بأنها “منحازة” بسبب توقعاتها المستقبلية السلبية لتصنيف الصين.

في المقابل، فإن العديد من المحللين قالوا، إن رد الفعل الرسمي للحكومة الصينية كان أكثر تحفظا، مما يشير إلى مخاوف بكين بشأن ارتفاع الديون، أي ما يعني صحة توقعات وكالة “موديز” بطريقة أو بأخرى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات