عادت طرق #التهريب من #تركيا إلى البر الأوروبي، للانتعاش مرة أخرى بعد نحو 4 سنوات على توقيع اتفاقية للحد من الهجرة غير الشرعية مع #الاتحاد_الأوروبي، على وقع تدهور الأوضاع الأمنية في شمال #سوريا، فضلاً عن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها أنقرة بحق اللاجئين السوريين على أراضيها.

وبخاصة بعد إطلاق تركيا، حملة أمنية ضد المخالفين، الذين يعيشون في ولايات غير مسجلين فيها، لاسيما ولاية “#اسطنبول”، التي تضم وحدها نحو مليون لاجئ معظمهم سوريون، (بحسب إحصائيات دائرة الهجرة التركية).

وكثرت منشورات “يوجد طريق تهريب من تركيا إلى #اليونان براً وبحراً”، على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى أرقام مهربين وسماسرة، كما تم إعادة تفعيل صفحات ومجموعات على موقع “فيس بوك” مخصصة لتبادل المعلومات، والاستفسارات حول طرق التهريب ومخاطرها إضافة إلى أسعارها، في مشهد يعيد إلى عام 2015، الذي شهد أعلى موجة هجرة للاجئين السوريين من تركيا باتجاه دول الاتحاد الأوروبي.

ما هي الطرق التي يسلكها اللاجئون؟

توجّه (خالد – سوري الجنسية) مع زوجته وطفليه إلى ولاية “بودروم” التركية، بعد استقرار دام لأكثر من 3 سنوات في مدينة “اسطنبول”، على وقع التضييق الأخير على السوريين في تلك المدينة، وطرده من ورشة الخياطة التي كان يعمل بها، كونه لا يحمل (إذن للعمل)، قاصداً أحد المهربين، الذي اتفق معه مسبقاً على العبور بواسطة قارب مطاطي (بلم) باتجاه جزيرة “كوس” اليونانية، التي تقع على بعد كيلومترات قليلة من الساحل التركي.

وقال (خالد) لموقع (الحل نت) إن “الرحلة كلفتني مع عائلتي نحو 3500 دولار وهي جميع مدخراتي، التي جنيتها خلال تواجدي في تركيا، فلم يعد لدي خيار آخر”.

وأضاف أن “الرحلة كان فيها نحو 40 شخصاً، تم وضعنا في قارب مطاطي عند بزوغ الفجر ومن ثم وصلنا إلى جزيرة كوس”.

وتابع “أنا هناك منذ 16 يوماً، بانتظار أحد المهربين الذي سينقلني إلى العاصمة أثينا، إذ طلب مبلغ 500 يورو عن كل شخص”.

أما (لؤي) الذي فشل عدة مرات في الذهاب عن طريق #البحر، قرَّر مع عدد من رفاقه عبور الطريق البري بين تركيا واليونان، وهي من الطرق “الشاقة”، حيث يقضي اللاجئ رحلة مشياً على الأقدام تصل لـ 150 ساعة، يمر فيها عبر غابات وأنهار ليصل إلى الحدود البرية اليونانية.

وأوضح (لؤي) الذي دخل إلى تركيا قادماً من إدلب قبل نحو 4 أشهر “لم أتأقلم مع وضع المعيشة في تركيا، فلا فرص عمل مناسبة، كما أن العمل متركز في مدينة اسطنبول وممنوع استخراج بطاقة كيملك فيها، فكان خياري الذهاب إلى أوروبا”.

وأردف “تم إعادتنا أكثر من مرة على الحدود التركية اليونانية البرية، إلى أن استطعنا أخيراً عبور نهر أيفروس بعد الاتفاق مع أحد المهربين، الذي تقاضى مبلغ 350 يورو عن كل شخص”.

ولا يعتبر الطريق نحو اليونان الوحيد باتجاه أوروبا، فمؤخراً أصبح الطريق نحو “بلغاريا” هو خيار المهاجرين غير الشرعيين من تركيا عبر ولاية “قرقلر إيلي” الحدودية شمال غرب تركيا.

ويسلك المهاجرون، وفق هذا الخيار، المناطق الحرجية المجاورة لمعبر “دره كوي” مع بلغاريا مشياً على الأقدام، ويتخفون في الغابات ريثما يحل الظلام، ومن ثم الدخول نحو الأراضي البلغارية، إلا أنه يعتبر من الطرق الخطرة أيضاً، نتيجة التشديد على المنطقة، وانتشار قطاعي الطرق فيها.

تكاليف مرتفعة للتهريب تصل أكثر من 2500 دولار

تختلف التكلفة المادية لعبور المهاجرين غير الشرعيين من تركيا باتجاه أوروبا، باختلاف الوسيلة والطرق التي يسلكونها، حيث تواصل موقع (الحل نت) مع أحد المهربين الذين تنتشر أرقامهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ويدعى (أبو العبد)، وعرض أسعار الرحلات على النحو التالي:

“من بودروم التركية إلى كوس اليونانية عن طريق قارب سريع (جيت بوت) بنحو 2500 دولار، ومن بودروم إلى كوس اليونانية عن طريق قارب مطاطي (بلم معدّل) بـ 1400 دولار”.

وأضاف “لدينا رحلات من مرمريس التركية إلى جزيرة سيمي اليوناني عن طريق قارب مطاطي (بلم معدّل) بـ 1300 دولار”.

ولدى سؤالنا عن الطرق البرية أجاب “هناك سيارات خاصة تنطلق من مدينة اسطنبول إلى مدينة سالونيك في اليونان وتكلفتها نحو 2500 دولار، كما يوجد طريق من أدرنة التركية إلى بلغاريا وتكلفتها نحو 2000 دولار، علماً أن الطرق البرية يوجد فيها مشي لمسافات ليست طويلة بمعدل ساعتين”.

وبمقارنة الأسعار المطلوبة حالياً من قبل المهربين بالأسعار الرائجة في عام 2016 (قبل عقد اتفاقية الحد من الهجرة)، نلاحظ أنها زادت بمعدل 50%، حيث كانت تكلفة نقل الفرد الواحد من ولايات إزمير أو بودروم إلى إحدى الجزر اليونانية لا تتجاوز الألف دولار في أحسن الأحوال، أما الطرق البرية فكانت حينها لا تتجاوز 600 دولار، حيث كان المهاجرون يستعينون بالخرائط وبعض التطبيقات عوضاً عن المهربين في تلك الفترة”.

زاد عدد الواصلين إلى أوروبا 23% هذا العام مقارنة بالعام الماضي

بدأت التحركات الأوروبية، على وقع ازدياد تدفق المهاجرين غير الشرعيين من تركيا باتجاه اليونان وبلغاريا، إذ حذَّر وزير الداخلية الألماني (هورست زيهوفر) من مواجهة أوروبا لموجة لجوء جديدة قائلاً “لم يكن لدينا نحن الاتحاد الأوروبي القوة لحل المشكلة، فسنواجه ما واجهنا عام 2015 حين فقدنا السيطرة وتدفق مئات آلاف من اللاجئين إلينا”.

ووفقاً لتقرير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وصل أكثر من 46500 مهاجراً من تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي في الفترة ما بين كانون الأول إلى أيلول من العام الجاري، ويمثّل هذا العدد زيادة بنسبة 23% عن نفس الفترة من العام الماضي.

وعن الطرق التي سلكها اللاجئون من تركيا باتجاه اليونان، أشار تقرير المفوضية إلى أنه وصل أكثر من 35800 شخص إلى الجزر اليونانية الواقعة في بحر إيجة، بالإضافة إلى أكثر من 9700 آخرين وصلوا إلى اليونان عبر الحدود البرية مع تركيا.

ولفت تقرير المفوضية إلى أن الأسبوع الأول من شهر أيلول الماضي شهد وحده عبور نحو 2239 مهاجراً من تركيا إلى اليونان بطرق غير شرعية.

تهديدات تركية وتشكيك أوروبي

تتهم تركيا دول الاتحاد الأوروبي، بعدم إيفاءها بالالتزامات المتعلقة باتفاقية “الحد من الهجرة”، التي تنص على تقديم مساعدات مالية لتركيا تقدر بنحو 6 مليارات يورو بحلول عام 2022، مقابل إعادة المهاجرين القادمين من تركيا إلى الجزر اليونانية، على أن يستقبل الاتحاد الأوروبي مقابل كل سوري يتم إعادته إلى تركيا، لاجئاً سورياً من تركيا.

إلا أن تركيا تقول إن “المبلغ قليل”، حيث تسلمت نحو 2.4 مليار يورو حتى الآن، إذ هدد الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) في الثالث عشر من شهر أيلول الماضي بفتح الأبواب أمام اللاجئين السوريين إلى أوروبا، ما لم يتم تقديم مساعدات ومزيد من الدعم بشأن “المنطقة الآمنة” في سوريا، وقال “إذا لم يكن بمقدوركم قبول هذا الأمر سنفتح الأبواب، لندعهم يذهبوا من هناك لأي مكان يريدونه”.

إلا أن الإحصائيات التركية بوجود قرابة 3.6 مليون لاجئ سوري على الأراضي التركية، كانت محل تشكيك من قبل دراسة ألمانية، التي قالت إن عدد اللاجئين السوريين في تركيا لا يتجاوز 2.7 مليون لاجئ.

بدوره، معهد “DeZim” الألماني كشف عبر دراسة نشرها في موقعه الإلكتروني أن “من الواقعية اعتبار أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا يقترب من 2,7 مليون سوري، اعتماداً على أرقام للهيئة التركية للهجرة، ومفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، إضافة إلى تقديرات علمية”.

وأكد المعهد، الذي يعتبر جزءاً من المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة في برلين، الذي تدعمه وزارة الأسرة الألمانية أن “طريقة رفع البيانات بشأن اللاجئين تعتريها مواطن ضعف كبيرة، حيث لم يكن هناك، على سبيل المثال، نظام متسق لضبط طريقة تسجيل اللاجئين وإعادة تسجيلهم في أماكن أخرى، مما يعني أيضا، أنه لم يتم حذف الذين عادوا إلى سوريا أو استمروا في طريقهم إلى أوروبا، من نظام الإحصاء”.

إعداد: أسامة مكية – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.