منذ أن شَرعت #الحكومة_العراقية بتطبيق حظر التجول، خشية اتساع رقعة الاصابة بفيروس #كورونا في البلاد، والعوائل العراقية من العمّال وأصحاب المهن الصغيرة تعاني ظروفا معيشية صعبة، وبعد سنين من الجوع وتدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، وما رافقها من انعدام فرص العمل، جاء الوباء وما رافقه من إجراءات وقائية ليزيد مصاعب فقراء العراق.

ظروف معيشية صعبة

في ظل سوء الأوضاع المعيشية، وعدم قدرة العوائل الفقيرة على تأمين احتياجاتها اليومية، بسبب حظر التجول، لا يخفي العراقيون قلقهم من استمرار الحظر.

“علي الأوسي”، رب عائلة مكونة من أربعة أفراد، يقول إنه تضرر بشكل كبير من الحظر، وصار عاجزاً عن توفير لقمة العيش لعائلته.

“الأوسي”، الذي يعمل سائقا لسيارة أجرة، يردف قائلاً لـموقع «الحل نت» إنه يواجه «ظروفاً معيشية صعبة، بسبب عدم تمكّنه من العمل». مضيفاً أن عائلته «تعتاش على ما يصل اليها من مساعدات عينية ومالية من الأهل والأقارب».

حال سائق سيارة الأجرة يشبه إلى حدّ كبير حال كثيرين من أقرانه في مختلف المحافظات العراقية، خصوصاً أولئك الذين لا يحصلون على مرتبات حكومية.

“مجيد الكعبي”، عامل في أحد محال سوق “الشورجة” التجارية، الواقعة وسط #بغداد، يقول إنه يتقاضى راتباً اسبوعياً لا يكاد يكفي لسداد نفقات عائلته، التي تسكن في حي “الحواسم” شرقي العاصمة، لكن قلق الكعبي يتزايد كلما استمر حظر التجول، وهو ما يهدد مستقبل العائلة المعيشي.

المخاوف الشعبية هذه تأتي بالتزامن مع ارتفاع أصوات نيابية عراقية، تعبّر عن خشيتها من تعرض البلاد إلى “مجاعة”، على خلفية الحظر المفروض على جميع المحافظات.

الإجراءات الاحترازية التي فاقمت من حدة الفقر، دعت “أرشد الصالحي”، رئيس “لجنة حقوق الإنسان” النيابية، إلى مطالبة الحكومة بإعداد «استراتيجية سريعة لتوزيع المواد الغذائية، والإعلان عن مشاريع تؤمن القوت اليومي للعوائل الفقيرة، التي لا تتمكن من الخروج للكسب»، بحسب بيان صدر عن مكتبه.

“الصالحي” أقرّ في بيانه أن «أغلب العراقيين يعانون من قلة القوت اليومي، بسبب عدم تمكنهم من مزاولة أعمالهم بشكل طبيعي».

منح حكومية ولكن…

منذ الإعلان عن فرض حظر التجول والمواطن العراقي يترقب ما ستقدمه الحكومة للعوائل التي تضررت جراء الحظر المفروض، إلى أن أعلنت “اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية في العراق”، في الحادي عشر من نيسان/إبريل، عن إطلاق منح مالية شهرية مؤقتة للعوائل الفقيرة، قيمتها ثلاثون ألف دينار شهرياً للفرد الواحد، وهو ما يعادل خمسة وعشرين دولاراً ، مشترطة أن لا يتقاضى المستفيد من المنحة أي راتب آخر. طبيعة الإجراء الحكومي، وقيمة المنحة المالية الممنوحة للفقراء، قوبلت بانتقادات واسعة في الشارع العراقي، فاعتبر البعض المساعدة الحكومية استخفافاً بمعاناة المعوزين.

ويصف المحامي “سلام قاسم” المساعدة المقدمة للمحتاجين بأنها «إذلال للمواطن العراقي»، متسائلاً عن السر الذي دعا الحكومة إلى إقرار هذا المبلغ، الذي لا يسد رمق العوائل التي فقدت مصادر رزقها اليومي.

من جهته يسخر سائق سيارة الأجرة “حازم الرديني” من المنحة الحكومية، مبينناً بأن حصة الفرد من المنحة «ستكون ألف دينار يومياً، وهو أمر مضحك للغاية».

احصائيات رسمية متضاربة

وفقاً لإحصاءات وزارة التخطيط العراقية فإن البطالة في صفوف العراقيين بشكل عام تشكّل ما نسبته  20%، فيما تبلغ بين فئة الشباب أكثر من 23% ، بسبب قلة فرص العمل والتوظيف الحكومي.

هذه الاحصاءات لا تتفق كثيراً مع ما أعلنه “نوري الدليمي”، وزير التخطيط العراقي، في الرابع والعشرين من نيسان/إبريل، حول أن «عدد الأسر العراقية، التي سجّلت على المنحة الحكومية الطارئة، بلغ حوالي مليونين وثمانمئة ألف أسرة، فيما بلغ عدد الأفراد ثلاثة عشر مليوناً».

يرى “محمود الزجراوي”، النائب في البرلمان العراقي، أن «التضارب في الإحصاءات الحكومية حول نسب البطالة، دليل على واقع معيشي صعب، أضحت العوائل العراقية تتأثر به بشكل ملحوظ، خلال الحظر الوقائي».

“الزجراوي”، الذي ينتمي لكتلة “سائرون” النيابية، قال لموقع «الحل نت» إن «الحكومة العراقية أمام مسؤولية وطنية للتخفيف عن كاهل العوائل الفقيرة، عبر دعمها مادياً وعينياً». محملاً الحكومات العراقية المتعاقبة مسؤولية «ما وصل إليه العراق من فقر مدقع».

النائب البرلماني يعتقد أن «الفساد الحكومي، وتبديد الأموال بغير وجه حق، هما من أوصلا العراق الى هذا الحال». مضيفاً أن «من السخرية أن يطلب العراق، الذي يصدّر ما يقارب خمس ملايين برميل نفط يومياً، مساعدات مالية من الدول الاخرى لمواجهة أزمة  “كورونا”».

تكافل اجتماعي

الظروف المعيشية الصعبة للعوائل العراقية دفعت بعضاً من مؤسسات المجتمع المدني ومكاتب المرجعيات الدينية والميسورين للقيام بحملات تكافلية، تضمّنت توزيع سلال غذائية على العوائل المتضررة. لكن هذه الحلول «موقتة ولا تلبي حاجة المعوزين»،  كما يقول المهندس “حيدر هليل”، المشارك في تلك الحملات.

وتعتمد المنظمات التكافلية أساساً على ما يصلها من تبرعات الأهالي والميسورين، وبعض “الحقوق الشرعية” التي تدفع لمكاتب المرجعيات الدينية.

لكن المهندس “حيدر” يقول لموقع «الحل نت»: «المساعدات قد لا تصل الى جميع المحتاجين، لعدم وجود بيانات حول مكان تواجدهم»، معتبراً أن هذا الإجراء «لا يمكن أن يكون بديلاً عن الإجراءات الحكومية».

وفي الوقت الذي يرحّب فيه الشارع العراقي بحملات التكافل الاجتماعي، يحمّل الخبير الاقتصادي “ضرغام الأجودي” الحكومات العراقية مسؤولية ضياع الثروات، متسائلاً عن مصير فارق أموال بيع النفط قياساً مع السعر الذي تضمّنته الموازنات الاتحادية خلال الأعوام الماضية. ويقترح “الأجودي” إِنشاء صندوق اتحادي، توضع فيه مبالغ تستوفى من بيع النفط شهرياً، ليتم الاستفادة منها أوقات الأزمات المالية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.