السوريات والعراقيات يعانين من ذات الاضطرابات الجنسية الناتجة عن الحرب

السوريات والعراقيات يعانين من ذات الاضطرابات الجنسية الناتجة عن الحرب

المرأة السورية ممنوعة من المتعة الجنسية وتعيش في هلع ستر العورات!

تعود معظم مشكلات واضطرابات الصحة الجنسية عند الإناث، تعود في جذورها إلى عمق طفولتهن وبدء تشكل وعيهّن بذواتهن، وباختلافهن عن الذكور، فمنذ الطفولة تعاني الفتيات من الخجل والخوف من جنسانيتهن، بسبب التعتيم والتضليل المعرفي الممنهج المُحاط بجدران سميكة من المحظورات، والتي يجب الانصياع لها دون نقاش أو شرح، حيث تلجأ الأمهات لاستخدام تعابير مُجردة للغاية كالعورة، والحرام، وغير اللائق، والعيب، والعار، وهي بلا شك تعابير لا يمكن للأطفال فهمها!

للحديث عن تأثير الحرب والكبت على الصحة النفسية الجنسية عند الإناث، كان لنا الحوار التالي مع البروفيسور الأكاديمي والاختصاصي الاكلينيكي بالصحة النفسية والجنسية والعلاج النفسي الجنسي ورئيس الجمعية البولندية للمعالجين “بسام عويل”.

بداية سألنا الدكتور “عويل” هل يمكن أن تتسبب الحرب في ظهور اضطرابات جنسية عند الإناث؟ فقال:

«تتزايد في أوقات الحروب مخاطر الحرمان وعدم الاستقرار العاطفي والفقد والعنف الجنسي بأشكاله من تحرشات واغتصابات وزيجات مبكرة واجبارية، كذلك قد تجبر الحرب وتبعاتها من نزوح وهجرة ولجوء النساء على القيام بأدوار غير مألوفة لتدبر أمورهن والصرف على أنفسهن وأبنائهن مما قد يجبرهن على الاتجار بأجسادهن بالمعنى الحرفي أو المجازي لتأمين مصدر عيشهن والتغلب على المصاعب الحياتية والاقتصادية والأمنية».

السوريات والعراقيات يشتكين من ذات الاضطرابات الجنسية

ويتابع اختصاصي الصحة الجنسية قوله: «من أكثر الاضطرابات الجنسية التي صادفتها أثناء عملي مع السوريات، والتي تتشابه كثيراً مع تجربتي مع العراقيات واليوغوسلافيات أثناء الحرب هناك هو “الحدية الجنسية”، بمعنى إما الانغلاق الكامل على المتعة الجنسية والعلاقات الجنسية، أو الانفتاح الكامل عليها».

وأضاف «هذه السلوكيات بكلا الحالتين، ردات فعل نفسية جنسية تتضمن التمرد على الأدوار الجنسية الأنثوية المجتمعية، من الاضطرابات التي قد يتسببها الحرب أيضاً، الإدمان على المواقع الإباحية ومشاهدة الأفلام والاستمناء القهري، وكذلك استبدال العلاقات الجنسية الواقعية بشبيهتها الافتراضية التي تشبع للأنثى بعض من حاجاتها النفسية والعاطفية والجنسية ولكن تبعدها عن التواصل الحياتي والمشاعر الحقيقية وتقلل من حظوظ دخولها في علاقات فعلية».

ويضيف البروفيسور “عويل”، «من خلال خبرتي العيادية بالعلاج النفسي والجنسي مع الإناث السوريات، يمكنني القول، أن معظم المراجعات يشتكين من الاضطرابات الجنسية التالية مجتمعة أو منفردة والتي كما هو واضح للعيان هي اضطرابات ومشكلات تستند الى الأبعاد العاطفية والنفسية والعلائقية أكثر بكثير من كونها بدنية أو عضوية»، ومنها:

  • على رأس القائمة نجد عدم الشعور بالحاجة الجنسية، وانعدام الاستثارة الجنسية يكون إما لأن الأنثى لا تشعر بها على الإطلاق، أو أن الاستثارة اختفت بعد فترة أو ضعفت إلى درجة كبيرة مع الزمن، بسبب الشعور بالألم خلال الجماع أو عدم الشعور بالمتعة أو بسبب الإنجاب.
  • المعاناة من الألم أثناء الجماع والذي قد يصل إلى مستوى النفور من العلاقة الجنسية أو عدم التمتع بها نهائيا.
  • شكاوي تتعلق بضعف أو غياب المشاعر المرتبطة بالجماع الجسدي، (لا أشعر بأي شيء)، أو تجربة المشاعر السلبية مثل (الاشمئزاز، النفور، الخوف).
  • عدم الشعور بالرضا من الاتصال الجنسي أو صعوبة الوصول إلى النشوة الجنسية.

ويكمل الدكتور “عويل” «ما يميز اضطرابات الإناث في المشرق والدول العربية وسوريا هو كونها تتصل بشكل وثيق مع مكانة الأنثى الأضعف في العلاقات الجنسية والاجتماعية عموماً وتبعيتها الاقتصادية للذكر (الأب، الأخ، الزوج، وحتى العشيق)، وإضافة إلى ذلك كله ضعف أو تشويه ثقافتها الجنسية الخاصة بها وبالذكور».

كيف يمكن للمرأة التمييز بين سبب الاضطراب إن كان نفسي أم فيزيولوجي؟

يجيب الدكتور “عويل” «تتشابه مظاهر الاضطرابات الجنسية البيولوجية منها والفيزيولوجية التي تعكس الشعور بالضيق وعدم الرضا عن الحياة الجنسية والأداء الجنسي وما يتبعه من تقدير متدني للذات والجاذبية والمكانة.. إلخ».

ويضيف «التمييز بين الأسباب بحاجة إلى استشارة مباشرة من اختصاصي بالصحة الجنسية، يستطيع من خلال المقابلة التشخيصية، تحديد الخطوط العريضة لمنشأ وعوامل الاضطراب، وفيما بعد يقترح مسارات الإرشاد والعلاج المناسب».

ويؤكد على «ضرورة الاستفادة من الاستشاري المتخصص بعد التأكد من كفاءته وعدم الاعتماد على الآراء الفردية العامة غير التخصصية، أو على المقالات والنصوص التي تنضح بها المواقع على شبكة الانترنت ومحاولة وضع تشخيص ذاتي للمشكلة، لأن الوقوع بالأخطاء وتبني مقولات وإرشادات غير ملائمة قد يزيد في عمق المشكلة ويُشعر المرأة بالعجز عن إيجاد الحل».

ويشير البروفيسور أن «الإناث في عالمنا الشرقي والعربي لسنّ على علاقة طيبة ودافئة مع جنسانيتهن، لكونهن لم يتعلمنّ أو يتثقفنّ عن أجسادهن، وحاجاتهن وخصوصيتهن الجنسية، إلا ما هو وظيفي ضيق ومتصل بأداء بعض المهام الضرورية للحفاظ على صحتهن وتجهيز أنفسهن للاستهلاك الذكوري والأسري والمجتمعي، وذلك لأن المجتمع يخشى على المنظومة الثقافية والمجتمعية من التغيير وعلى سلطة الرجل من الاهتزاز».

ثقافة العيب والخوف من الجسد

ويتابع اختصاصي الصحة الجنسية «الكثير من المشاكل الجنسية عند النساء البالغات تبدأ منذ الطفولة، فثقافة العورة، والعيب، والحرام تؤدي إلى الخوف من الجسد، والمضحك المبكي أن بعض “المتنورين”، الواعيين لضرورة التربية الجنسانية للبنات، عندما يتحدثون في التربية الجنسية يستخدمون مصطلح مثل ” أدب العورات”، وهم بذلك يغلفون الجنسانية مرة أخرى بمصطلح يجعلها من التابوهات والمحرمات!».

وبحسب رأي اختصاصي الصحة النفسية والجنسية، فإن «معظم إناث الشرق والسوريات بطبيعة الحال، تنمو في ثقافة الهلع لستر “العورات”، ويكبرن ليجدن أنفسهن عائمات ما بين التكيف مع العادات والتقاليد والمحددات الدينية والاجتماعية من ناحية، وبين متطلبات التكيف العصري، الذي فتح لهن أبواب الانطلاق بعيداً خارج تلك المحددات، ففضاء الإنترنت الواسع، حطم كل القيود على المعرفة، وجعلها في متناول اليد؛ سامحاً للفتيات بتجاوز حواجز التواصل الاجتماعي وبالصوت والصورة في أجواء آمنة، ولكنه في ذات الوقت فضاء افتراضي ووهمي».

ويضيف «فالعلاقات الافتراضية مع شركاء افتراضيين، يمكن أن يكون سبباً في إبعاد الانثى عن التواصل الحياتي والمشاعر وحظوظ إقامة علاقات حقيقية وحياتية، ولكن عندما يكون التواصل على الشبكة الافتراضية بين شريكين حقيقيين فالأمر يختلف تماماً».

ووفقاً للبروفيسور، فإن «الرغبة الجنسية غريزة وحاجة يفرضها التكوين البيولوجي والهرموني عند الإناث، وبالتالي فإن ربط هذه الحاجة بالإثم سيدفع الأنثى إلى رفض المتعة الفيزيولوجية  التي قد تتحول إلى مصدر للألم النفسي، بسبب الشعور بالذنب ومخالفة القواعد التربوية، وتتسبب هذه المعادلة بنشوء صراع تعيشه الفتاة منذ مرحلة النضج الجنسي وحتى ما بعد نضجها الاجتماعي، صراع ماهيته المتعة، وموضوعه البحث عن الحل التكيفي الأمثل بين المتعة الفيزيولوجية المرتبطة بالشهوة الجنسية، وبين المتعة النفسية العاطفية، المرتبطة بالشعور بالقبول والأمان».

غياب المتعة سبب الأهم في المشكلات الزوجية

هل عدم تعرّف المرأة على جسدها وتحديد احتياجاتها الجنسية يؤثر على صحتها الجنسية؟

يرد البروفيسور “عويل” «الشعور بالمتعة الجنسية لدى الأنثى وقدرتها على تحفيزها واستمراريتها وتنميتها وتبادلها مع الشريك الجنسي جزء لا يتجزأ من جنسانيتها، وهي أحد أهم مظاهر صحتها الجنسية».

ويكمل «المتعة ترتبط بالهوية النفسية والتوجهات والميول الجنسية، وخصوصيات الإثارة الجنسية الخاصة بكل أنثى، وقبل كل شيء بوعي الأنثى وتكيفها وتقبلها لجنسانيتها ورعايتها لصحتها الجنسية، وخاصة وأن المتعة الجنسية كما هو معروف في علوم النفس والجنس هي نتاج لتفاعل العوامل النفسية والثقافية، والاجتماعية في البيئة التي يتم فيها النمو النفسي الجنساني منذ الطفولة مرورا بالمراهقة والشباب حتى البلوغ والرشد».

وينهي حديثه بقوله: «لذلك فإن افتراض جهوزية المرأة للحصول على المتعة الجنسية لكونها صحياً أو بدنياً لا تعاني من اضطرابات أو أمراض بشكل تلقائي بعد الزواج وبفعل العلاقة الجنسية الجسدية مع الزوج، حتى بحال أنها راغبة وأن الشريك متفهم لصراعات زوجته كأنثى، هو افتراض مغلوط، لأن التعرف على الجسد وخرائط المتعة الخاصة به وامتداداتها وكذلك حاجاته يعتبر من أهم مقومات الصحة الجنسية والأداء الجنسي الممتع، وبالعكس فإن ضعف المعرفة بالجسد وحاجاته عادة ما يكون سببًا في الكثير من المشكلات الفردية والعلائقية التي تعاني منها الإناث، ومن بين الصعوبات التي تحدث بين الشريكين على هذا المستوى نجد الاختلافات في شدة الحاجة الجنسية ونوعية الجماع والوضعيات  والتفضيلات الأكثر امتاعاً، وصولاً الى النفور وعدم الرغبة في الجماع مع الشريك أو ندرة الاتصال الجنسي بين الشريكين وما يمكن أن ينتج عنها من احتقانات ومشاكل وحتى خيانات، بحثاً عن المتعة خارج العلاقة».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.