واقعياً، كان بيان المرجع الديني #علي_السيستاني منذ أيام، عقب لقائه بالمبعوثة الأممية في #العراق، #جينين_بلاسخارت، هو دعم قلّ مثيله لحكومة #مصطفى_الكاظمي.

من النادر، أن يدلي “السيستاني” بموقف صريح إزاء حكومة ما، بخاصة بعد 2011، حتى أنه امتنع عن استقبال الساسَة منذ ذاك، حينما كان آخر استقبال له لرئيس الحكومة الأسبق #نوري_المالكي.

المرة الوحيدة، بعد 2011 – غير فتوى الجهاد – التي أدلى بموقف سياسي له، كانت في 2017، عندما أعطى فرصة “ذهبية” لرئيس الحكومة الأسبق #حيدر_العبادي بضرب الفساد.

لم يفعلها “العبادي”، ولم يضرب بيد من حديد كما طالبته المرجعية وقتئذ، وبقيت #مرجعية_النجف تنتقد “العبادي” وحكومة خلفه #عادل_عبد_المهدي في عدة مناسبات.

المرجعية، خرجَت على غير المعتاد عن نقدها، وأعلنَت بما يشبه اليقين عن دعم وتفويض شبه كلي لرئيس #الحكومة_العراقية “الكاظمي”، نحو الاستمرار بخطواته الإصلاحية.

أهمها، حصر السلاح المنفلت بيد الدولة واسترجاع هيبتها، وإجراء انتخابات نيابية مبكّرة وفق قانون عادل، ومحاسبة قتلَة المتظاهرين وكبار الفاسدين، وَبِذا أصبح “الكاظمي” مدعوماً بصراحة.

لكن المرجعية، ذكرَت في بيانها، أنه في حال عدم تطبيق الإصلاحات والخطوات التي بيّنتها، فإن البلاد قد تنزلق لفوضى لا تحمد عقباها، ما يعني أن هذا الدعم، هو مشروط، برغم قوته.

هُنا يجيء دور الشخصيات المُراقبة لتفسير وتحليل بيان “السيستاني”، ومآلاته أكثر وبشكل تفصيلي ومن أهم المُفسّرين كان مدير المبادرة العراقية في المجلس الأطلسي، “عباس كاظم”.

“كاظم”، قال في تحليله الذي نشره على موقع “المؤسسة البحثية الأميركية”، إن «بيان “السيستاني” الأخير، هو “فرصة أخرى” للحكومة العراقية، وليس دعماً قوياً لها».

«مُطالبة “السيستاني” بدعم مُطلق للحكومة، (…) يحتاج إلى أن يتخذ  “الكاظمي”، خطوات ملموسة كافية بشأن الإصلاح ومحاربة الفساد»، حسب تفسير “كاظم” في مقالته التحليلية.

«بيان “السيستاني” في دعمه المشروط، يُحَدّد رؤيته لما يحتاجه #العراق بشكل عاجل في هذا الوقت الحرج، (…) بخاصة أنها “أول رسالة سياسية له منذ تشكيل الحكومة الحالية».

«الانتخابات المبكرة التي أكّد عليها “السيستاني”، والتي حدّدها “الكاظمي” في (6 يونيو) المُقبل، تتوقف على تعاون البرلمان بالتصويت على حل نفسه بحلول (7 أبريل) المقبل»، وفق “كاظم”.

يقول، إن «القادة السياسيين العراقيين دائماً ما يستقبلون تصريحات “السيستاني” بشكل انتقائي، غالباً ما يتمسكون بما يفيدهم ويتجاهلون ما يزعجهم أو يماطلون فيه».

يضرب مثالاً، بما وصفه «احتفال الجميع في الطبقة السياسية بفتواه في (13 يونيو 2014) التي دعت المواطنين العاديين لحمل السلاح ومحاربة #داعش، وإنقاذ النظام من الانهيار».

«على النقيض من ذلك، فإن فتواه بتاريخ (7 أغسطس 2015) بضرب القبضة الحديدية بكل من يسيء استخدام الأموال العامة، ذهبت أدراج الرياح»، حسب مدير المبادرة العراقية.

«لهذا السبب توقف “السيستاني” عن استقبال السياسيين العراقيين تحت أي ظرف من الظروف، وبالفعل، فإن آخر رئيس وزراء عراقي قابله كان “لمالكي”، ولَم يلتقِ بغيره من بعده».

“كاظم”، ينتقد «انتشار الكثير من اللوم على “الشيعة”، والاستياء ليشمل شبكة رجال الدين التابعة لـ “السيستاني” بالغالب»، ويربط بين هذا اللوم عليهم وتوقف السيستاني عن مقابلتهم.

قائلاً: «بعد اكتشاف المسؤولية التي فرضوها عليه، بدأ “السيستاني” النأي بنفسه عن السياسيين الشيعة، لا سيما عبر توجيه الجمهور لرفض طلباتهم وتصعيد مُمثّليه انتقادهم للحكومة».

لذا فإن «القادة العراقيين لن يتمكنوا من لقاءه حتى تحقيق إنجازات قابلة للقياس، وبالتالي من المرجح أن يستمر هذا الوضع»، وفق تحليل “كاظم”، في إشارة منه إلى “الكاظمي”.

الإشارة مغزاها، إن أرادَ “الكاظمي” أن يحظى بدعم مُطلق غير مشروط، وبلقاء “السيستاني”، فعليه تنفيذ الخطوات الإصلاحية التي رسمها بيان المرجعية أولاً، ليتم ذلك فيما بعد.

يُمكن القول، إن المرجعية فوّضَت “الكاظمي” بتنفيذ خطواته التي يخشى من القيام بها، لعدم امتلاكه أي دعم سياسي، فهو لم ينتمِ لحزب ما، لذا أعطته هذا الدعم المشروط، والباقي عليه.

أخيراً، هذا التفويض، يُمكّنه من إجراء كل الإصلاحات بلا أي خشية من التفاف الأحزاب عليه، نظراً لما تمتلكه المرجعية من قوة وجمهور، وما عليه إلا كسب هذه الفرصة، وعدم تضييعها كما “العبادي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.