مع ازدياد تفشي فيروس #كورونا في سوريا عموماً والعاصمة #دمشق على وجه الخصوص، امتنعت المشافي الخاصة والعامة عن استقبال المرضى لإجراء المعاينات والكشوف الطبية، بحجة الإجراءات الوقائية التي تتخذها وزارة #الصحة لمواجهة الفيروس.

وشهدت أسعار الكشوف، والمعاينات الطبية في العيادات الخاصة ارتفاعاً كبيراً، لتعادل في بعض الأحيان راتب #الموظف لشهر كامل.

لم تكن أزمة كورونا، هي السبب الوحيد لرفع #الأطباء لأجور المعاينة، بل هي بند يضاف إلى قائمة تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، لدى أغلبية السوريين.

وأصبح الطبيب، يحدد تسعيرة الكشفية بنفسه، يضاف إليها قصور نقابة الأطباء ووزارة الصحة عن تعديل تسعيرة الأطباء بما يتوافق مع الأسعار الراهنة.

فوضى التسعيرة بين الأطباء ووزارة الصحة

يشكو الكثير من الأطباء، عدم وجود ما أسموها “تسعيرة منصفة” لكل من المواطن والطبيب على حد سواء، لهذا تختلف الكشفية من طبيب إلى آخر.

وقال طبيب العينية “أنور مهايني” «بقينا لأكثر من 16 عاماً بدون تسعيرة جديدة، وهي تسعيرة وضعت منذ عام 2004، لا تتجاوز 700 ليرة للمعاينة، وبالطبع  لم يكن أحد من الأطباء يلتزم بها، خصوصاً بعد الأحداث في عام 2011 وهبوط قيمة الليرة».

وأضاف مهايني لموقع (الحل نت) أنه «وبعد مطالبات كثيرة برفع التعرفة الطبية، تم تحديد أجور مزودي الخدمة الطبية في شهر حزيران الماضي، بواقع 4 آلاف ليرة للأطباء الاستشاريين ممن لديهم خبرة أكثر من 10 سنوات، و3 آلاف ليرة للأطباء ممن لديهم أقل من 10 سنوات خبرة، وهذه التسعيرة تساوي #دولار ونصف إلى دولارين للمعاينة الطبية على أبعد تقدير»، (الدولار بـ 2100 ليرة).

وأشار الطبيب إلى أن «التعرفة الجديدة غير منصفة، ولا أحد يلتزم بها، نتيجة ارتفاع أسعار المواد المستهلكة في تشخيص العلاج، إضافة إلى ارتفاع أجور العيادات وتشغيلها سواء ماء وكهرباء أو موظفين وغيرها من الأمور اليومية، ويجب ألا تقل تسعيرة المعاينة عن 6 آلاف ليرة، فالمشكلة الأساسية في دخل المواطن المنخفض وليس في تسعيرة الأطباء».

وكان نقيب أطباء سوريا “كمال عامر” أكد في تصريح لصحيفة (الوطن) المحلية أن «عملية ضبط تسعيرة الأطباء، الذين يتقاضون مبالغ عالية صعبة، حيث لا توجد قوانين يمكن تطبيقها عليهم نتيجة الغلاء الذي نعيشه».

وبرر ذلك بقوله «لا توجد تسعيرة منصفة، متوافقة مع الواقع المعيشي، وهذا يجعل كل الأطباء مخالفين لأجور التسعيرة التي يتقاضونها من المواطن».

الكشفية براتب موظف الشهري!

تواصل موقع (الحل نت) مع عدد من المواطنين، الذين زاروا عيادات الأطباء مؤخراً في العاصمة دمشق، لمعرفة الأجور التي دفعوها عند المعاينة الطبية.

وقالت “سحر” معلمة مدرسة ابتدائية «قررت الذهاب إلى طبيب مشهور في منطقة شارع بغداد بعد معاناة مع آلام في المفاصل، وهذه الزيارة كلفتني 20 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل نصف راتبي الشهري، وخرجت بوصفة طبية لصرفها في الصيدلية بـ15 ألف ليرة».

وأضافت المدرسة أن «هذه الأسعار غير منطقية، ولن أكرر زيارتي إلى أي طبيب آخر، وسأكتفي بالأدوية المسكنة والأعشاب الطبية، التي تعتبر أرخص البدائل في وقتنا الحالي، كي لا أضطر إلى صرف راتبي كاملاً للطبيب، والوصفة الطبية».

أما “سامر” وهو موظف، يروي قصته مع طبيب القلبية، الذي زار منزل والده بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة وقال «بعد أن فقدنا الأمل في الحصول على سيارة إسعاف لنقل والدي إلى المشفى نتيجة أزمة كورونا، وعدم استقبال المشافي لنا، قررت الاتصال بأحد أطباء القلبية في منطقة المجتهد».

وأضاف «لم يمانع الطبيب في المجيء إلى المنزل، وقام بإجراء فحص سريري لوالدي، وطلب من إجراء بعض التحاليل، ووصف له بعض من الأدوية، لكن المفاجأة كانت في الأجر الذي طلبه، وكان 40 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ لم أكن أملكه حينها، وبعد أخذ ورد مع الطبيب قام بتخفيض أجره لـ35 ألف ليرة».

ما هي البدائل؟

وكنتيجة طبيعية لارتفاع أجور المعاينات الطبية، وانخفاض دخل المواطن، اتجه كثير من المرضى، الذين لا طاقة لهم على احتمال أجور المعاينات، لشرح حالتهم للصيدلاني، والاكتفاء بما يقدمه لهم من نصائح وأدوية، دون اللجوء إلى الطبيب المختص».

وفي أحيان أخرى، يقتصر الطلب على الأدوية المسكنة رخيصة الثمن نتيجة ارتفاع أسعار الأدوية للأمراض المزمنة وفقدانها في معظم الصيدليات، بحسب سامر.

وقال صاحب إحدى الصيدليات في منطقة (الميدان) بدمشق إن «قطاع الأدوية يعاني من ارتفاع الأسعار كحال المعاينات الطبية، ومعظم الأدوية تُباع بغير التسعيرة النظامية، لأنها وهمية في معظم الأحيان، ولا تلتزم بها شركات الأدوية».

وأضاف لموقع (الحل نت) أن “أسعار الأدوية ارتفعت مؤخراً ثلاثة أضعاف، حتى طالت المسكنات أيضاً، والتي زاد الطلب عليها بعد تسارع معدل الإصابات بفيروس كورونا، حيث أن علبة فيتامين سي 10 أقراص وصل سعرها لـ10 آلاف ليرة، إضافة إلى فقدان الأدوية للأمراض المزمنة، نتيجة توجه شركات الأدوية لإنتاج المسكنات والسيرومات ذات الطلب العالي”.

بدوره، يرى الصحفي الاقتصادي “أيمن محمد” أن «قطاع الصحة كغيره من القطاعات السورية أصبح هشاً نتيجة ظروف الحرب، وزاد الأمر سوءاً بعد انتشار فيروس كورونا، فلم تعد المشافي تستقبل الحالات الباردة، وساهم ذلك في رفع الأطباء لأجور المعاينة الطبية، إضافة إلى موجة الغلاء وارتفاع الأسعار التي تشهدها البلاد».

وأضاف محمد لموقع (الحل نت) أن «الحل المنصف لكل من الطبيب والمواطن هو العمل بنظام التأمين الصحي، حيث يدفع المواطن جزء من أجور المعاينة فيما تتكفل الدولة بتعويض الطبيب، وهذا يعود حسب خبرة الطبيب واختصاصه، وبالتالي إغلاق الباب أمام حالات الاستغلال، والأسعار غير المنطقية في الكشوف الطبية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.