لا تزال مناطق سيطرة السلطات السورية، تعاني من أزمة في توفر مادة #البنزين، للأسبوع الرابع على التوالي، دافعة مئات #السيارات للاصطفاف في طوابير أمام محطات #الوقود، للحصول على مخصصاتها عبر #البطاقة_الذكية.

وباتت تلك المخصصات، بمثابة “حقل تجارب” تتخذها الحكومة كإجراءات “ترقيعية”، في مواجهة أزمة الوقود، التي تضاف إلى أزمات الكهرباء والخبز والغاز والسكر والأرز، وكل ما يتعلق بحياة المواطن اليومية.

ورغم أن أزمة البنزين، لم تكن الأولى من نوعها في #سوريا، حيث شهدت البلاد أزمة مماثلة في نيسان 2019، إلا أنها لم تدم طويلاً كما يحدث الآن، فما هي الأسباب، التي أدت لتفاقم أزمة المحروقات؟ وإلى متى ستمتد

حلول مؤقتة!

تتبع موقع (الحل نت) التصريحات الرسمية والقرارات، التي شكلت ملامح ظهور أزمة توفر مادة البنزين منذ أكثر من سبعة أشهر، ففي شهر آذار الماضي، حددت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر ليتر البنزين المدعوم بـ250 ليرة، وغير المدعوم بـ450 ليرة سورية لليتر الواحد.

وهو ما اعتبر الخطوة الأولى في “تحرير أسعار المشتقات النفطية”، ورفع الدعم جزئياً عنها، حيث يحق للسيارات الخاصة 100 ليتر شهرياً، والدراجات النارية 25 لير، والسيارات العمومية وآليات النقل الجماعي بـ350 ليتر شهرياً، وذلك بالسعر المدعوم، يتم توزيعها عن طريق “#البطاقة_الذكية”.

تلاها في أيار الماضي، قرار من وزارة #النفط والثروة المعدنية، بإيقاف تزويد شريحة البنزين المدعوم عن السيارات الخاصة، ذات سعة محرك تتجاوز (2000سي سي)، إضافة إلى كل شخص يملك على اسمه أكثر من سيارة، بما فيها الشركات.

ومع بداية شهر أيلول الحالي، ومع انخفاض توريد مادة البنزين إلى محطات الوقود، وكنتيجة للازدحام، خفضّت وزارة النفط مخصصات البنزين للسيارة الخاصة مع كل تعبئة من 40 إلى 30 ليتر، واصفة الإجراء بـ “المؤقت”.

لكن مصدر بوزارة النفط كشف لصحيفة (الوطن) المحلية في التاسع من شهر أيلول الحالي أنه «تم تخفيض مخصصات محطات الوقود في المحافظات السورية من البنزين، وذلك لضمان كفاية المخزون الموجود حالياً لأطول فترة، ريثما تصل التوريدات الجديدة»، متوقعاً انتهاء الأزمة، خلال أسبوع واحد.

وفي 18 أيلول الحالي، أصدر رئيس مجلس الوزراء “حسين عرنوس” تعميماً، ينص على «تخفيض مخصصات السيارات الحكومية من مادة البنزين، لمعالجة أزمة البنزين نتيجة ظروف الحصار والعقوبات الاقتصادية على سوريا، ولوجود مشاكل فنية وتقنية في المؤسسات المعنية بمعالجة المشتقات النفطية»، بحسب ما جاء في التعميم.

وفي اليوم التالي، 19 أيلول، عدّلت وزارة النفط مدة تعبئة مادة البنزين لجميع الآليات العامة والخاصة في المحافظات السورية، حيث يحق للسيارة الخاصة والدراجات النارية تعبئة مخصصاتها كل 7 أيام مرة واحدة، والآليات العامة كل 4 أيام مرة واحدة، مبررة القرار بأنه يهدف لتخفيف الازدحام على محطات الوقود.

وقال “مروان” سائق سيارة أجرة إن: «جميع #القرارات التي تصدر تزيد من الأزمة، فلا تزال طوابير السيارات تنتظر، وعندما نقترب من الوصول إلى محطة الوقود تفرغ المحطة من البنزين، لننتظر عدة ساعات أخرى، ريثما يصل صهريج الوقود، ناهيك عن الفساد والمحسوبيات بطرق التوزيع داخل مراكز التعبئة».

وأضاف مروان لموقع (الحل نت) أن «هذه العملية قد تستغرق 24 ساعة أو أكثر، وأثرت على عملنا بشكل كبير، حتى أصبح المواطن يخاف من الصعود إلى سيارة تكسي، خوفاً من التسعيرة التي أصبحت ألف ليرة على أقرب مسافة».

ما سبب الأزمة؟

الخبير الاقتصادي “فراس شعبو” قال في حديث لموقع (الحل نت) إن «أزمة البنزين هي واحدة من سلسلة الأزمات المتتالية في سوريا، سيليها أزمة الغاز والمازوت مع دخول فصل الشتاء، والإجراءات التي تتخذها الحكومة في تعاطيها مع الأزمة، يدل على أنها ستكون طويلة الأمد».

وعن الأسباب، التي أدت إلى تفاقم أزمة البنزين، أضاف الدكتور شعبو أن «نواقل النفط الإيرانية امتنعت عن تزويد حكومة النظام بالنفط وفق الخط الائتماني الإيراني منذ فترة، حيث تعتبر إيران الداعم الأساسي بالمحروقات لسوريا، وكانت تصل الكميات شهرياً عبر ناقلات النفط الإيرانية بأكثر من مليون برميل نفط».

وتعتمد السلطات السورية، بشكل كبير على واردات #النفط الإيراني، التي تغطي نحو 80% من احتياجاته البالغة 136 ألف برميل يومياً، وتنتج منها السلطات نحو 24 ألف برميل يومياً، وفق تصريحات لمسؤول في وزارة النفط.

ووفقاً لتقرير شركة “تانكر تيكرز” المتخصصة في تعقب ناقلات النفط، فإن «إمدادات النفط الإيرانية لسوريا تأثرت خلال الشهرين الماضيين».

وأوضح تقرير الشركة أن «هناك مشكلات لوجستية تتعلق بتسليم النفط الإيراني إلى النظام، إثر تعرض الناقلة الإيرانية (DELBIN) لحادث تسرب نفطي، وعدم تفريغ حمولتها لشهر حزيران الماضي، في حين وصلت الناقلة (SARA) إلى السواحل السورية في شهر آب الماضي، وعلى متنها مليون برميل من النفط الخام، إلا أنها لم تفرغ حمولتها، رغم ربطها بأنابيب التفريغ المرتبطة بمحطة مصفاة بانياس، وإن تم إفراغها فلن تكفي الاحتياجات النفطية لسوريا على المدى المنظور».

بدوره، أكد الخبير شعبو أن «الإيرانيين يأسوا من وضع السلطات السورية، فجميع المساعدات التي يقدمونها له هي لإطالة عمرها، فهناك تنافس مع روسيا التي تريد تحجيم دور إيران في سوريا، ولذلك تضغط إيران على السلطات السورية في ملف المحروقات، وتمنع وصول النفط إليه».

التهريب من لبنان أفضل الحلول المتاحة

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي “فراس شعبو” أن «هناك تداخل وظيفي بين السلطات السورية وقوات سوريا الديمقراطية، شهدنا العديد من التسويات والاتفاقات خلال الفترة الأخيرة فيما يخص تبادل القمح وبعض المواد التجارية، لكن الولايات المتحدة تريد الضغط على السلطات السورية، من خلال منع الإدارة الذاتية بيع النفط للنظام، وإجبارها على تسوية سياسية في البلاد».

وأمام انسداد الأفق أمام السلطات السورية، في الحصول على المشتقات النفطية، كان التوجه نحو لبنان المجاورة، حيث كشف موقع (صوت بيروت انترناشونال) أن «أزمة بنزين شهدتها منطقة البقاع اللبنانية، نتيجة تهريبها إلى سوريا، حيث تم التحوّل من تهريب المازوت إلى البنزين».

وأضاف الموقع أن «الطلب زاد على البنزين لتهريبه بطرق غير شرعية، عبر السلسلة الشرقية المحاذية لسوريا في قضاء الهرمل، وبالتالي الكميات المفترض أنها تُسلم الى المحطات الخاصة، تُباع الى تجار سوريين بسعر يصل التنكة 20 ليتر 6.50 $ (13500 ليرة سورية)، ليعود التاجر السوري، ويبيعها في السوق السوداء بـ 25 ألف ليرة سورية، وأحياناً يصل سعرها الى 30 ألف ليرة».

وتوقع الخبير الاقتصادي في ختام حديثه أن «أزمة البنزين ستتحول إلى أزمة مازوت وغاز مع دخول فصل الشتاء، حيث من المتوقع تخفيض مخصصات المحروقات الخاصة بالتدفئة أيضاً، في مقابل ارتفاع جديد في أسعار السلع والمواد الأساسية المرتبطة بانخفاض واردات الطاقة إلى سوريا».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.