أطلقت منظمة #اليونسكو رسمياً المسابقة المعمارية الدولية لإعادة بناء #مسجد_النوري في #الموصل، والذي تعرّض لأضرار بالغة بسبب المعارك التي دارت رحاها في مدينة الموصل لطرد جهاديي تنظيم #داعش.

ومسجد “النوري” هو معلم رمزي من معالم الموصل شمالي العراق، وهو موقع يعود لزمن الأجداد، حيث تنظم الحياة الاجتماعية للسكان. وقد نجح هذا الصرح الديني ومئذنته “الحدباء” الشهيرة الصمود على مر تاريخ البلاد المثقل بالحروب والمآسي منذ النصف الثاني من القرن الثاني عشر، حتى تموز 2017، عندما فجره أنصار تنظيم داعش بالديناميت.

ومن ذاك الموقع تماماً، أعلن زعيم تنظيم داعش #أبو_بكر_البغدادي “الخلافة” المزعومة في الرابع من شهر تموز 2014، في الظهور الأول وشبه الوحيد لذلك “الشبح”.

وقد دارت هذه الصور جميع أنحاء العالم. ولمدة ثلاث سنوات، سيحكم الجهاديون المدينة ويفرضون قانونهم عليها، قبل أن يطردهم الجيش العراقي وقوات التحالف.

وفي أثناء انسحابهم، دمّر الجهاديون العديد من المباني في المركز التاريخي للمدينة، بما في ذلك مسجد النوري، الأمر الذي أدى إلى تضرر “جوهرة الحضارة الإسلامية” هذه بشدة، لكنها لم تُدمّر بالكامل.

واليوم، بدأت المرحلة الأولى من أعمال الترميم، لكن بالنسبة لخبراء اليونسكو، فإن الأمر ليس بهذه السهولة. فقد عثروا مجدداً على عبوات غير منفجرة في المسجد وحوله.

يقول “باولو فونتاني” ممثل الوكالة الأممية في العراق: «عليك أن تكون حذراً للغاية، التطهير عمل دقيق جداً، وتنظيف المدينة مُعقّد، الأمر لا يتعلق بوقوع ضحايا جدد».

إعادة تأهيل نواة حضرية تاريخية 

لقد دُمِّرت مدينة الموصل، بما في ذلك وسط المدينة غرب #نهر_دجلة، حيث دُمِّر أكثر من 12000 مبنى. و«فكرة إعادة الإعمار ليست إعادة بناء كل شيء، ولكن إعادة تأهيل “نواة تاريخية” لإعطاء فكرة عما كانت عليه المدينة»، بحسب فونتاني.

وفي قلب هذا المشروع، يتربّع بالطبع مسجد النوري. فقد تم الحفاظ على جزء منه بأعجوبة، كما انتُشِلت واجهات وطوب من المئذنة، وتناثرت أعمدة المصلى المصنوعة من رخام الموصل على الأرض وهذه أيضاً يمكن إعادة تجميعها.

ومسابقة اليونسكو المعمارية هذه، هي لمشروع ذو معنى، يتضمن الحفاظ على الهياكل التي بقيت قائمة، وإعادة تأهيل بعض المباني التاريخية ودمجها في مشاريع جديدة، وتجميل الموقع بأكمله.

وبالنسبة لمسجد النوري، فإن الفكرة هي الحفاظ على شكل المبنى مع إعادة تطوير محيطه، لاسيما كنيستي “الطاهرة” و”الساعة”. ويموّل المشروع بشكل رئيسي من قبل الإمارات العربية المتحدة واليابان وكندا وبعض الدول الأوروبية.

وتُستَخدَم أحدث التقنيات لهذا المشروع، ومن المقرر أن يصل الخبراء قريباً لإجراء رسم خرائط ثلاثية الأبعاد للمدينة، لاسيما مركزها التاريخي.

دفعةٌ للاقتصاد المحلي 

ومن المتوقع أن يعزز إعادة إحياء “روح الموصل” الاقتصاد المحلي، إذ «يتعلق الأمر بإعطاء المدينة دفعة نحو للأمام»، كما يؤكد “فونتاني” ويتابع قائلاً: «حتى الآن، أنشأنا ما بين 600 و700 وظيفة، لكن هدفنا هو الوصول إلى 3500 وظيفة. نحن نستخدم نسبة كبيرة جداً من اليد العاملة المحلية، ونوظف العديد من المعماريين والمهندسين والبنّائين».

فبالإضافة إلى إعادة تأهيل التراث التاريخي للمدينة، فإن الأمر يتعلق بإحياء الحياة الثقافية والحرفية، فضلاً عن نظام التعليم الذي كان يعاني من الفقر إلى حد كبير خلال سنوات حكم تنظيم داعش المظلمة.

من جانبه، يؤكد “سعد كمباش” رئيس الأوقاف السنّية في العراق، بأن «إعادة إعمار مسجد النوري ومئذنته، هي أكثر من مجرد إعادة بناء حجارة! إنها عبارة عن سرد قصة جميع أولئك الناس الذين تحدوا الموت لإعطاء مساحة للأمل وترك البشرية تعيش».

وقد أبدت أكثر من 80 شركة معمارية بالفعل اهتمامها بالمشاركة في مسابقة اليونسكو التي تم إطلاقها في 16 تشرين الثاني المنصرم، والتي سيتم الإعلان عن الفائز بها في 15 نيسان 2021.

فبالنسبة للسلطات العراقية، تمثل إعادة إحياء مدينة الموصل أولوية لطي صفحة تنظيم داعش السوداء. وتأمل منظمة اليونسكو في استكمال أعمال الموقع بحلول عام 2024.

 

المصدر: (France Culture)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.