منذ مطلع العام الجاري، لم يعد اسم #سوريا في وسائل الإعلام يرتبط بالحرب الدائرة والأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها ملايين السوريين فقط، بل بات اسم #سوريا مرتبط بشحنات المخدرات المتنوعة، والتي يتم ضبطها مخبأة داخل بضائع ومنتجات غذائية وصناعية سورية، تزن عشرات الأطنان، وتُقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

لا تُعلّق السلطات السورية في كثير من الأحيان على هذه الحوادث، وإن علّقت فإنها تنفي علاقتها بشحنات المخدرات، رغم أن معظم الشحنات التي ضُبطت كان مصدرها “ميناء اللاذقية”، الذي تسيطر عليه #إيران، ومليشيا حزب الله.

سنسلط الضوء في هذا التقرير على أهم شحنات المخدرات التي ضبطت في عدد من دول العالم، وكان مصدرها #سوريا، إضافة إلى الحديث عن تجارة المخدرات وقيمتها المادية ودورها في تمويل النظام.

مصر هي الوجهة الأولى

ضبطت السلطات المصرية منذ بداية العام 2020 عدداً من شحنات المخدرات التي وصفت بـ”الضخمة”، حيث كانت البداية في تاريخ 19 كانون الثاني- يناير، عندما ضبطت الجمارك المصرية في ميناء “بورسعيد” البحري كمية من المخدرات، تبلغ نصف طن من الحشيش، مخبأة في أقفاص تفاح قادمة من ميناء “اللاذقية”.

ولم يمض شهر واحد، حتى ضبطت السلطات المصرية شحنة مخدرات ثانية بتاريخ 12 شباط- فبراير، وتبلغ أضعاف الكمية الأولى، وتصل لـ4 أطنان من الحشيش المخدر، قادمة من ميناء “اللاذقية”، داخل علب حليب تحمل علامة شركة “ميلك مان” المملوكة لرجل الأعمال “رامي مخلوف”، الذي تبرأ من هذه الشحنة، حينها عبر منشور له على موقع فيسبوك، واتهم أطراف أخرى تسعى لـ “تشويه صورته وصورة منتجاته”.

شهد شهر تشرين الثاني- نوفمبر أكبر عمليات للجمارك المصرية في ضبط لشحنات المخدرات القادمة من #سوريا، حيث كانت المحاولة الأولى بتاريخ 19 تشرين الثاني – نوفمبر، عندما تمكنت إدارة الجمارك في ميناء “الاسكندرية” المصري من ضبط شحنة تزن 2.3 طن من الحشيش المخدر، قادمة من ميناء “اللاذقية”، ومخبأة داخل أكياس تحوي على ورق أشجار “الغار”.

في تاريخ 22 تشرين الثاني- نوفمبر، كانت المحاولة الثانية عندما أحبطت السلطات المصرية في ميناء “دمياط” محاولة تهريب 30 ألف “كف” حشيش بوزن إجمالي 6 طن، كانت مخبأة ومضغوطة بين ألواح الخشب، حيث بلغت قيمة المضبوطات 300 مليون جنيه (20 مليون دولار).

المحاولة الثالثة كانت في 29 تشرين الثاني- نوفمبر، عندما كشفت وسائل إعلام مصرية عن إحباط السلطات المصرية في ميناء “دمياط” محاولة تهريب 11 مليون حبة “كبتاغون” داخل حاوية، تحوي على فلاتر مياه، حيث تبلغ قيمة الشحنة حوالي 501 مليون جنيه مصري (31 مليون دولار)، كانت قادمة من سوريا.

الأردن: تهريب المخدرات وأصناف جديدة

على غرار #مصر، كانت #الأردن التي تربطها حدود برية مع #سوريا وجهة لشحنات المخدرات، إلا أنها كانت بكميات أقل، لكنها في ذات الوقت تحوي على أنواع مخدرات جديدة وأغلى ثمناً.
ورصد موقع (الحل نت) ما نشرته وسائل الإعلام الأردنية حول شحنات المخدرات المضبوطة في 2020 ومصدرها #سوريا على النحو التالي:
في 31 كانون الثاني – يناير، ضبطت السلطات الأردنية شحنة مخدرات قادمة من سوريا تحوي على 805 “كف” حشيش مخدر، أي مايعادل 161 كيلوغرام.

في 21 أيار- مايو، كشفت الجمارك الأردنية شحنة مخدرات ضخمة تعادل 566 كيلو غرام من الحشيش، إضافة إلى 20 ألف حبة “كبتاغون”.
كما لم يمض شهر، حتى أعلن حرس الحدود الأردني في 27 حزيران- يونيو، عن ضبط ما يقارب 150 كيلو من الحشيش المخدر، وذلك بعد التنسيق بين الجيش وإدارة مكافحة المواد المخدرة.

وكان آخر ما أعلنت عنه السلطات الأردنية، فيما يخص شحنات المخدرات في شهر تشرين الثاني، حيث أحبط الجيش الأردني 4 محاولات لتهريب المخدرات من #سوريا، الأولى كانت محاولة إدخال 388 كيلو غرام من الحشيش المخدر، إضافة إلى 19 ألفاً و500 حبة “كبتاغون”، وعبوة صغيرة من مادة “كريستال- ميث” المخدر.

أما المحاولة الثانية، فجاءت بعد الكشف عن عملية تهريب 279 كف حشيش و12 ألف حبة مخدرة من نوع “لاريكا” و12 ألف حبة “جاليريكا” و60 ألف حبة “كبتاغون”، و2 كيلو غرام من مادة “كريستال- ميث”.
أما الثالثة والرابعة، فكانت محاولات لتسلل أشخاص بحوزتهم بضعة كيلو غرامات من الحشيش المخدر.

ملايين الحبوب المخدرة إلى دول الخليج

لم تكن دول الخليج بدورها بعيدة عن شحنات المخدرات القادمة من #سوريا، والتي تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.
الشحنة الأولى التي تم َّضبطها في عام 2020 كانت متوجهة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أعلنت “شرطة دبي” بتاريخ 26 شباط- فبراير عن إحباط أكبر عملية من نوعها لتهريب مخدر “الكبتاغون” في العالم، بما يعادل 35 مليون حبة، قادمة من ميناء #اللاذقية، كانت مخبأة داخل أسلاك معدنية ضخمة، وقدّرت شرطة #دبي قيمتها بما يزيد عن 1.8 مليار درهم إماراتي، (أكثر من نصف مليار دولار).

الشحنة المماثلة من حيث الحجم والنوع، كانت من نصيب #السعودية، والتي تم إحباطها من قبل السلطات السعودية بتاريخ 28 نيسان-أبريل، وكانت تحوي أكثر من 19 مليون حبة “كبتاغون”، مخبأة في عبوات لمشروب “متة خارطة”، وقادمة أيضاً من ميناء اللاذقية.

وتعود ملكية شركة “متة خارطة” إلى رجل الاعمال السوري “أديب كبور”، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها، حيث أصدر بيان تبرأ فيه من هذه الأعمال، باعتبارها تضر بسمعة المنتج الوطني.

أطنان من “الكبتاغون” إلى أوروبا

لم يقتصر نشاط تهريب المخدرات إلى الدول العربية فقط، بل تعداه إلى دول العالم، حيث أعلنت الشرطة الإيطالية في 1 تموز-يوليو أنها ضبطت شحنة مخدرات قادمة من ميناء اللاذقية السوري، ووصفتها بأنها “أكبر عملية مصادرة حبوب مخدرة على المستوى العالمي”. إذ بلغت الكمية حينها 14 طنًا من أقراص “الأمفيتامين” المخدّرة، بمعدل 84 مليون قرص، كانت مخفية في ثلاث حاويات تحوي أسطوانات ورقية استخدامها صناعي.

وادعت الشرطة الإيطالية حينها أن “شحنة المخدرات مصنعة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية”، لكن صحيفة “دير شبيغل” الألمانية ذكرت في تقرير نشرته، أن “شحنة المخدرات التي صادرتها إيطاليا ليست لتنظيم الدولة، كون التنظيم لا يملك سيطرة فعلية على الأرض داخل #سوريا، ولا يستطيع التحكم في ميناء اللاذقية، الذي لم يخرج عن سيطرة النظام طيلة سنوات الحرب”.
كذلك أشارت الصحيفة إلى أن “سامر كمال الأسد، ابن عم بشار الأسد، هو من يقف وراء الشحنة التي تبلغ قيمتها مليار يورو”.

في شهر أيلول- سبتمبر تكررت العملية، لكن هذه المرة في #رومانيا، حيث أعلنت الشرطة الرومانية عن ضبط ما وصفتها “أكبر شحنة مخدرات في تاريخها قادمة من ميناء اللاذقية تحوي على 1480 كيلو من الحشيش، و751 كيلو من حبوب “الكبتاغون” المخدرة (أكثر من أربعة ملايين قرص)، بقيمة تقدر بنحو 60 مليون يورو. كما أظهرت الصور المنشورة حينها من قبل الشرطة الرومانية، أن المخدرات تم إخفاءها داخل عبوات صابون “غار”، يحمل اسم “محمد بشير جبيلي”.

عائدات بمليارات الدولارات

من جهته الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور “فراس شعبو” أكدَ في حديث لموقع (الحل نت) أن: “النظام في #سوريا خلال عامي 2019 و 2020 كثف من عمليات الاتجار وتهريب المخدرات، خصوصاً حبوب الكبتاغون، حيث يعتبر حزب الله صاحب الخبرة والباع الطويل في إنتاج وتصدير هذه المواد، وشريك للنظام في هذه العملية”.

كما أضاف الخبير الاقتصادي في حديثه أن “المشكلة ليست في الشحنات التي ضبطت، لكن في الشحنات التي لم تضبط ودخلت، فمن المعروف في عالم التهريب أن ما يضبط لا يشكل إلا جزء يسير من الذي تم تهريبه”.

وأوضح شعبو أن “المخدرات تجارة عالمية لا يستهان في إيراداتها، مثلاً حركة طالبان كان المصدر الأساسي في تمويلها يعتمد على تجارة وزراعة الحشيش، حيث بدأ النظام بمشاركة حزب الله بتسيير هذه الأمور، لتحويل #سوريا إلى مصنع كبير لتجارة وإنتاج الحبوب المخدرة، وتصديرها إلى جميع أنحاء العالم”.

أما بالنسبة لتأثير تهريب المواد المخدرة في المنتجات والسلع السورية، أشار الخبير الاقتصادي إلى أنه “عادة ما يتم تهريب المواد المخدرة في سلع من صنع #سوريا، وهذا النوع من التجارة سيشكل سمعة سيئة للمنتج السوري، حيث سيتم التضييق على البضائع السورية، وربما في المستقبل ستمنع الدول دخول المنتجات السورية، كي لا يتم استخدامها في تهريب المخدرات”.

يختم الدكتور شعبو حديثه مع (الحل نت) بقوله: “سوريا أصبحت ممر لشحنات المخدرات القادمة من #إيران أيضاً، بعد أو وضعت يدها على ميناء اللاذقية، لكن النظام السوري دائماً ما يحاول أن يبرء نفسه، ويضع في الواجهة شركات وكيانات وأفراد بفاعليات تجارية والتستر خلفها، لكن في الحقيقة فإن أمراء الحرب في ظل الفلتان الأمني هم من يقودون عمليات شحن وإنتاج وتهريب المخدرات بجميع أنواعها، وبمعرفة السلطات وتسهيل منها”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.