دولة مهددة بالإفلاس: كيف اختفت مليارات الدولارات من البنك المركزي العراقي؟

دولة مهددة بالإفلاس: كيف اختفت مليارات الدولارات من البنك المركزي العراقي؟

سادت حالة من الاضطراب والقلق الشارع العراقي، عقب الارتفاع المفاجئ، الذي شهده سوق بيع العملة الأجنبية في البلاد، خلال الأيام الماضية، وقرار وزارة المالية الاتحادية والبنك المركزي العراقي بتخفيض قيمة الدينار العراقي، واعتماد سعر جديد للدولار، يصل إلى 147 ألف دينار لكل 100 دولار.

وتبدي القطاعات الشعبية والاقتصادية تخوّفها من انعكاسات ارتفاع سعر بيع العملة الأجنبية على العوائل الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود.

 

أسباب ارتفاع الدولار

تتعدد الآراء حول الأسباب التي تقف وراء الارتفاع الحاد بأسعار العملات في بورصة العراق، ففي الوقت الذي تردّه وزارة المالية العراقية إلى «الأزمة الناتجة عن التراجع الحاد في الإيرادات النفطية، ووجود اختلالات هيكلية في الاقتصاد العراقي، لم تتم معالجتها جدياً»، يقول البنك المركزي العراقي إن «سبب خفض قيمة الدينار جاء نتيجة لعدم تعديل سعر صرف العملة الأجنبية، وهو ما أدى إلى قرار رفع سعر بيع الدولار للمواطنين».

لكن النائب “حامد الموسوي”، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، يعتقد أن «تصريحات وزير المالية العراقي، التي استبقت ارتفاع أسعار صرف العملة، هي التي أسهمت بارتفاع قيمة الدولار»، معتبراً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «سياسة العراق النقدية متعثّرة، ولا ترقى لمتطلبات المرحلة الراهنة».

وبحسب “الموسوي” فإن «ارتفاع سعر الصرف، وخفض قيمة الدينار العراقي، سيؤثران كثيراً على الأوضاع المعيشية للطبقات الفقيرة، وسيجعلها تحت رحمة التجّار والمضاربين. كما أن عدم استقرار بيع سعر العملة ستكون له عواقب وخيمة».

ويضيف: «البنك المركزي العراقي يبيع العملة إلى مصارف معروفة بتبعيتها لجهات سياسية، وهي تتلاعب بمصير البلاد الاقتصادي، بهدف الحصول على أكبر قدر من المنافع».

وكانت اللجنة المالية النيابية قد استضافت، في وقت سابق، محافظ البنك المركزي العراقي، لبحث الأزمة الاقتصادية، وتداعيات ارتفاع سعر صرف العملة الصعبة على وضع السوق العراقي، وأكد المحافظ أن «البنك المركزي العراقي يستعد لإطلاق حزمة من الإجراءات، التي ستحقق توازناً مريحاً في سعر الصرف لعام 2021، ومنها إطلاق مبادرة، بمبلغ ثلاثة ترليونات دينار، لدعم ذوي الدخل المحدود، ومضاعفة توفير العملة الصعبة في السوق، وزيادة نسب الفائدة على العملة العراقية المودعة في المصارف».

 

سياسة نقدية متعثرة

ووفقاً لأعضاء اللجنة المالية البرلمانية فإن «حجم ديون العراق الخارجية يقترب من 160 مليار دولار»، وحذروا من «إفلاس الدولة العراقية، في حال استمرت الحكومة العراقية بالاعتماد على الاقتراض، لسد العجز التشغيلي في الموازنة العامة».

“جمال كوجر”، النائب في #البرلمان_العراقي عن “التحالف الكردستاني”، يقول لموقع «الحل نت» إن «سياسة البنك المركزي سياسة متعثرّة، وقد فتحت الباب على مصرعيه لسرقة أموال العراقيين، ومنحها لمصارف الأحزاب»، مضيفاً أن «الحكومة العراقية أمام مسؤولية إيقاف هذا التداعي الخطير»، حسب تعبيره.

وأضاف أن «العراق يفتقر إلى التنظيم، وهذه الأزمة ستولّد أزمات جديدة، قد تنعكس سلباً على مدخولات المواطن العراقي».

وفي السياق ذاته حذّر “اتحاد المقاولين العراقيين” من «كارثة ستحلّ بشريحة المقاولين في العراق، بسبب السعر الجديد لصرف الدولار».

وعبّر الاتحاد، في بيان رسمي، عن استغرابه من «عدم وجود تحرك جاد، من قبل بعض أصحاب القرار، تجاه هذا الأمر، الذي سيؤثر بشكل كبير على حركة المشاريع والبنى التحتية في مختلف المحافظات العراقية».

ودعا بيان الاتحاد «اللجان المالية، في البرلمان العراقي، للتحرك بأقصى سرعة، لمعالجة هذا الموضوع الخطير، قبل وقوع الكارثة، التي ستؤدي إلى كثير من المشاكل، في مختلف المحافظات العراقية».

ويعيش العراق أزمة اقتصادية خانقة، جراء انخفاض أسعار النفط، والفساد المستشري، وسياسة الاعتماد الريعي، وهو ما انعكس مؤخراً في عجز #الحكومة_العراقية عن تأمين رواتب موظفي مؤسسات الدولة، واللجوء إلى الاقتراض، لسد العجز الحاصل في الإيرادات المالية العامة.

 

بانتظار أزمة معيشية

ودعا “عبد الامير التعيبان”، النائب عن “تحالف الفتح”، الى وقف ما أسماها «مهزلة نزيف العملة الصعبة»، معتقداً أن «العراق يسير نحو المجهول، وباتجاه أزمة معيشية».

وقال “التعيبان” لموقع «الحل نت»: «إذا لم تتخذ الحكومة العراقية إجراءات سريعة، لوقف نزيف العملة، الذي يصبّ في صالح جهات سياسية معروفة، ولدعم العوائل الفقيرة، فإن المواطن سيكون هو الضحية، ويتحمّل نتائج هذا التداعي الخطير»، مشيراً إلى أنه «ليس من المنطقي أن يبيع البنك المركزي العراقي الدولار بفارق كبير عما هو موجود في الأسواق».

وتابع قائلاً: «ليس من المنطقي أن يفاجأ المواطن بهذا الارتفاع الكبير، وكان الأحرى إيجاد سبل أخرى لحل الأزمة المالية، التي تعاني منها البلاد».

وفي السياق ذاته دعا “جمال المحمداوي”، النائب عن “حزب الفضيلة”، إلى «مساءلة المسؤولين في البنك المركزي العراقي عن التدهور الكبير في سعر صرف العملة»، مبيناً أن «البنك المركزي أخفق في تحقيق التنمية ومحاربة الفقر، وساهم بانحراف التوزيع العادل للموارد، لأنه لم يتعامل بشكل جدي للاستفادة من الكتلة النقدية، التي يفترض أن تذهب إلى الاستثمار، وليس إلى المضاربة السريعة، من أجل الربح فقط».

وكان “محمد صاحب الدراجي”، النائب البرلماني ووزير الصناعة العراقي الأسبق، قد تقدّم بشكوى للنائب العام، طالب فيها بـ«التحقيق في معلومات تتحدث عن عدم صحة الفواتير، الخاصة بالاعتمادات المستندية للمصارف، التي تتعامل ببيع العملة»، مؤكداً «عدم تطابق قيمة الواردات المالية الجمركية والضريبية نسبياً مع قيمة المبالغ المحوّلة للخارج، عن طريق بيع الدولار في نافذة بيع العملة»، متهماً البنك المركزي العراقي بـ«عدم القيام بواجباته بفرض الغرامات، والكشف عن الوثائق غير الصحيحة، المقدمة من الشركات والأشخاص المستفيدين».

وبحسب إحصائيات رسمية «بلغت قيمة مبيعات البنك المركزي العراقي من الدولار، لعام 2019،  44 مليار دولار، أي نحو 150 مليون دولار يومياً، لتغطية استيراد المواد والسلع التي تحتاجها البلاد، وتثبيت سعر الدينار، فيما بلغ حجم الاستيراد في نفس العام 18 مليار دولار»، ما يكشف اختفاء نحو 26 مليار دولار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.