بعد اندلاع #الاحتجاجات_السورية تبنّت الدول الخليجية موقفاً شبه موحّد تجاهها، فانحاز معظمها لصف المعارضة فى مواجهة #الحكومة_السورية. وخلال سنوات الحرب دعمت الدول الخليجية جهود إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد،  وساهمت، بشكل كبير، فى تسليح ودعم المعارضة عسكرياً وسياسياً.

وجاءت الأزمة الخليجية، في عام 2017، لتؤثر بشكل كبير على الدور الخليجي في سوريا، وتفتت وحدته، وتضعف موقفه وتأثيره، خاصة بعد قيام دول خليجية، مثل البحرين والإمارات وعمان، بتطبيع علاقاتها مع الحكومة السورية، كما تبنّت #قطر الموقف التركي، ودعمت سياسات #أنقرة فى الشمال السوري، سواء فى معاداة القوى السياسية الكُردية، أو دعم الجماعات الجهادية.

ويُعتبر تاريخ الخامس من كانون الثاني/يناير، من العام الحالي، يوماً مهماً لمجلس التعاون الخليجي، بعد أن وقع قادة دول المجلس في #السعودية، وبينهم أمير قطر “تميم بن حمد”، البيان الختامي لقمة “العلا”، الذي أنهي الخلافات الخليجية، بعد أكثر من ثلاث سنوات من القطيعة. ورغم أن القمة الخليجية كانت مخصصة للمصالحة مع قطر، وإعادة العلاقات بين الدوحة من جهة، والسعودية وأبوظبي والمنامة من جهة أخرى، إلا أنها لم تنس أن تتحدث عن الأزمة السورية، فى بيانها الختامي.

ووصف البيان الختامي، للقمة الخليجية، سوريا بـ«الجسد الممزق من جراح الحرب»، مشدداً على ضرورة «الحفاظ على وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، واحترام سيادتها واستقلالها على أراضيها، ورفض التدخل فى شؤونها الداخلية، وكل ما يمسّ الأمن القومي العربي، ويهدد الأمن والسلم الدوليين».

وجدد بيان قمة “العلا” تأكيد الدول الخليجية على «اعتماد مبادئ مؤتمر “جنيف 1″، وقرار #مجلس_الأمن رقم 2254، لعملية الحل السياسي في سوريا».

وينصّ القرار 2254 على تشكيل هيئة حكم انتقالية، تتولى إدارة شؤون البلاد، وصياغة دستور جديد، والتحضير لانتخابات.

وعبّرت شخصيات متعدد، في المعارضة السورية، عن ترحيبها بنتائج قمة “العلا”، ورغبتها في تفعيل الدور الخليجي في حل الأزمة السورية.

 

حالة ضعف خليجية

ورغم الحديث عن سوريا فى البيان الختامي للقمة إلا أن عدداً من المراقبين يرون أن التأثير الخليجي، في الأزمة السورية، قد بات ضعيفاً، ولا يمكن التعويل عليه.

واعتبر “د.عمرو الديب”، المحاضر في “معهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي” في جامعة “لوباتشيفسكي” الروسية، أن «ما حدث فى قمة “العلا” لا يمكن تسميته بالمصالحة الخليجية، بل هو مصالحة سعودية-قطرية، تمت ضمن سياق إقليمي ودولي، ذي خصوصية كبيرة».

وأكد “الديب”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «المصالحة السعودية-القطرية لن يكون لها أي دور في الأزمة السورية، فاللاعبون الدوليون والإقليميون، المؤثرون على الملف السوري، هم #روسيا وتركيا وإيران وإسرائيل والولايات المتحدة، ولا يوجد أي تأثير يذكر لدول أخرى في الوقت الحالي، باستثناء دولة #الإمارات العربية المتحدة، التي تمتلك علاقات واضحة مع #دمشق، سواء على المستوى السياسي والديبلوماسي، أو على المستوى الإنساني، من خلال المساعدات».

وأشار المحاضر بجامعة “لوباتشيفسكي” إلى أن «المصالحة السعودية-القطرية أمر جيد جداً لتوحيد الصف العربي، ولكن من المبكّر الحديث عن نتائج هذه المصالحة، سواءً على المستوى الثنائي أو الإقليمي»، لافتاً إلى أن «الملف السوري متفقٌ عليه بين السعودية وقطر، خاصة أن الطرفين، منذ بداية الأزمة، استهدفا التخلص من بشار الاسد، ولكن الوضع الأن تغيّر، نظراً لحالة الضعف التى أصابت دورالطرفين فى سوريا بشكل عام».

 

أهمية محدودة

الميل إلى عدم التسرّع في الحكم على نتائج القمة يبدو مشتركاً بين عديد من الباحثين السياسيين، فالبنسبة لـ”د.إياد المجالي”، الباحث فى العلاقت الدولية، «من المبكّر تحديد نتائج القمة الخليجية، وانعكاساتها على #الأزمة_السورية، فرغم أهمية البنود المتعلقة بالشأن السوري، إلا أن تنفيذها يعتمد على التنسيق بين الدول المهتمة والفاعلة في الملف السوري، والإرادة والرغبة في إدراج هذا الملف، بوصفه أولوية لدول الخليج، والبحث عن معالجة التحديات، التي يعيشها الشعب السوري».

وأوضح “المجالي”، لـ«الحل نت»، أن «الأزمة الخليجية، التي بلغت حدّ القطيعة، تركت آثاراً واضحة على الملف السوري، أهمها تفكك المحور الأميركي-الخليجي-التركي، في مواجهة المحور الروسي-الإيراني، الداعم للسلطة السياسية في دمشق، مع اشتداد الصراع الداخلي بين دول الخليج، التي كانت تعدّ أقوى الداعمين للقوى والجماعات المقاتلة في الداخل السوري، مما زاد من تغوّل الدور التركي، الذي اتجه إلى تعزيز مسار “أستانة”، إلى جانب روسيا وإيران، والذي عُدّ خروجاً عن مباحثات جنيف، وأفضى إلى سيطرة #القوات_النظامية على ثلاث مناطق “خفض تصعيد”، وسط وجنوب سوريا، و تمدد الاتراك على أرجاء واسعة من المنطقة الرابعة».

ورغم تراجع الدور الخليجي فإن “المجالي” ما يزال يرى أن «الاتفاق الخليجي له أهمية، تتأتى من توحيد رؤية مجلس التعاون الخليجي تجاه الملف السوري، ما قد يدفع باتجاه تنفيذ القرار الدولي 2254، وعرقلة أي مساعي منفردة، لدول خليجية أو عربية أخرى، لمحاولة رفع العقوبات العربية عن دمشق، قبل إقرار الحل السياسي».

 

مخاوف من الدور التركي

#الإدارة_الذاتية لشمال وشرق سوريا رحّبت من جانبها بحل الخلافات الخليجية، وهو موقف عبّر عنه، لموقع «الحل نت»، “بدران جيا كرد”، نائب الرئاسة المشتركة للإدارة الذاتية، بالقول: «نحن مع تجاوز الخلافات والتباينات، التي تعصف بالعالم العربي، عن طريق الحوار البنّاء».

وأكد المسؤول الكُردي أن «المصالحة الخليجية سيكون لها انعكاسات إيجابية على الأزمة السورية، إذا نجحت فى إبعاد قطر عن المحور التركي-الإخواني، خاصة بعد انحيازها، خلال فترة الخلاف، لجانب السياسة التركية، بما تمثله من تهديد لدول المنطقة، وبالأخص الشعب السوري».

وأشار “جيا كرد” إلى أنه «من المفيد جداً لسوريا وشعبها أن تعود قطر لمجلس التعاون الخليجي، وتعمل ضمن سربه العربي، فى مواجهة التحديات التي تعانيها البلدان العربية، وعلى رأسها تطرف الإسلام السياسي، والتهديد التركي»، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى تخوّف الإدارة الذاتية من «تحوّل الموقف الخليجي، بعد المصالحة، نحو دعم توسيع النفوذ التركي بسوريا».

 

تفكيك المحور القطري-التركي

التفاؤل الحذر بمخرجات القمة لم يقتصر على مسؤولي الإدارة الذاتية، فلبعض ممثلي القوى المدنية في سوريا موقف مشابه، مثل الذي عبّر عنه “سمير عزام”، عضو “تجمع العلمانيين السوريين” بالسويداء: «المصالحة الخليجية سيكون لها تداعيات إيجابية على الساحة السورية، فهي تسمح للعرب باستعادة دورهم المفقود فى سوريا، بعد أن استغلّت دول، مثل #إيران وتركيا، الخلاف الخليجي مع قطر، فى استمالة الدوحة لمحاورها، مع إشغال السعودية فى مستنقع #اليمن، ما جعل من سوريا ساحة خالية لتحقيق مصالحها».

وأكد “عزام”، لموقع «الحل نت»، أن «المطلوب من قطر، بعد هذه المصالحة، إخراج القاعدة التركية من أراضيها، ووقف تمويل المشروعات والعمليات العسكرية التركية بشمال سوريا، فضلا عن وقف دعم الجماعات المتطرفة، الموالية لأنقرة داخل سوريا، ما قد يمثّل ضربة لمخططات الرئيس التركي #أردوغان، وينعكس بشكل كبير على استقرار المنطقة وشعوبها».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.