مع تزايد الاعتداء الجنسي على الأطفالِ: هل يؤمّن القانون الجنائي والعرف العشائري الحماية لأطفال العراق؟

مع تزايد الاعتداء الجنسي على الأطفالِ: هل يؤمّن القانون الجنائي والعرف العشائري الحماية لأطفال العراق؟

تعرّض أكثر من 2114 طفلاً في العراق إلى انتهاكات جسيمة، منها القتل والتشويه والاعتداء الجنسي، وقد تكون الأعداد الحقيقية أكبر بكثير، خاصة وأن ظروفاً مثل الوفاة، أو الوصمة الاجتماعية، قد تعيق الإبلاغ عن الانتهاكات.

فتاة متسولة قاصر، تبلغ من العمر تسع سنوات، تعرّضت للاعتداء الجنسي بطريقة وحشية، ومن ثم تم قتلها، بمنطقة “الزبير” في مدينة #البصرة. فيما تعرّض طفل آخر لتعذيب جسدي، قبل الاعتداء عليه جنسياً، وعُثر عليه في منطقة “السدة”، شرقي العاصمة #بغداد، وعليه آثار تعذيب بالسكاكين. كما تعرّضت طفلة يتيمة للاعتداء الجنسي، في منطقة “أبو غريب” غربي بغداد، ولم يكتفِ المعتدون بفعلتهم، بل قاموا بتصوير العملية، لمساومة وابتزاز والدها بنشر الفيديو.

هذه الحوادت، التي وقعت مؤخراً، وأثارت كثيراً من الاستياء الشعبي، دفعت “عادل الركابي”، وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي، ورئيس هيئة رعاية الطفولة، إلى إصدار بيان رسمي، طالب فيه #مجلس_النواب_العراقي بـ«الاسراع بتشريع قانون العنف الأسري، وكذلك قانون حقوق الطفل، لوضع حدا لانتشار ظاهرة الاعتداء الجنسي»، داعياً منظمات المجتمع المدني، المعنية بحماية حقوق الطفل، لـ«دراسة أسباب تعاظم وانتشار هذه الظاهرة، ووضع الحلول والمعالجات، لتأمين البيئة القانونية والاجتماعية المناسبة لحماية حقوق الطفل في البلاد»، كما حمّل مجلس القضاء الأعلى «مسؤولية سن العقوبات بحق منتهكي حقوق الطفولة».

 

مطالبات للحكومة بمواجهة الاعتداءات

مفوضية حقوق الإنسان في العراق عبّرت عن «قلقها إزاء تزايد العنف ضد الأطفال العراقيين، وتحديدا بعد عام 2018»، مطالبة المؤسسات الحكومية بـ«تحمّل مسؤوليتها لمواجهة الانتهاكات الوحشية والإجرامية، التي يتعرّض لها الأطفال، والحد من الظواهر الإجرامية، ومحاسبة الفاعل».

عضو المفوضية “زيدان العطواني” قال لموقع «الحل نت» إن «الاعتداء الجنسي على الأطفال جريمة بشعة، لا يمكن التغاضي عنها، وهناك متسولات صغيرات يتعرّضن لهذه الجريمة، بشكل أكبر من غيرهن، لذلك لا بد من إيجاد حل سريع، لمكافحة تسوّل الصغار».

مضيفاً: «من أهم الأساليب، التي يجب على #الحكومة_العراقية اتباعها، تفعيل منظومة كاميرات المراقبة، في الشوارع والأزقة، والتي يمكن أن تصبح عنصراً مساعداً للأجهزة الأمنية، في الاسراع باعتقال الجناة».

 

أسباب انتشار الظاهرة

وحول أسباب انتشار ظاهرة الاعتداء الجنسي يرى “العطواني” أن «تكرار هذه الجرائم ضد الأطفال يعتبر نتيجة طبيعية لانتشار المخدرات والأمراض النفسية، وغياب الرقابة على الإنترنت، وعدم وجود رقابة مجتمعية على الأفراد».

فيما ترى “إيمان السمير”، الأستاذة في علم النفس، أن «ضعف الردع، وهشاشة القانون العراقي، هما السببان الأساسيان وراء تمادي المجرمين وضعفاء النفوس في الاعتداء الجنسي على الأطفال».

وتتابع “سمير” في حديثها لموقع  «الحل نت»: «يجب أن يتم تسيير دوريات، تجوب الشوارع، وترهب من يحاول ارتكاب هكذا جرائم. وعلى الحكومة العراقية تحديث القوانين الرادعة. ولا يجب ننسى الدور المهم للعشائر العراقية، التي لا نراها إلا في حوادث الثائر والمعارك العشائرية، فهي أول من يجب أن يحمي الطفل، ولكن ما يحدث أن المجرم لا يجد الردع من قبل عشيرته، فيتمادى في غيّه، وهكذا تسلك العشيرة سلوكا سلبياً. لذلك أعتقد أنه لو كان هناك اتفاق عشائري، على طرد كل فرد يعتدي على الأطفال، أو كل من ينتهج نهجاً إجرامياً تجاههم، فسيفقد المجرم عندها غطاء الحماية العشائري».

 

نتائج مستمرة لسنوات

حالات الاعتداء الجنسي تترك أثراً مستمراً لسنوات، يتجاوز الأذى المباشر، الذي يتعرّض له الطفل، فبحسب “ياسر إسماعيل”، رئيس “مركز نايا للتدريب الإعلامي”، «تتسبب تلك الجرائم بأمراض نفسية شديدة، يصعب على الضحايا التخلّص منها لسنوات طوال،  كما يمكن أن يتحولوا إلى شخصيات عدائية لاحقاً».

ويطالب “اسماعيل”، في حديثه لموقع «الحل نت»، وسائل الإعلام بـ«تسليط الضوء دائماً على ظواهر الاعتداء الجنسي، لدفع السلطات التشريعية والتنفيذية للتوصل إلى حل سريع، والوقوف على دوافعها وأسبابها، وتفعيل الدورات لتوعية الأسرة والطفل وتثقيفهم، للحفاظ على المجتمع من الانهيار الاجتماعي».

واعتبر “اسماعيل” أن «النظام الأسري والتعليمي، والاستقرار الاجتماعي، عنصران أساسيان في تأمين الحماية للطفل، فضلاً عن ضرورة أن تكون سلامة الأطفال وأمنهم ورفاهيتهم في مقدمة الأجندة الوطنية، لضمان مستقبل أكثر إيجابية، على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي».

 

كيف يرى القانون العراقي جريمة الاغتصاب؟

ومع كثرة الاتهامات الموجهة للمشرعين العراقيين، بعدم سن العقوبات الرادعة للمعتدين والمتحرشين، يحاول القانوني “وسام موفق عبد العزيز” توضيح القوانين السائدة حالياً في البلاد، لفهم المنطلقات الممكنة لتطويرها: «يجب أن نفرّق بين جريمتي الاغتصاب والتحرش في القانون العراقي، فلكل منهما عقوبته الخاصة. الاغتصاب هو مواقعة، دون الرضا، ودون الرغبة من الطرف الآخر، أي بشكل إجباري، وتحت ضغط وإكراه شديدَين؛ أما التحرش الجنسي فهو فعل، يريد به الجاني الحصول على منفعة جنسية، دون موافقة الطرف الآخر، سواء بالكلمات أو بالملامسة أو بالإشارة، وسواء كان الفعل علانية أو سراً».

متابعاً في حديثه لموقع «الحل نت»: «المادة ٣٩٣ من قانون العقوبات العراقي، رقم١١١ لسنة ١٩٦٩، حددت عقوبات، منها المشددة، لجريمة الاغتصاب، فنصّت على أنه يعاقب بالحبس المؤبد أو المؤقت، كل من واقع أنثى بغير رضاها، أو لاط بذكر أو أنثى، بغير رضاه أو رضاها. علماً أن القانون اعتبر العقوبة ظرفاً مشدداً، في الحالات التي نصّت عليها الفقرة ٢ من المادة ٣٩٣ من قانون العقوبات. أما جريمة التحرش فيعاقب فاعلها بالسجن لمدة عام واحد، أو غرامة مالية، أنيط للقضاء مهمة تحديدها، بحسب ما يقدّره في كل قضية على حدة، علماً أنه لا يمكن الإفراج عن المتحرش أو إخراجه بكفالة مالية، إلا بعد عرضه، وأوراقه التحقيقية، على القاضي المختص، لاصدار الحكم القضائي بحقه».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.