جيل بلا جنسية في “الركبان”: هل تخلّت الحكومة والمعارضة السورية عن أطفال النازحين؟

جيل بلا جنسية في “الركبان”: هل تخلّت الحكومة والمعارضة السورية عن أطفال النازحين؟

يبدو أنه لا حل قريب لمشكلة نازحي #مخيم_الركبان، الذي بات يلقّب بـ”مخيم الموت”، والذي ضمّ قرابة ثمانين ألف سوري، خلال ست أعوام، إلّا أنهم توزّعوا، فيما بعد، ما بين مناطق #الإدارة_الذاتية لشمال وشرق سوريا، ومناطق #الحكومة_السورية، تحت ضغوط الحصار والتجويع، ليبقى فيه اليوم نحو خمسة عشر ألف شخص، داخل “المنطقة 55″، الخاضعة لسيطرة #التحالف_الدولي ضد تنظيم #داعش.

مخيم الركبان، بظروفه البائسة، ليس المكان الملائم لولادة أو نمو الأطفال، ولكن عاش فيه، خلال السنوات السابقة، ما يقارب اثني عشر ألف طفل، دون سن الخامسة، ووفق الأهالي فإن عديداً من الأطفال لا يحملون اعترافا رسمياً بوجودهم، ولا يملكون بالتالي أية جنسية، حتى اللحظة، فضلاً عن حرمانهم من التعليم.

 

أطفال بلا أوراق رسمية

أقيم مخيم الركبان عام 2014، ويقع على الحدود السورية الأردنية، في منطقة “الركبان”، وهي منطقة نائية وقاحلة تمامًا، لكنها أصبحت مأهولة من قبل طالبي اللجوء إلى #الأردن، بعد أن منعت السلطات الأردنية وصولهم إلى أراضيها.

يلفت الناشط الإعلامي “عماد غالي” إلى أن «المخيم يفتقر لوجود مركز سجلات، لإثبات حالات الولادة، وبعد ست سنوات من تشييد المخيم لم تنشأ جهة رسمية، لتسجيل المواليد الجدد فيه، سواء كانت تابعة لحكومة المعارضة السورية، أو للمنظمات الدولية والمحلية».

“أبو عمر الحمصي”، أب لثلاثة أطفال، نزح من بلدة “مهين” إلى مخيم الركبان، يقول لموقع «الحل نت»: «بعد وصولنا إلى المخيم، في نهاية عام 2014، رزقت بثلاثة أطفال، أصغرهم يبلغ سنتين ونصف، ولم أستطع، مثل بقية العائلات، استصدار إثبات رسمي بولادة أطفالي».

ويضيف “الحمصي” أن «آلاف الأسر والعائلات، في المخيم، عجزت عن استخراج بيان ولادة أو شهادة ميلاد للأطفال، الذين ولدوا داخله، بسبب عدم وجود اعتراف رسمي بالمخيم، أو الجهات المدنية العاملة فيه، فضلاً عن أن كثيراً من هذه الأسر أصبحت غير قادرة على استكمال الجوانب القانونية لواقعة الولادة، بسبب مضي سنوات عليها، ما يُرتّب على العائلات دفع غرامات مالية، في حال وجدت منفذاً إلى مؤسسات الحكومة السورية، لتسجيل أبنائها».

ومن جهته يوضح المحامي “نجيب المقداد”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «وجود عدد هائل من الأطفال في المخيم، بلا قيود رسمية، سببه عدم قدرة الأهالي على استصدار وكالات لذويهم، في مناطق الحكومة السورية، لاستخراج قيود للمواليد الجدد».

ويضيف: «وعليه فحتى العائلات النازحة، التي عادت إلى مناطق سيطرة #القوات_النظامية، في محافظتي #حمص وريف #دمشق، زوّرت المعلومات الرسمية، الواردة في الوثائق المستخرجة لأطفالها، هرباً من الغرامات المالية، وقدمت رشىً لموظفي السجلات المدنية، لتسجل مكان الولادة في ذات المدينة، التي تتواجد بها حالياً، وليس في مخيم الركبان، خوفاً من الاعتقال».

 

تهرّب محلي ودولي من المسؤولية

“محمد أحمد الدرباس”، رئيس المجلس المحلي لمخيم الركبان، أكد لموقع «الحل نت» أن «المجلس يضمّ مكتباً للأحوال المدنية، لتقديم قيود للعوائل النازحة، التي فقدت إثباتاتها، خلال قصف البيوت بالمدن السورية، في السنوات السابقة. وحتى عام 2018 كانت #الأمم_المتحدة تقبل البيانات الشخصية، التي تصدر من مكتب الأحوال المدنية، بالمجلس المحلي للمخيم».

وبصورة عامة يوضح “الدرباس” أن «المجلس كان يعاني مشاكل في تسجيل المواليد الجدد، وذلك بسبب تخوّف الأهالي من الاعتقال، نتيجة ختم المجلس المحلي للمخيم على دفاتر العائلة التي يحملونها، في حال اضطر أحدهم إلى الخروج نحو مناطق سيطرة الحكومة السورية، للعلاج مثلاً»

ويشير “الدرباس” إلى أن «عديداً من الأسر، التي أضافت مواليدها الجدد إلى دفاتر العائلة التي تحملها، وتم ختمها بختم المجلس المحلي، وعادت، في السنوات لسابقة، إلى مناطقها، الواقعة تحت سيطرة القوات النظامية، اضطرت لتمزيق الصفحات، التي يوجد عليها ختم المجلس المحلي، وأتلفت عقود الزواج وإخراجات القيد، الصادرة عنه».

وبالنسبة للمجلس المحلي، والجهة التي يمثلها، فيذكر “الدرباس” أن «مجلس مخيم الركبان المحلي مشكّل ذاتياً من أفراد داخل المخيم، وقد أرسلنا مذكرات لحكومة المعارضة السورية للاعتراف بالمجلس، أو تقديم حلول للأهالي، ولكن دون رد. أما الحكومة السورية فلم يكن ردها مفاجئاً، فهي ما تزال تطلب من الأمم المتحدة إخلاء المخيم بالكامل، من أجل إيجاد حلول للنازحين فيه، حسب قولها».

 

جيل أقرب للأمي

لا توجد في المخيم سوى خمس مدارس، أقيم معظمها بجهود تطوعيه، باستثناء واحدة أقيمت بدعم من جمعيه “جسور الأمل”، والمدارس عبارة عن خيم كبيرة، تُقسّم كل خيمة منها إلى ثلاث شعب، وتتسع كل شعبة لثلاثة وخمسين تلميذاً، ليصل العدد الإجمالي إلى ستمئة وأربعين تلميذاً.

الناشط “عماد غالي”، يشير، في حديثه لموقع «الحل نت»، إلى أن «التعليم في المخيم مقتصر على الأطفال، بين سن ثماني وأربع عشرة سنة، ممن فقدوا قدراتهم على القراءة والكتابة، أو ممن لم يدخلوا مدرسة نهائياً، بسبب ظروف النزوح، وقد وصلت أعداد الطلاب في المخيم عام 2018، قبل بدء إفراغه من الأمم المتحدة، إلى ثلاثة وعشرين ألف تلميذ وتلميذة، أكثر من نصفهم عمره بين ستة وثلاثة عشر عاماً، ممن يستحقون التعليم في المرحلة الابتدائية».

وتشير إحصائيات منظمة #يونيسيف إلى أن نسبة الطالبات تشكّل 46،23 % من تلاميذ المخيم، فيما يبلغ عدد المتسربين من التعليم حوالي ثلاثة آلاف طفل. وأفاد المجلس المحلي في المخيم أن «عدد الأطفال، الذين يدرسون فعلياً في المخيم، لا يبلغ سوى 4713 طالباً وطالبة، في المرحلة الابتدائية، ضمن مدرستي “الخالدي، و”البيت التدمري”، إضافةً إلى مدرسة “أبناء مهين”، التي تتوسط خيام نازحي بلدة مهين، ومدرسة “البراعم”، ومدرسة “جسور الأمل”».

ونوّه “غالي” إلى أن «الجهود الخاصة بدعم المدارس في الركبان باءت بالفشل، نتيجة الإجراءات الإدارية، فالطالب، المتلقي للتعليم، لا يجب أن يُشترط امتلاكه إثباتاً شخصياً، لأن التعليم شكلي نوعاً ما، فهو يقتصر على تعليم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن في بعض الأحيان، دون الحصول على شهادات، سواء للصفوف الأساسية أو المتقدمة، إن وجدت».

ويوافق المعنيون في شؤون المخيم على ما كتبه الدكتور “برهان غليون”، الأكاديمي والمعارض السوري البارز، تحت عنوان “الأمم المتحدة شريكة في المقتلة السورية”، فـ«المنظمة الأممية لا تتحمل وحدها المسؤولية عما آل إليه الوضع السوري. لكنها تتحمّل قسطاً كبيراً من المسؤولية، وعن التستر على متابعة حرب تقاسم المصالح والنفوذ، على حساب الشعب السوري، وتفكيك دولته، وتمزيق نسيجه».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة