الاعتراض على لقاء البابا مع السيستاني: فصل جديد من الصراع العراقي-الإيراني على المرجعية الشيعية العالمية؟

الاعتراض على لقاء البابا مع السيستاني: فصل جديد من الصراع العراقي-الإيراني على المرجعية الشيعية العالمية؟

تقترب زيارة #البابا_فرنسيس، رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم، إلى العراق، بعد أن حُدد تاريخها في الخامس من آذار/مارس المقبل، وستستمر الزيارة ثلاثة أيام، يجوب خلالها البابا البلاد من جنوبها لشمالها.

أبرز ما في الزيارة لقاء بابا #الفاتيكان بآية الله #علي_السيستاني، المرجع الديني الأعلى لدى الشيعة في العالم، في مقر إقامته في #النجف. وهو اللقاء الذي دارت الشكوك حول إمكانية حدوثه، ثم تم تأكيده مؤخّراً، بعد زيارة وفد من الفاتيكان لمكتب السيستاني.

الوفد الذي زار النجف نقل رسالة من البابا للمرجع الشيعي، يقول له فيها إنه «متشوّقٌ لرؤيته»، وأن اللقاء «سيكون تاريخياً»، ما جعل مكتب “السيستاني” يبحث مع الوفد الترتيبات الأخيرة لهذه الزيارة المرتقبة، لكن ما دلالاتها وأهم رسائلها؟

 

توحيد الخطاب الديني

يقول الأكاديمي “مصطفى التميمي”، عضو مؤسّسة “مسارات”، المعنية بحوار الأديان وحقوق الأقليات، لموقع «الحل نت»، إن «لقاء بابا الكاثوليك بالسيّد السيستاني هو أحد مظاهر التقارب الديني، الذي تحتاج إليه المنطقة اليوم».

ويضيف “التميمي”: «من مخرجات اللقاء المرتقبة توحيد الخطاب الديني، ما سيكون له آثار سياسية، على رأسها المساهمة بنشر ثقافة التسامح، وسيادة السلام في المنطقة، والحفاظ على الهويات الفرعية، التي تشكّل عماداً مهماً في خارطة التنوّع الديني، الذي يتميّز به العراق».

“مصطفى التميمي” – فيسبوك

وحول إصرار البابا على لقاء السيستاني يوضح “التميمي”: «المرجع لسيستاني له ثقله وقيمته الدينية الكبيرة لدى المجتمع العراقي، ومن الممكن أن يلعب دوراً بارزاً ومؤثّراً برسم ملامح المشهد العراقي، بعد تعرّض المسيحيين العراقيين لهجمة عنيفة، أدت لهجرة غير مسبوقة بين صفوفهم، وانكفاء الأغلبية منهم بمناطق محدّدة».

وليست هذه المرّة الأولى التي يلتقي بها البابا بأحد رجال الدين المسلمين، فسبق له لقاء “أحمد الطيب”، شيخ #الأزهر، في #أبو_ظبي، عام 2019، ووقّع معه وثيقة “الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي”.

الكاردينال “لويس ساكو”، بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق والعالم، أوضح، في تصريح لوكالة “فرانس برس”، أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، أن «زيارة البابا للسيستاني ستكون خاصة، وسيناقشان إطار عمل، لإدانة كل من يعتدي على الحياة».

كما أشارَ “ساكو” في تصريحه إلى أنه «يأمَل أن يوقّع السيستاني بدوره، في لقائه مع البابا، على وثيقة “الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي”»، والأمر ذاته قاله سفير العراق لدى الفاتيكان، لكنّ مكتب “السيستاني” نفى أنه «بحث مع وفد البابا توقيع هذه الوثيقة».

 

الحاجَةٌ لإسلام مُعتَدِل

ما لم يتم التوقيع على هذه الوثيقة فما مدلول اللقاء عندئذ؟ وإلامَ يهدف؟ أستاذ العلاقات العامة الدولية “علاء مصطفى”، يجيب بأن «اللقاء، لو وظّف بشكل صحيح، سيرفع النجف ومرجعيتها إلى القمة عالمياً، وسيقدّمها بوصفها ممثلاً للإسلام المعتدل، في زمن التطرّف والكراهية».

“مصطفى” يُوضح لموقع «الحل نت» أن «هناك حاجة لإسلام ينفتح على الآخر، ويتقبّل التنوّع، وهو أمر متوفر لدى مرجعية النجف، مقارنة بتشدّد السلفيّة، الزاحفة بقوة نحو الأزهر، وهكذا فإن اللقاء يُراد توظيفه بشكل يتناسب مع إسلام معتدل».

“علاء مصطفى” – تويتر

ليس بعيداً عن هذا اللقاء غرّد مقتدى #الصدر، زعيم #التيار_الصدري، عبر موقع “تويتر”، حول «سماعه بوجود بعض الرفض لزيارة البابا إلى النجف»، وأنه شخصياً يؤكّد «الترحيب بالزيارة، فالنجف عاصمة الأديان»، حسب تعبيره.

قبل الصدر قال “ائتلاف النصر”، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق “حيدر العبادي”، الأمر نفسه،  وهو أن «البعض يرفض زيارة البابا، ويحاول منعها». من جهتها أكدت مواقع إخبارية غربية أن الجهات الرافضة مقرّبة من #إيران.

 

 ترحيبٌ ودَعم عراقي من “الفصائل” 

هل هذا صحيح؟ استفسَرنا من “محمود الربيعي”، المتحدّث باسم “حركة صادقون” النيابية، التي تمثّل الجناح السياسي لـ”عصائب أهل الحق”، المقرّبة من إيران، وكان ردّه عكس ما قيل، بل أكّد الترحيب بالزيارة، ودعم إتمامها.

«موقفنا داعم ومُرحب بزيارة بابا الفاتيكان، ولقائه مع المرجع الديني السيستاني، ونأمل أن تكون هذه الزيارة بوابةً للمزيد من التقارب بين الأديان والشعوب، لما يمثّله البابا من رمزية دينية لدى إخوتنا المسيحيين»، بحسب ما قال “الربيعي” لموقع «الحل نت».

“محمود الربيعي” – إنترنت

ويضيف: «كما نعوّل على زيارة البابا للأماكن التاريخية في العراق، والتي يمكن أن تكون وجهة جديدة للسياحة الدينية على مستوى العالم،  لما يضمّه بلدنا من معالم، ذات بعد حضاري كبير وهام».

ويسترسل في إبداء الحفاوة بالقول: «نرى ان هذه الزيارة تؤكد مكانة العراق على مستوى المنطقة والعالم، ودوره المحوري، وحبه للسلام والتعايش، بعيداً عن ضغوطات أدوات الهيمنة والاحتلال والإرهاب والتكفير، التي ما زال  العراق يعاني منها»، حسب تعبيره.

 

رفضٌ إيراني

إن لم تكن القوى العراقية، المقرّبة من إيران، معترضة على زيارة البابا، فمن يقصد الصدر، وقبله ائتلاف “العبادي”، باتهاماتهما؟  الباحثة السياسيّة “ريم الجاف” أكدت لموقع «الحل نت» أن المقصود هو «إيران بذاتها، وليست القوى المقرّبة منها».

وبحسب “الجاف” فإن «القوى السياسية، والفصائل المقرّبة من إيران، لا تمانع الزيارة، لأنها في المحصلة ستكون لمرجع شيعي من العراق، له ثقله، حتى وإن كان البعض منهم ينتمي عقائدياً للمرشد #علي_خامنئي، وولاية الفقيه بإيران».

«المُمانعَة الفعلية تأتي من #طهران وقُم، لأن لقاء البابا بالمرجع السيستاني سيعطي رسالة واضحة بأن الأخير هو الممثّل الديني لشيعة العالم، لا مرجعية الولي الفقيه في إيران، ومركزها مدينة #قُم، التي تسعى، منذ عقود، لسحب البساط من النجف».

وتختم حديثها بالقول: «لذا فإن القلق والرفض الإيراني لزيارة البابا أمر طبيعي، فاللقاء سيُعطي قوة عالمية لمرجعية السيستاني، فوق قوتها، التي تحظى بها مُسبَقاً، وسيرجّح كفّتها على كل المراجع الشيعية الأخرى، بشكل لا يقبل النكران».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.