كسوة شخص من “تنزيلات” البسطات تكلّف سبعين ألف ليرة، والتُجّار يؤكدون رغم هذا أن سعر الملابس في انخفاض

كسوة شخص من “تنزيلات” البسطات تكلّف سبعين ألف ليرة، والتُجّار يؤكدون رغم هذا أن سعر الملابس في انخفاض

بينما تنظّم #الحكومة_السورية معارض لتصدير الأحذية والملابس، وسط حديث عن كساد وفائض إنتاج كبيرين محلياً، نتيجة ضعف التصريف، يعاني السوريون من عدم قدرتهم على تأمين كسوة جديدة، حتى لشخص واحد، في موسم التنزيلات الحالي، الذي كان فرصة، تنتظرها عديد من الأسر، لشراء الملابس، التي باتت تعتبر من الكماليات.

ويصف عديد ممن التقاهم موقع «الحل نت» موسم التنزيلات بأنه «وهمي، لأن الأسعار لا تزال مرتفعة جداً وغير معقولة»، وهو ما أكده “أبو سليم”، وهو أب لثلاثة أولاد، والذي أضاف أن «بعض المحلات وضعت لافتات عن تخفيضات تصل إلى 70%، لكن سعر القطعة الواحدة فيها لا يقلّ عن خمسة وعشرين ألف ليرة سورية».

 

ملابس بمئات آلاف الليرات

وتساءل “أبو سليم”: «هل من المعقول أن يكون سعر كنزة، لشاب في العشرين من عمره، خمسة وعشرين ألف ليرة، بعد تخفيضات نسبتها 70%؟ هذا يعني أن سعرها بداية الموسم كان يصل لنحو تسعين ألف ليرة، وهذا غير منطقي، فلم تصل أسعار الكنزات إلى هذا الحد نهائياً».

وأضاف: «إذا أردتُ شراء ثلاث كنزات شتوية، لأبنائي الثلاثة، فأنا مضطر لدفع خمسة وسبعين ألف ليرة، هذا دون أن نشتري بناطيل ومعاطف، أو ملابس لي ولزوجتي، وهذا منهك جداً، فأنا غير قادر على تأمين هذه المبالغ».

هناك بعض المحلات تبيع الكنزات بأقل من السعر الذي تحدث عنه “أبو سليم”، فقد وصل سعرها في محلات سوق الحميدية الشعبي، بعد التخفيضات، إلى خمسة عشر ألف ليرة سورية، في حين تراوحت أسعار المعاطف الرجالي، جيدة الصنع، بين ستين ألف ومئة ألف ليرة، في أسواق مختلفة؛ ومعاطف الأطفال بين خمسة وعشرين وخمسين ألف ليرة؛ أما المعاطف النسائية فتبدأ أسعارها من أربعين ألف ليرة، وتصل إلى مئة ألف.

فيما تراوحت أسعار البناطيل بين عشرين وأربعين ألف ليرة، والأحذية بين خمسة وعشرين ومئة ألف ليرة، ونظراً إلى أدنى الأسعار بالتنزيلات، فإن تكلفة كسوة شخص واحد من الأسرة، بحذاء وسترة وبنطال وكنزة، يكلّف حوالي تسعين ألف ليرة سورية، ما يعني نحو ثلاثمئة وستين ألف ليرة سورية، لعائلة من أربعة أشخاص.

 

تنزيلات شارع الثورة

الخيارات المحدودة جعلت من بسطات وأكشاك “شارع الثورة”، وسط العاصمة #دمشق، ملاذاً لكثيرة من السوريين، للحصول على ملابس جديدة، ولو كانت بجودة متدنية، فقد افترش بعض الباعة، وخاصة باعة الأحذية، الأرصفة، وأخذوا ينادون على تنزيلات لأحذية محلية الصنع، وبجودة متدنية. ووصل سعر الحذاء، الذي يُباع على أنه “تصافي محلات”، إلى عشرة آلاف ليرة سورية؛ بينما وصل سعر المعطف إلى ثلاثين ألف ليرة؛ والكنزة بين عشرة وخمسة عشر ألف ليرة؛ والبنطال خمسة عشر ألف ليرة، وبالتالي كسوة الفرد، من “تنزيلات شارع الثورة”، تتراوح بين خمسة وستين وخمسة وسبعين ألف ليرة، ما يساوي مئتين وثمانين ألف ليرة، لعائلة من أربعة أشخاص.

 

التنزيلات حقيقية قياساً بالدولار!

ويؤكد أصحاب محلات في سوق “الصالحية” لـ«الحل نت» أن «التنزيلات هذا الموسم حقيقية 100%، قياساً بارتفاع سعر الصرف، بين فترتي بدء الموسم والتخفيضات، فالمعطف الذي يُباع اليوم بـستين ألف ليرة، يساوي فعلياً خمسة عشر دولاراً، على سعر أربعة آلاف ليرة للدولار الواحد، بينما كان يُباع بداية الموسم بذات السعر تقريباً، عندما كان الدولار يساوي ألفين وخمسمئة ليرة، أي نحو خمسة وعشرين دولاراً، لكن المواطن لا يحسبها بهذا الشكل».

وأضاف أحد التُجّار: «المئة ألف ليرة اليوم ليست مثل المئة ألف ليرة بداية الموسم، وبالتالي طرح القطعة بذات سعر بداية الموسم يُعتبر وحده تخفيضاً، لكن المشكلة بقدرة المواطن الشرائية. ونُضطّر، نتيجة ضعف الإقبال، لخفض الأسعار أكثر، لتصريف البضائع».

وفي مقارنة لـ«الحل نت» بين أسعار التخفيضات في عامي 2020 و2021 تبيّن أن الأسعار هذا العام أرخص من العام الماضي، لكن المشكلة هي التضخّم، فقد كان سعر المعطف خمسة وعشرين ألف ليرة، في آذار/مارس من العام الماضي، حينما وصل سعر الصرف إلى نحو ألف ومئة ليرة سورية، أي ما كان يساوي حينها اثنين وعشرين دولاراً، بينما يساوي مبلغ اثنين وعشرين دولاراً اليوم ثمانية وثمانين ألف ليرة سورية، إن تم اعتماد سعر أربعة آلاف ليرة للدولار، وبالتالي فإن سعر ستين ألف ليرة (خمسة عشر دولاراً) للمعطف أقل من سعر العام الماضي.

 

المشكلة بالقدرة الشرائية

وكان “نور الدين سمحا”، رئيس القطاع النسيجي في غرفة صناعة دمشق وريفها، قد قال، في آب/أغسطس الماضي، إن «أغلب المواطنين لا يمتلكون القدرة الشرائية لشراء الألبسة، لأنهم بالكاد يستطيعون تأمين الضروريات المعيشية، لذا أصبحت الألبسة من الكماليات، ولم يعد هناك قدرة على تصريفها في السوق المحلية».

وأضاف: «انخفض الطلب على الألبسة في موسم عيد الأضحى، رغم وجود تنزيلات»، مبيّناً أن «الصناعة النسيجية، من ألبسة وغيرها، في حالة كساد كبير، وهي في وضع لا تحسد عليه».

ولفت “سمحا” إلى أن «هناك عدداً من الشركات والمعامل والمحال التجارية تتجه للإغلاق، لأن الوضع كارثي، ولابد من إيجاد حلول بالتعاون والتنسيق مع الحكومة السورية»، مطالباً بـ«تخفيض الضرائب على الصناعة».

وبحسب القانون رقم 14 لعام 2015 «يُعاقب بالغرامة المالية، من عشرة آلاف ليرة إلى خمسة وعشرين ألف ليرة، كل من أجرى تنزيلات سعرية في تجارته، بدون إذن مسبق، أو خالف شروط التنزيلات».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.