هجوم “عين أسد”: لماذا لن تعلن الحكومة العراقية عن الجهات المتورطة باستهداف القوات والمصالح الأميركية؟

هجوم “عين أسد”: لماذا لن تعلن الحكومة العراقية عن الجهات المتورطة باستهداف القوات والمصالح الأميركية؟

في صبيحة الأربعاء، الثالث من آذار/مارس الحالي، بدأت ميلشيات عراقية تنفيذ تهديدها الصريح، الذي أطلقته في بيان، نشرته في السابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي، وحمل توقيع جهة تسمي نفسها “الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية”، توعدت فيه بتنفيذ ضربات ضد القوات الأميركية، رداً على الضربات التي نفذتها #واشنطن في سوريا، بعد الهجوم على مطار #أربيل، في الخامس عشر من الشهر نفسه.
رد الميلشيات تمثّل بقصف قاعدة “عين أسد”، في محافظة #الأنبار، بعشرة صواريخ، ما أدى لوفاة متعاقد مدني مع القوات الأميركية بسكتة قلبية، بحسب ما نقلت وكالة “فرانس برس”.
وعقب الهجوم عقد مجلس الأمن الوطني العراقي اجتماعاً برئاسة مصطفى #الكاظمي، رئيس #الحكومة_العراقية، الذي ناقش الهجوم، وأكد، في تصريحات وزعها مكتبه الإعلامي على الصحفيين، أن «هكذا هجمات تنفذها مجاميع، ليس لها انتماء حقيقي للعراق، تستهدف قواعد عسكرية عراقية، ولا يمكن تبريرها تحت أي عنوان أو مسمى».
وشدد الكاظمي على أن «الأجهزة الأمنية العراقية لديها توجيهات واضحة لاتخاذ موقف حاسم من هذه الجماعات، مهما اختلفت مسمياتها وادعاءاتها»، رافضاً الحديث عن «ادعاء المنفذين انتماءً غير حقيقي لإحدى الأجهزة الامنية العراقية، وتحرّكهم بغطاء مزيف»، في إشارة إلى الأنباء عن قيام المتورطين بالهجوم باستخدام هويات رسمية، تتبع لإحدى الأجهزة الأمنية، ما أتاح لهم التحرّك بحرية.
ولكن ما هي الجماعات التي يتحدث عنها الكاظمي؟ ولماذا لا يذكرها بالاسم؟ ويرفض الحديث عن علاقتها بالأجهزة الأمنية العراقية؟

«الحكومة العراقية لن تعلن عن اسماء المتورطين»

الخبير الأمني والاستراتيجي “سرمد البياتي” يتوقع أن «نتائج التحقيق بالهجوم على “عين أسد”، والتي قد تُعلن لاحقاً، لن تذكر الجهة التي تقف وراء الهجوم، لأن الكاظمي لا يريد الانجرار إلى صدام مع هذه الجهة، التي باتت معروفة لكثيرين، بمن فيهم رئيس الوزراء العراقي نفسه».
ويضيف، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «القوات العراقية اعتقلت متورّطين بهجمات سابقة، ولم تكشف أسمائهم. والجميع يعلم أن الهجمات الصاروخية ليست أسلوب تنظيم #داعش، بل عمل جهات مدعومة من دول إقليمية».
وكشف “البياتي” معلوماتٍ، قال إنه استقاها من الأجهزة الأمنية العراقية: «المسافة بين الآلية، التي أطلقت الصواريخ من ناحية “البغدادي”، وقاعدة “عين أسد” كانت 14.9 كيلومتراً بالضبط، وصواريخ “غراد”، المستخدمة في القصف، يبلغ مداها خمسة وعشرين كيلومتراً، ما يشير إلى إمكانيات كبيرة لدى منفذي العملية».
وتتبع ناحية “البغدادي” قضاء “هيت” في محافظة الانبار، وتبعد مسافة مئتين وثلاثين كيلومتراً عن العاصمة #بغداد.

“حزب الله” و”النجباء” متورطان محتملان

ومع تجنّب المسؤولين حكوميين، والخبراء الأمنيين المقرّبين من الحكومة العراقية، ذكر هوية المتورطين بالهجوم، استطاع موقع «الحل نت»، بعد محاولات واتصالات عديدة، الحصول على معلومات خاصة وحصرية، طرحت اسم جهتين، من المحتمل تورّطهما بالهجوم.
وأكد مصدر أمني في الأنبار لـ«الحل نت» أن «منطقة “البغدادي”، مصدر القصف الصاروخي، يسيطر عليها الحشد العشائري، المتعاون مع ميلشيا #حزب_الله_العراقي. وهذا التعاون بدأ أثناء الحرب على تنظيم داعش، ومستمرٌ حتى اليوم».
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، لحساسية المعلومات التي قدمها، أن «كتائب حزب الله العراقي تتحرك على الطريق الدولي، بين منطقة “الكرمة” في الأنبار، التي تبعد مسافة ثلاثة وخمسين كيلومتراً عن بغداد، وصولاً إلى منطقة #القائم على الحدود مع سوريا، حيث يقع مقرّ عملياتها».
ويتابع: «أما ميلشيا “النجباء”، التي تقاتل أيضاً في سوريا، فقد انتشرت، بعد أيام من القصف الأميركي لميلشيات عراقية داخل الأراضي السورية، على مسافة لا تزيد عن خمسة وأربعين كيلومتراً من قاعدة “عين أسد”، عبر آليات، شوهد إنها تحمل راجمات صواريخ».

«قادة الحشد الشعبي يعرفون المتورطين»

من جهته يعتقد “مايكل بريجنت”، كبير الباحثين في معهد “هودسون” الأميركي، أن «الجهات المتورّطة بالهجوم متعاونة مع #إيران، وتملك إمكانية التحرك، مثل ميلشيات حزب الله العراقي، أو “عصائب أهل الحق”، وقد تستحدث أسماءً جديدة لفصائل وهمية، لتنفيذ تلك الهجمات، والإعلان عن تبنيها».
ويضيف، في مقابلة متلفزة تابعتها «الحل نت»، أن «قادة الميلشيات في العراق، مثل “هادي العامري” و”قيس الخزعلي” و”عبد العزيز المحمداوي”، المعروف بـ”أبي فدك”، والذي يترأس هيئة الأركان في #الحشد_الشعبي، يعرفون جيداً من هي الميلشيات المتورّطة بالهجمات، لكنّ الحكومة العراقية تخشى هذه الميلشيات، وتعلم أنها قد تهاجم القوات العراقية».
وشدّد على أن «الحكومة العراقية قادرة على اعتقال الأفراد المتورطين بهذه الهجمات، ولكن ليس قادة التنظيمات، الذين يقفون وراءهم، وما نتوقعه أن هؤلاء القادة، سيتبرّأون من المنفذين، ويقولون إنهم لا يعرفونهم».
وختم حديثه بالتحذير من أن «الضربات الأخيرة في سوريا، ضد الميلشيات العراقية، لن تردع هذه الميلشيات، بل ستدفعها لتنفيذ هجمات إضافية».
حديث “بريجنت” تزامن مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية والبيت الأبيض عن نيتهما القيام بـ«رد حاسم على هجوم “عين أسد”، في حال التأكد من أن إيران متورطة به».
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض عشية الهجوم :«قمنا بالرد على الهجمات الأخيرة (هجوم أربيل) المدعومة من إيران، وهذا سيكون النموذج، الذي سنتبعه من الآن فصاعداً».
الخبير الأمني العراقي “أحمد الشريفي” يعتقد أن «الولايات المتحدة ستردّ على المتورطين بالهجوم، لكن الردّ لن يكون فورياً».
ويؤكد، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «توقيت الرد سيكون بعد زيارة البابا فرنسيس للعراق، والتي من المقرر أن تبدأ في الخامس من آذار/مارس الجاري، وتنتهي في الثامن منه، لمنع حدوث أي إرباك أمني، أو تهديد لسلامة الحبر الأعظم».

الحشد العشائري في الأنبار: «لا ناقة لنا أو جمل في استهداف “عين أسد”»
ولكن ماذا عن موقف الحشد العشائري في محافظة الأنبار، المُتهم بالتعاون مع الميلشيات الموالية لإيران؟
الشيخ “قطري السمرمد”، القيادي في حشد الأنبار العشائري، والمقيم في ناحية “البغدادي”، التي انطلقت منها الصواريخ على قاعدة “عين أسد”، يتنصّل من أي مسؤولية عن الهجوم، بالقول: «لا ناقة لنا أو جمل بما حصل في “عين أسد”، هناك من يريد ضرب الاستقرار في الأنبار، وإيقاف عجلة إعادة الإعمار. مناطقنا فيها جيش وشرطة عراقية، والتحالف الدولي موجود بطلب من الحكومة العراقية. ولا علاقة لنا بالصراع».
ويؤكد في حديثه لموقع «الحل نت»: «تفاجأنا باستخدام منطقة “البغدادي” لقصف عين أسد، “فـ”البغدادي” منطقة منكوبة، قدمت مئتين وخمسين شهيداً في المعركة ضد داعش، ولن نسمح بتحويلها لمنطقة صراع، لتصفية الحسابات بين إيران وأميركا. فضلاً عن هذا فإن القاعدة تضمّ عشرين ألف عسكري عراقي من أبناء شعبنا، ولا يتواجد فيها الأميركيون فقط».
بدوره يبدي الشيخ “عواد الجغيفي” قائد الحشد العشائري بمدينة “حديثة”، القريبة من قاعدة “عين أسد”، موقفاً شبيهاً، في حديثه لـ«الحل نت»: «القاعدة هي ثاني أكبر قاعدة جوية في العراق، وتحتضن قيادة عمليات “الجزيرة”، وقوة جوية العراقية، وفوج مكافحة إرهاب الأنبار، والقوات الأميركية ومستشاريها. #التحالف_الدولي والحكومة العراقية يحققان الآن بعملية القصف، وما نراه، على أرض الواقع، أن الحادثة تطور خطير، ونعتقد أنها جاءت رداً على القصف الأميركي لجماعات موالية لإيران داخل سوريا».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.