أثارت الحملة التي أطلقتها #قوات_سوريا_الديمقراطية، بدعمٍ من #التحالف_الدولي، ضد #داعش وسيطرتها على آخر معقلٍ للتنظيم في #الباغوز عام 2019، رغبة بقايا التنظيم والمتعاونين معه في الانتقام من (قسد) وتنفيذ سلسلة من الاغتيالات بحق مدنيين وشخصياتٍ عشائرية.

وتحمل بعض الاغتيالات علامات واضحة على تورّط التنظيم، فمؤخراً سُجّلت تسع حالات قتل بالحرق والطعن بالسكاكين والشفرات، وخمس حالات باستخدام المتفجرات.

لكن يبدو أن حملة «داعش» للاغتيالات منظمة على مستوى محدود فقط، ولا يوجد تنسيق عالٍ بين جميع خلاياه التي لديها هدف واحد، لكن لديها تكتيكات وخطط مختلفة، بحسب تقريرٍ لـ (mecra).

ويشير التنظيم عادة إلى هذا التكتيك على أنه أسلوب “الذئاب المنفردة”، ووصف الاغتيالات على أنها نُفّذت من قبل “خلايا نائمة”، لا يعني دائماً أن هذه الخلايا تابعة له.

بمعنى آخر، الاغتيالات تُنفّذ، وخلايا داعش توافق على تحمّل المسؤولية عنها، لكن صراع القوى المختلفة في سوريا، يشير إلى احتمال تورّط أطراف أخرى في الاغتيالات والاستفادة من انعدام الأمن في منطقة شرق الفرات.

أطرافٌ عديدة لها مصلحة 

تستفيد تركيا بشكلٍ كبير من انعدام الأمن، وإحراج قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، وخلق الانطباع بأنهم لا يستطيعون السيطرة على الوضع.

والهدف واضح: إضعاف #الإدارة_الذاتية لمنطقة شمال شرقي سوريا، التي تحكم هذه المنطقة، حيث تشير التقارير إلى أن تركيا قدّمت تسهيلات كثيرة لعناصر تنظيم داعش.

كذلك يستفيد #بشار_الأسد من هذا الوضع، لإيصال رسائل للقوى المسيطرة والمجتمع في ريف دير الزور الشرقي مفادها أن الوضع لا يطاق وأن قوات سوريا الديمقراطية لا تستطيع السيطرة على هذه المناطق.

الرغبة ذاتها تُرضي روسيا التي يُسعدها إحراج #الولايات_المتحدة وإثبات أن حلفاءها في قوات سوريا الديمقراطية غير قادرة على حفظ الأمن.  من جهتها، تسعى إيران إلى توسيع نفوذها إلى مناطق أخرى شرق الفرات مستغلةً تلك الاغتيالات.

ويرجّح أن تكون خلايا التنظيم هي التي نفذت معظم الاغتيالات، لكن بدعمٍ وتحفيزٍ ومباركة المنتفعين في بعض الحالات. فعلى سبيل المثال، يبدو أن دمشق مستفيدة  من الاغتيالات الأخيرة لوجهاء العشائر إلى جانب «داعش».

وبالنسبة لاغتيال المدنيين الذين يشكّلون النسبة الأكبر من الضحايا، 175 من إجمالي 251، يبدو أن الهدف هو إيصال الرسائل وترهيب الناس، ونشر الفوضى وزعزعة الاستقرار في المنطقة.

وبحسب شبكة “دير الزور 24” بلغ عدد الاغتيالات 21 عام 2018، و84 عام 2019، و116 عام 2020. وتضاعفت هذه الإحصائيات مطلع عام 2021، حيث سُجّلت 30 اغتيالاً في أول شهرين من هذا العام فقط.

وهو تصعيدٌ خطير، إذا استبعدنا عام 2018 والربع الأول من عام 2019 وهو موعد تحرير الباغوز آخر معقل لتنظيم داعش في سوريا. وتشير الإحصائيات في الأشهر الـ 21 الماضية إلى 216 عملية اغتيال من إجمالي 251 عملية اغتيال في هذه المحافظة.

ملاحظات حول طبيعة الاغتيالات في دير الزور 

بخصوص اغتيال مقاتلين أو متعاونين مع قوات سوريا الديمقراطية بشكلٍ مباشر، يبدو أن مهامهم ووجودهم ضمن هذا التشكيل العسكري كان كافياً لاستهدافهم. وقد سُجّلت 44 حالة اغتيال لمقاتلين من (قسد).

إضافةً لاغتيال عمال ومسؤولين في مجلس دير الزور المدني واغتيال ثمانية رؤساء وثمانية أعضاء من المجالس المحلية، في محاولةٍ لترويع الناس ومنعهم من التعاون مع مجلس دير الزور المدني التابع لقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي.

ولا تقتصر هذه الاغتيالات على المتعاملين مع (قسد) فقط، إذ طالت عدداً من وجهاء عشائر في دير الزور وهم من الشخصيات البارزة أصحاب النفوذ على المستويين الاجتماعي والقبلي الذين يعملون مع السلطة المسيطرة، لكن لا يُعتبرون تابعين لهذه القوى بشكل مباشر. وسُجّلت سبعة اغتيالات من هذا القبيل.

ويبقى هناك اغتيال 157 مدنياً، وهم يشكلون النسبة الأكبر من الإحصاءات، وتختلف الدوافع وراء عمليات القتل هذه، حيث تعكس انعدام الأمن بريف دير الزور، خاصة المنطقة الشرقية التي وقعت فيها حالات القتل.

اغتيالاتٌ بدوافع غير واضحة 

رغم أن الكثير من الحالات كانت واضحة بالنسبة لمن يقف وراءها، فقد حدثت بعض الاغتيالات أو محاولات القتل التي يمكن تفسيرها بأشكال مختلفة من حيث الدوافع والأطراف التي تقف وراءها.

ولعل أهم هذه الاغتيالات، تلك التي طالت بعض وجهاء دير الزور وبعض المحاولات الفاشلة، كمحاولة قتل الدكتور غسان اليوسف، الرئيس المشترك لمجلس دير الزور المدني، من قبل عناصر حاجز لقوات سوريا الديمقراطية في الرقة، وما أحدثته من إرباك.

في حادثةٍ اعتبرت قوى الأمن الداخلي التابعة لقوات سوريا الديمقراطية في الرقة أنها غير متعمّدة، بسبب عدم توقّف موكب الشيخ، المؤلّف من 3 مركبات، على حاجزٍ عسكري.

اغتيال شخصيات عشائرية 

استهدفت سبعة اغتيالات في الفترة من شهر نيسان 2020 حتى نهاية ذلك العام،  شخصيات عشائرية بعيدة عن السياسة، كانت لها أهمية كبيرة في المجتمع ولها تأثير كبير على السكان، وتتعامل مع معظم القضايا ككبار رجال العشائر، حيث كان لهم دور مهم في حفظ السلم الأهلي وتجنب إراقة الدماء.

ففي الملف العشائري على سبيل المثال، نلاحظ أن إيران تبذل قصارى جهدها ليكون لها دور فيه من خلال استقطاب زعماء العشائر ووجهاءها، لكسب موطئ قدم في منطقة شرق الفرات.

وقد أعقبت هذه الاغتيالات، لا سيما مقتل الشيخ مطشر الهفل، ومحاولة اغتيال الشيخ إبراهيم الهفل، اضطرابات شعبية. وهذا يدل على مدى تأثير الاغتيالات على النسيج الاجتماعي والاستقرار في المنطقة وزيادة التوتر فيها.

وعلى الرغم من الحملات الأمنية العديدة التي تقودها قوات سوريا الديمقراطية بدعم مباشر من التحالف، واعتقال العشرات من قيادات داعش والأشخاص العاملين في التنظيم، إلا أن الاغتيالات تتزايد، في إشارةٍ واضحة عن رغبة المتورّطين بخلط الأوراق وإثارة الفتنة بين مكونات المنطقة.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.