مع تردي الأوضاع الاقتصادية: الأطفال سلعة مربحة لطلب الفدية وتجارة الأعضاء في دمشق وريفها

مع تردي الأوضاع الاقتصادية: الأطفال سلعة مربحة لطلب الفدية وتجارة الأعضاء في دمشق وريفها

عادت ظاهرة خطف الأطفال، للحصول على  فدية مالية، إلى الواجهة في العاصمة #دمشق وريفها، على وقع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، رغم ترويج السلطات السورية لعودة “الأمن والاستقرار” إلى معظم المناطق، التي فرضت سيطرتها عليها.

وتنوّعت الطرق، التي يستخدمها الخاطفون للإيقاع بضحيتهم، بين خطف الأطفال عند الخروج من المدارس، أو الحدائق، أو حتى من داخل البيوت في وضح النهار.

 

الخطف مقابل فدية مالية

موقع «الحل نت» تواصل مع أحد أقرباء طفلة تعرّضت للخطف، ثم تم إطلاق سراحها مقابل فدية مالية، فقال إنه «في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، تعرّضت ابنة أخي، البالغة من العمر ثماني سنوات، للخطف، بعد خروجها من المدرسة، فقد قام مجهولون، يركبون سيارة أجرة، بخطفها في وضح النهار، في منطقة “مشروع دمر” بالعاصمة دمشق».

وأضاف المصدر، الذي رفض نشر اسمه: «في اليوم نفسه مساءً، تلقينا اتصالاً من الخاطفين، طلبوا فيه فدية، تُقدّر بعشرين مليون ليرة سورية، وهددوا بقتل الطفلة، في حال إخبار السلطات الأمنية عن الحادثة، أو رفض دفع المبلغ».

وأوضح المصدر أنه «بعد التفاوض، تم دفع مبلغ خمسة عشر مليون ليرة سورية، مقابل الإفراج عن الفتاة، التي وُجِدت في أحد المناطق المهجورة، بمنطقة “القابون” جنوبي دمشق، مكبلة الأيدي، ورغم انها لم تصب بأذى، إلا أن الأهل كانوا في حال صدمة شديدة».

حوادث خطف الأطفال لا تكون عشوائية، في كثير من الأحيان، فالعصابات تقوم بالتحرّي عن العائلات المستهدفة، وقدرتها المالية على دفع الفدية، وبناءً عليه تتم عملية الاختطاف، لضمان الحصول على المال المطلوب.

أما في #ريف_دمشق، فلم تقتصر عمليات السرقة والخطف على الأطفال فحسب، بل طالت حتى الشباب والفتيات. وكشف مصدر محلي، في منطقة “بيت سحم” بريف دمشق، لموقع «الحل نت» أن «هناك عصابات ترتدي الزي عسكري، ومدججة بالسلاح، تقوم بعمليات “تشليح” بعد غروب الشمس، وهدفها سلب الأموال والهواتف والمقتنيات الشخصية للمارة، بعد احتجازهم لساعات، ومن ثم إطلاق سراحهم».

وأكد المصدر أن «معظم أفراد هذه العصابات من الجنود والمتطوعين في #القوات_النظامية، والميلشيات الموالية لها، يستغلّون نفوذهم وسلطتهم، ليقوموا بهذه العمليات ليلاً، حين يعيش ريف دمشق في ظلام دامس، نتيجة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ما يسهّل مهمة العصابات».

 

تجارة أعضاء

ليست الفدية المالية، أو حتى سلب الممتلكات الشخصية، هدف الخاطفين الوحيد، فقد رصد موقع «الحل نت» عدداً من حالات خطف الأطفال، دون أن يقوم الخاطفون بالاتصال بذويهم، أو طلب فدية. ويؤكد كثير من الأهالي أن عمليات الخطف هذه تتم للتجارة بأعضاء المختطفين.

وفي بداية شهر شباط/فبراير الماضي تم الكشف عن شبكة تقوم بخطف الأطفال، بغية التجارة بأعضائهم، وجاء في تفاصيل الحادثة أن «امرأةً قامت باستدراج طفلة، تبلغ من العمر ست سنوات، ونقلتها إلى منطقة “عش الورور”، على أطراف العاصمة دمشق. وبعد تواصل العائلة مع قسم شرطة مساكن برزة، والاطلاع على محتوى كاميرات المراقبة، في الشارع الذي تقطن فيه الطفلة، تبيّن أن الخاطفة كان تعمل خادمة في منزل عائلة الضحية، وبعد التحقيق فرع الأمن الجنائي معها، أرشدتهم إلى مكان الطفلة، التي كانت محجوزة، مع خمسة أطفال، في منزلٍ برفقة امرأة أخرى»، بحسب ما ذكرت أخت الفتاة المُختطفة، في منشور لها على مجموعة في موقع “فيس بوك”، تحمل اسم “مساكن برزة والشام”.

وكشف مصدر مطلع على القضية لموقع «الحل نت»، شريطة عدم ذكر اسمه، أن «عملية الاختطاف تمت قبل أربعة أيام من إلقاء القبض على العصابة، ولم يقم الخاطفون بالتواصل مع العائلة، للحصول على فدية مالية، وإنما كانت الغاية من الخطف إرسال الأطفال إلى محافظة #دير_الزور، والمتاجرة بأعضائهم، وهو مالم يذكره الأمن الجنائي».

 

درعا ودمشق الأعلى في حالات الخطف

لا توجد إحصائيات دقيقة حول عمليات الخطف، التي تتم في جميع أنحاء سوريا، وخصوصاً في مناطق سيطرة #الحكومة_السورية، إلا أن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” وثّق، خلال عام 2020، نحو مئة وثمانية وتسعين عملية خطف لمدنيين، بينهم خمسة وثلاثون طفلاً، وإحدى عشرة امرأة، وقُتل من المخطوفين  تسعة أشخاص، بينهم طفلة.

وبحسب ما جاء في تقرير المرصد «تصدّرت #درعا قائمة المحافظات، التي شهدت عمليات خطف، بنحو واحدة وأربعين حالة، تليها دمشق وريفها، بنحو تسع وثلاثين حالة، ثم #حلب بأكثر من واحدة وثلاثين حالة، ومن ثم محافظات الساحل السوري، التي شهدت ثمان وعشرين عملية ومحاولة اختطاف، تليها #السويداء بأكثر من ست وعشرين حالة، وتأتي #حماة بعدها بنحو تسع عشرة حالة، وأخيراً #حمص بأكثر من أربع عشرة حالة».

 

ما حكم القانون؟

تندرج جريمة الخطف، في قانون العقوبات السوري، تحت فصل “الجرائم الواقعة على الحرية”، حيث عرّف القانون السوري جريمة الخطف بأنها «سلب إنسان حريته، باستخدام أسلوب أو أكثر من أساليب العنف، والاحتفاظ به في مكان يخضع لسيطرة وحماية ورقابة المختطفين، تحقيقاً لغرض معيّن، سياسي أو ديني أو أخلاقي أو مادي».

وقال المحامي السوري “عادل قباني” لموقع «الحل نت» إن «هنالك عدة مواد في القوانين السورية، مثل القوانين 487  و481 و501 و555، تجرّم عقوبة الخطف واحتجار الحرية، إضافةً إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد أصدر عام 2013 المرسوم التشريعي رقم 20 من قانون العقوبات السوري، والذي ينصّ على عقوبة السجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، لكل من يرتكب جريمة خطف القاصرين، دون سن الثمانية عشر عاماً، وإذا تمت عملية خطف القاصرين بالحيلة أو القوة تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة».

وأضاف المحامي السوري أن «هذه العقوبة ترتفع إلى ما بين عشرة وعشرين عاماً، في حال كانت عملية الخطف بقصد طلب الفدية، ورافقتها أعمال بحق المخطوف، إضافة إلى غرامة مالية، تُقدّر بضعف قيمة الفدية المطلوبة».

وأشار إلى أن «الأحكام القضائية قد تصل لعشرين عاماً، أو الأشغال الشاقة المؤبدة، إذا كان الخطف لدوافع سياسية أو مادية أو طائفية، أو بدافع الثأر والانتقام، وتكون العقوبة بالإعدام، إذا نجم عن جريمة الخطف وفاة أحد الأشخاص، أو حدوث عاهة دائمة لدى المجني عليه».

وختم “قباني” حديثه بالتأكيد على أنه «لا يتم التقدّم بشكوى ضد الخاطفين في كثير من الأحيان، رغم التعرّف عليهم من قبل الأهالي، الذين يكتفون بدفع الفدية المالية، خوفاً من إلحاق الضرر بهم أو بقريبهم المخطوف فيما بعد».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.