الحروب الروسية-الإيرانية في الجنوب السوري: هل تنجح الميلشيات الموالية لروسيا بقطع الطريق على المخدرات والتشيّع الإيرانيين؟

الحروب الروسية-الإيرانية في الجنوب السوري: هل تنجح الميلشيات الموالية لروسيا بقطع الطريق على المخدرات والتشيّع الإيرانيين؟

قد تكون إقامة الضباط الروس في قصر المحافظ الكبير، على طريق” قنوات” في مدينة #السويداء، أمراً عادياً في ظل سيطرة #روسيا على مساحات واسعة من سوريا، بعد أن دخلتها في أيلول/سبتمبر من العام 2015، لكن أبناء المحافظة اعتبروا الاستيلاء على القصر تمهيداً لبقاء الروس لأمد طويل، ورسالة واضحة عن المدى الذي وصل إليه نفوذهم في المنطقة.

ويختصر الإعلامي “سامر الحسن”، وهو اسم مستعار لأسباب أمنية، ما تريده روسيا من الجنوب السوري بالقول: «إنهم يستثمرون في الانحدار الاقتصادي والأخلاقي في السويداء، ليستمروا بتجنيد الشباب، في أي مكان يريدونه داخل سوريا وخارجها. وبهذا يمكنهم التحكّم بالأرض دون أية تكاليف، خاصةً أن العصابات، التي يتواصلون معها بشكل يومي، تمنع أي تطوّر اقتصادي محتمل في المنطقة».

 

تحالف ضد إيران

«السياسة الروسية لا تتغير، وهي قائمة على حكم المافيات واقتصاد الظل»، بهذه الكلمات يعبّر “الحسن”، في حديثه لـ«الحل نت»، عن رؤيته لماهية النفوذ الروسي في الجنوب السوري، ويستدرك بالقول: «إلا أن روسيا اصطدمت بمحاولة #إيران لعب الدور نفسه في الجنوب، بعد أن قام #حزب_الله اللبناني، ومن ورائه إيران، بتأسيس شبكات عديدة لترويج المخدرات وتهريبها، ما خلق حرباً غير معلنة بين الدولتين، ضحاياها شبان من السويداء، يقاتلون بالوكالة لمصلحة إحدى الدولتين».

ويسرد الناشط الإعلامي بعضاً من تفاصيل ما سماها “الحرب بالوكالة”: «تمت تصفية فصيل “قوات شيخ الكرامة” في مدينة #صلخد، على يد فصائل موالية لإيران، وهو ما خلق أحقاداً جديدة، لا يمكن أن تنتهي. فاستغلّت روسيا هذا دون ضجيج، والتقت مع ما تبقى من الفصيل، الذي حاول أبناء الشيخ “وحيد البلعوس”، مؤسس حركة #رجال_الكرامة، إعادة تجميعه مجدداً، بعد ضربات صلخد التي أنهكته».

“معتز الحسين”، ناشط مدني من بلدة “المزرعة” غربي “السويداء”، يروي لـ«الحل نت» مزيداً من التفاصيل عن علاقة روسيا بأبناء الشيخ “البلعوس”: «قام “ليث البلعوس” بتجميع عناصر فصيله، وضمّ شباناً جدداً إليه، بعد أن أمّن حاضنة معنوية ومادية كبيرة، تتمثل في عشيرة “البلاعسة” في #الأردن، وكان هدفه الأساسي قطع الطريق الغربي، بين #درعا والسويداء، على إيران وحزب الله، ووقف تمددهما في الأرياف، خاصة بعد كشف معسكر تابع لإيران، غربي بلدة “الثعلة” الحدودية مع درعا، قوامه مسلحون من بدو العشائر، ومهمته الأساسية إثارة البلبلة، والقيام بعمليات الخطف، وتسهيل مرور شحنات المخدرات نحو الجنوب».

ويتابع “الحسين” حديثه بالقول: «الهدف الرئيسي للفصيل، الذي أسسه “ليث البلعوس”، الانتقام من قتلة والده، وهم بالتأكيد مسؤولو #الحكومة_السورية، ووراءهم حزب الله وإيران، ومن هنا يبدو التقارب بين “البلعوس” الابن وروسيا أمراً حتمياً، فقد اتفق الطرفان على كبح جماح إيران، ومنع تغوّلها في الجنوب».

ويتحدث الناشط السوري عن ماضي العلاقة بين الطرفين: «رفض “ليث البلعوس”، بشكل قاطع، التعاون مع روسيا عام 2018، واعتبر وجودها في سوريا احتلالاً، فيما اعتبرت روسيا فصيله جماعة إرهابية، بعد رفضه الحوار معها، إلا أن كل شيء تغيّر الآن، وصار الروس وأبناء الشيخ البلعوس في خندق واحد ضد الإيرانيين».

 

حرب المخدرات

الإعلامي “حمزة المعروفي” قال لـ«الحل نت» إن «”البلعوس” الصغير يعمل مع فصيله بلا ضجيج، وهو يعلم الطرق والمسالك، التي يتخذها مهربو المخدرات القادمون من #لبنان، ويلعب دوراً رئيسياً في إفشال عدد كبير من عمليات التهريب، التي تتجه من لبنان نحو الحدود الأردنية»، مؤكداً أن «”قوات شيخ الكرامة” استفادت من الدروس الصعبة، التي تلقتها سابقاً، فقد كانت تعلن عن عملياتها، بشكل استعراضي، على موقع “فيس بوك”، فباتت الهدف الرئيسي لتُجّار المخدرات، ومن يقف وراءهم. ولكنها اليوم صارت أكثر حذراً وأكثر جدّية».

“المعروفي” يؤكد أن «عصابات تهريب المخدرات، التي ترتبط بعلاقات متينة مع الإيرانيين، تعرّضت لعديد من الكمائن على الحدود الأردنية، ما كبّدها كثيراً من الخسائر المادية والبشرية. وهذا بفضل التنسيق بين القوى الأمنية الأردنية، وأشخاص فاعلين في الداخل السوري، على رأسهم “البلعوس” الابن، وهو ما يشير إلى مشاركة روسيا بهذا التنسيق، بوصفها ضلعاً ثالثاً فيه، وهكذا يتعاون الأردنيون و”البلاعسة” والروس على حرمان إيران من أهم مواردها الاقتصادية، وبالتالي إضعاف وجودها في الجنوب».

 

 لقاء المصالح رغم الصراع

ومع كل ذلك توجد كثير من المصالح المشتركة بين روسيا وإيران، بحسب المحامي “ن .ص”، الذي أكد لـ«لحل نت» أن «الدولتان تعملان على التهدئة حالياً، لتهيئة الجنوب السوري لمرحلة الاستحقاق الانتخابي، وتدعمان ترشّح بشار الأسد لرئاسة الجمهورية، مقابل وعود اقتصادية لأهالي المنطقة، لم يروا منها شيئاً على أرض الواقع حتى الآن».

ويؤكد المحامي والناشط الحقوقي، الذي رفض ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، أن «مطامع إيران الأساسية هي حماية طرق التهريب، بمساعدة بعض من جنّدتهم لصالحها، وخاصة في مدينة صلخد الحيوية. أما روسيا فهمها الأساسي تقليص دور إيران في المنطقة عسكرياً، وجذب الفصائل المسلحة للعمل معها، إلا أن الطرفين غير مستعدين لخوض أي معارك في الجنوب».

ويختم حديثه بالقول: «بكل الأحوال تبدو مصالح روسيا، ودورها في المنطقة، أكثر تعقيداً من الدور الإيراني، فهي تعمل على الاستفادة اقتصادياً من الجنوب، مثل الاستثمار في مشاريع البازلت، فيما تنهمك إيران بتهريب المخدرات، ومحاولة نشر التشيّع».

 

عقدة التجنيد والمخلّص الروسي

“حمزة المعروفي” يشير إلى أسلوب آخر، شديد الأهمية، لفرض الهيمنة الروسية على السويداء، وهو اللعب بورقة الفارين من الخدمة الإلزامية والمتخلّفين عنها، فعلى الرغم من أن «عدد الشبان المتخلّفين والفارين لا يتجاوز خمسة وعشرين ألف شاب، حسب إحصاءات نهائية، ذكرها مصدر في فرع الأمن العسكري مؤخراً، إلا أنه يتم تهويل هذا الرقم ومضاعفته، لكي يبقى التجنيد ملفاً، يمكن ابتزاز أهالي المحافظة من خلاله»، بحسب الإعلامي السوري، الذي يضيف: «وهكذا كلما جاء وفد روسي إلى المنطقة لا يكون له حديث إلا عن التسويات، التي يجب أن يعقدها الشبان المتخلّفون عن الخدمة، ويطرح نفسه ضامناً نزيهاً لها، فتبدو روسيا بذلك المنقذ والمخلّص لأهل الجبل».

ويؤكد “المعروفي” أن «العدد الحالي للمتخلّفين والفارين في السويداء قليل جداً، إذا تمت مقارنته ببقية المحافظات، ولكن روسيا والحكومة السورية عرفتا كيف تستغلان هذا الملف الحساس، بالنسبة لأهالي المحافظة، فصار أداة أساسية لفرض السيطرة على السويداء».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة