أعوامٌ عشرة مرّت على الاحتجاجات الشعبية التي بدأت في الخامس عشر مارس آذار 2011، قبل أن تتحوّل إلى حربٍ دائرة في أرجاء البلاد تسببت بتدخّل جيوشٍ عالمية.

كل ذلك، كانت نتائجه كارثية على الشعب السوري وحده، سواء بالنسبة لمن أُجبِر على الهروب خارج البلاد، أو لمن بقي نازحاً خارج مناطقه. لكن تلك الحرب القاتلة، علّمت العالم 10 دروسٍ قاتمة، لخّصتها صحيفة (the Guardian) البريطانية، وفق الآتي:

معاناة المدنيين  

تختلف إحصائيات الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم منذ شهر آذار 2011 اختلافاً كبيراً، فهي تتراوح بين 117 ألف شخص إلى 226 ألف، إلا أن الجدول الواسع لحقل هذا القتل المتجدد لا جدال فيه.

وأفادت الأمم المتحدة في هذا الشهر أن «عشرات الآلاف من المدنيين المحتجزين بشكل تعسفي في سوريا لا يزالون مختفين قسراً، بينما تعرّض آلاف آخرون للتعذيب أو الموت أو العنف الجنسي خلال فترة الاحتجاز».

أما اقتصاد سوريا ومدنها، فهما في حالة خراب، حيث يواجه 12 مليون شخص الجوع. وربما فقد هؤلاء الأشخاص القدرة على الصدمة. إلا أن السؤال الأخلاقي الأساسي لا يزال ذو أهمية عالمية: لماذا يُسمح لمثل هذه المجزرة بالحدوث؟

اللاجئون 

ما يزيد عن نصف سكان سوريا ما قبل الحرب، والبالغ عددهم 22مليون حينها، هم اليوم نازحون وحوالي 6.6 مليون منهم خرجوا من البلاد. والكثير من النازحين محاصرين ما بين قوى المعارضة والميليشيات الإسلامية في إدلب شمال غربي سوريا.

وأدّت تدفقات اللاجئين إلى قلب السياسة الإقليمية وسياسة الاتحاد الأوربي والمملكة المتحدة رأساً على عقب وعززت الأحزاب اليمينية المتطرفة والتحذيرات ضد المهاجرين. وبات الموت الآن ضيف يومي على شواطئ أوروبا. فكيف يمكن قبول هذا؟

الإفلات من العقاب 

الرئيس #بشار_الأسد والأشخاص المقربين منه، متهمون بمجموعة كبيرة من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، ويُستهدَف المدنيون والعاملون في مجال الصحة والمستشفيات وفرق الإنقاذ بشكلٍ روتيني وغير قانوني.

بينما “الفيتو” الروسي والصيني يعيق المحكمة الجنائية الدولية عن محاكمة أفراد الحكومة السورية وتابعيها المتورطين في تلك الجرائم، رغم التحقيقات بخصوص جرائم الأسد في فرنسا وألمانيا.

وحوكم أفراد من قوات الأمن السوري، إلا أن الإخفاق في تقديم جميع الجناة، بما في ذلك المجموعات المعارضة السورية والمجموعات الإسلامية، إلى العدالة، يؤدي إلى السخرية من القانون الدولي.

الأسلحة الكيميائية 

إن لاستخدام السلطات السورية السلاح الكيميائي المحظور بشكل متكرر، في تحدٍّ منه للقانون الدولي، تداعيات دولية خطيرة.

ومن المفترض أن الأسد قد سلّم ترسانته من السلاح الكيميائي بعد الهجوم المشهور على الغوطة عام 2013 بغاز السارين، إلا أنه ومنذ ذلك الحين حددت الأمم المتحدة ما يزيد عن أربعون هجوماً بالأسلحة الكيميائية.

فيما أعاقت روسيا التحقيقات مراراً وتكراراً، بينما تجاهلت الولايات المتحدة الخطوط الحمراء التي وضعتها بنفسها. وبالنتيجة، اتفاقية الأسلحة الكيميائية للعام 1993 ضعفت بشكلٍ جدّي وواضح.

تنظيم داعش 

يبدو أن تنظيم داعش يبقى المستفيد الدائم من هذه الحرب، وهو الذي اجتاح الأراضي في كل من سوريا والعراق في العام 2014. وبينما قضى التحالف الدولي في نهاية المطاف على “دولة الخلافة”، كان تنظيم داعش يقف وراء العديد من الهجمات الإرهابية في أوروبا في الفترة ما بين العامين 2014 و2017.

لقد ألهم التنظيم الجماعات الجهادية المناهضة للغرب في جميع أنحاء العالم، وتفيد تقارير بأنه يعيد بناء نفسه في العراق.

في وقتٍ لا يزال المحتجزون من أعضاء تنظيم داعش، مثل “شميمة بيغوم” البريطانية المولد، في مأزق قانوني في مخيمات الاعتقال الصحراوية القاسية. ولا يزال الرد الغربي على عودة أعضاء التنظيم مشتت بشكل خطير.

روسيا والولايات المتحدة

شكّلت الحرب تحولاً واضحاً في ميزان القوى في الشرق الأوسط، فبعد رفضِ الرئيس الأميركي الأسبق #باراك_أوباما التدخل عسكرياً، استغل الرئيس الروسي #فلاديمير_بوتين فراغ السلطة الذي جاء بعد ذلك في العام 2015 فملأه، وقد أنقذ بذلك نظام بشار الأسد.

الشأن الأهم لدى الرئيس الأميركي الحالي #جو_بايدن هو ردع الميليشيات الموالية لإيران والجهاديين، حيث تم استهدافهم بغارات جوية محدودة خلال الشهر الماضي.

كما انهارت عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في شهر كانون الثاني، ويبدو أن “بايدن” يعتقد أن الوقت قد فات لإنقاذ سوريا. وسوف يكون من الرائع إثبات عكس ذلك.

الربيع العربي

في البداية أعربت الدول الغربية عن تعاطفها مع محاولات الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية والديكتاتوريين في كل من تونس والبحرين ومصر وليبيا واليمن وسوريا في شهر كانون الأول من العام 2010.

ولكن تراجع الغرب عن موقفه مع تدخل الإسلاميين وتحول الأحداث إلى حالة لا يمكن التنبؤ بها. وتم إغلاق النافذة التي فتحت لفترة وجيزة على الإصلاحات السلمية في العالم العربي.

وبذلك، كانت قضية الديمقراطية العالمية الخاسر الأكبر. وسوريا خير دليل على هزيمة هذه الديمقراطية.

تركيا

استغل الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” الأحداث للانتقام من الكُرد في الداخل والخارج. واليوم، يحتل الجيش التركي المناطق الحدودية لهدف قريبٍ وهو منع تدفق المزيد من اللاجئين وردع هجوم القوات الحكومية على إدلب، ولكن أيضاً هدفه من ذلك إحباط مشروع الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا.

لقد حوّل أردوغان المعركة ضد تنظيم داعش لمعركته من خلال التنسيق مع روسيا. وقد أدى المستنقع السوري إلى تقويض علاقات أنقرة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وأوروبا الأمر الذي أثار تساؤلاً: من خسر تركيا؟

حرب إيران وإسرائيل على الأراضي السورية 

تخشى إسرائيل من تعزيز قوات الحرس الثوري الإيراني والفصائل المسلحة الموالية لطهران في كل من سوريا ولبنان، وشنت المئات من الغارات الجوية على أهداف تعود لإيران على تلك الأراضي.

كذلك حثّت الولايات المتحدة على أن تحذو حذوها رداً على الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة في كل من العراق والخليج العربي واليمن. لقد صارت سوريا بالنسبة لإسرائيل وإيران أرض معركة في صراع متعدد الجبهات. ولا تشكل مصالح الشعب السوري مصدر قلق بالنسبة لهما، إنما يناسب الضعف المزمن لسوريا كليهما.

فشل الأمم المتحدة 

تسبب الإخفاق في إنهاء هذه الحرب في إلحاق أضرار جسيمة بالمؤسسات الدولية، وقد فَقَد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على وجه الخصوص مصداقيته بشكل كبير.

وكذلك جهود الأمم المتحدة في عملية صنع السلام ذهبت في مهب الريح. وبالرغم من ذلك، لو كانت الدول العظمى الخمس في مجلس الأمن الدولي ترغب حقاً في وقف النزاع، بلا شك كان بإمكانهم وبالعمل سويةً تحقيق ذلك.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.