وسط ازدياد المعاناة المعيشية في البلاد: لماذا ترفض جهات سياسية عراقية تخفيض قيمة الدولار مجدداً؟

وسط ازدياد المعاناة المعيشية في البلاد: لماذا ترفض جهات سياسية عراقية تخفيض قيمة الدولار مجدداً؟

يحتدم الجدل السياسي بين القوى المشاركة في السلطة في العراق، بعد مطالبة عدد من السياسيين بخفض قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي، واعتبار آخرين أن بقاء سعر الدولار على ما هو عليه حلٌ اقتصاديٌ، لعبور الأزمة المالية التي تعانيها البلاد.

واتضحت معالم الخلاف السياسي بعدما ربط مئة وثلاثة عشر نائباً في #البرلمان_العراقي موافقتهم على التصويت، لصالح تمرير الموازنة الاتحادية للعام الحالي، بإلزام #الحكومة_العراقية والبنك المركزي بخفض قيمة الدولار مقابل الدينار.

طلب النواب المعترضين لم يقف عند خفض قيمة الدولار، بل أصرّوا على أن يتضمّن مشروع قانون الموازنة الاتحادية، لعام 2021، خفض إجمالي الإنفاق، في المجالات التشغيلية والاستثمارية.

 

انتفاء الحاجة

الإبقاء على رفع سعر صرف الدولار مقابل العملة العراقية يراه عضو لجنة الاستثمار النيابية “مازن الفيلي” «إجراءً نيابياً، لا طائل من وراءه لتعافي أسعار بيع النفط في الأسواق العالمية»، معتبراً أن «المواطن الفقير هو المتضرّر الوحيد من رفع أسعار السلع الاستهلاكية، بعد تأثّر رواتب الموظفين».

“الفيلي”، وهو أحد النواب الموقعين على طلب «رفض الاستمرار بالسياسة المالية الحالية للحكومة العراقية، التي انعكست سلباً على العوائل الفقيرة»، طالب المعنيين، في حديثه لموقع «الحل نت»، بـ«البحث عن حلول واقعية أخرى».

وتابع بالقول: «السياسية الاقتصادية الحالية للحكومة العراقية لن تتمكن من تغير واقع مالي سيئ، أو تقديم حلول لأزمة خانقة، انعكست بشكل كبير على الناس».

وكان البنك المركزي العراقي قد أعلن، في التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر الماضي، رفع سعر الصرف إلى 1450 ديناراً للدولار الواحد، بعد أن كان السعر السابق 1190 ديناراً لكل دولار، الأمر الذي تسبب بحالة إرباك شديدة في الأسواق المحلية، فيما عزت الحكومة العراقية حينها ذلك القرار إلى محاولاتها تطبيق بنود “الورقة البيضاء” للإصلاح الاقتصادي، وتحفيز الصناعة والزراعة المحليتين، فضلاً عن تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد.

 

مواقف رافضة

مواقف زعماء كثير من القوى السياسية، من طلب تخفيض قيمة الدولار، تراوحت بين رافض ومتردد، وهو رفض يرده “عدي عواد”، النائب عن “تحالف الفتح” «استمراراً لسياسة جمع المغانم والمكاسب على حساب الفقراء».

“عواد” يعبّر عن أسفه لمواقف بعض السياسيين، الذين يبدو أنهم «لا يعيشون في الداخل العراقي، ولا يعرفون حجم المعاناة، التي تعيشها الطبقات الكادحة والمسحوقة»، حسب تعبيره، مؤكداً أن «النية معقودة على المضي بطلب التخفيض، وأعداد مؤيدي هذا في تزايد مستمر».

النائب البرلماني قال لموقع «الحل نت» إنه «لم يكن بإمكان الحكومة العراقية اتخاذ مثل هذا القرار لولا دعم وتأييد بعض القوى السياسية».

وتواجه الحكومة العراقية أزمة مالية خانقة، صار من الصعب معها دفع رواتب موظفي الدولة، دون مزيد من الاستدانة. وقد بلغ عجزها المالي في دفع الرواتب والديون إلى حوالي ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار، بعد أن تراجعت الإيرادات الشهرية للبلاد هذا العام إلى حوالي أربعة مليارات دولار، وهي نصف ما كانت عليه في السنوات السابقة، بسبب انهيار أسعار النفط العالمية، وانتشار جائحة #كورونا.

 

فساد مزاد العملة

«التنصّل عن المهام الرقابية فيما يجري من فساد في مزاد بيع العملة»، اتهام يوجهه الخبير الاقتصادي “إحسان الكناني” للقوى الحاكمة في البلاد، التي «تسببت بجعل الدولار خاضعاً لمصالح بعض المصارف الأهلية، التي يعود ريعها لأحزاب السلطة»، بحسب وصفه.

“الكناني” قال لموقع «الحل نت» إن «بعض الاحزاب السياسية مستفيدة من بقاء تدهور العملة العراقية، لتمويل مشاريعها في الداخل والخارج، دون الالتفات لمعاناة الفقراء».

وأضاف: «تردد ورفض بعض النواب للمطالبة بتخفيض سعر صرف الدولار أمام الدينار يأتي من اجل الحفاظ على مكتسبات أحزابهم في مزاد بيع العملة، الذي أصبح نافذةً للفساد المالي بأشكاله المختلفة».

وكان “جمال المحمداوي”، النائب عن كتلة “النهج الوطني”، المنضوية تحت عباءة “تحالف عراقيون”، قد اتهم، في وقت سابق، البنك المركزي العراقي بـ«الإخفاق في إيقاف تدهور صرف العملة»، داعياً إلى «مساءلته بشأن هذا التخبّط».

“المحمداوي” قال إن «البنك المركزي العراقي انحرف عن الأهداف المرسومة له، في القانون رقم (56) لسنة 2004، وأخفق في إيقاف تدهور صرف العملة العراقية مقابل الدولار، ومهّد للطفيليين والفاسدين الاستحواذ على مئات مليارات الدنانير، من الأرباح غير الشرعية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.