مع عودة المباحثات الأميركية-الإيرانية: هل سيؤدي الغضب الشعبي في الشارع الإيراني لدفع طهران للتخلي عن ميلشياتها في العراق؟

مع عودة المباحثات الأميركية-الإيرانية: هل سيؤدي الغضب الشعبي في الشارع الإيراني لدفع طهران للتخلي عن ميلشياتها في العراق؟

تزايدت الهجمات المسلحة، التي تقوم بها الميلشيات الموالية لإيران، على قوّات #التحالف_الدولي والمصالح الأميركية في العراق، خلال الفترة الماضية.

الهجوم على مطار #أربيل لم يكن الهجوم الأخير في هذا السياق، فقد تلتهُ هجماتٌ متعددةٌ على قاعدة “عين أسد”، أهم مركز لتواجد القوات الأميركية في العراق، واستهدافات متكررة للسفارة الأميركية في #بغداد، وأرتال التحالف الدولي في وسط وجنوب العراق.

وبعد وصول #جو_بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، وتسلّمه السلطة بشكلٍ رسمي، في العشرين من كانون الثاني/يناير من العام الحالي، بدأت الصحف ووسائل الإعلام بنقل معلومات، عن مصادر مطلعة، بوجود رغبة لدى #واشنطن وطهران بإعادة تفعيل الاتفاق النووي مجدداً بين البلدين.

ويؤكد مراقبون أنَّ ثمنَ التوصلِ لاتفاقٍ نووي جديدٍ سيكون فرض واشنطن شروطاً متعددة على #طهران، لعلَّ أبرزها تخلّيها بشكلٍ كاملٍ عن دعمها للميلشيات الموالية لها في الشرق الأوسط، وخاصةً الميلشيات والفصائل المسلّحة في العراق.

إلا أن الوضع في العراق يبدو متعارضاً مع النوايا الأميركية والإيرانية المُفترضة، ففي الأيّام الأخيرة زاد نشاط الفصائل المسلّحة المرتبطة بإيران، حتى وصل الحال بها للقيام باستعراضات عسكرية وسط شوارع العاصمة بغداد، وتهديد رئيس #الحكومة_العراقية مصطفى #الكاظمي بشكلٍ علني.

ويرى مختصون أن الميلشيات سببت أضراراً لإيران، في مختلف النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية، ولذلك فإنّ الشعب الإيراني يأمل بالتوّصل لاتفاق مع الولايات المتحدة، ينهي الحصار الاقتصادي المفروض على بلاده منذ سنوات.

 

غضبٌ شعبيٌ

“وجدان عفراوي”، القيادي في “حزب التضامن الأحوازي” الإيراني، قال إن «الشعب الإيراني غير مرتاح، ويشعر بغضب كبير، إزاء استمرار دعم  الحكومة الإيرانية للميلشيات في العراق ودول المنطقة».

مبيناً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنّ «الشعارات، التي تم رفعها في الاحتجاجات، التي خرجت في المدن الإيرانية مؤخراً، كانت ترفض تدخّل #إيران في دول المنطقة، وأيضا دعمها المالي للميلشيات الموالية لها. ويعتقد قطاع كبير من المواطنين الإيرانيين بأنّ هذه الميلشيات سبّبت لهم عزلةً دوليةً وحصاراً اقتصادياً».

وأضاف: «الشعب الإيراني يريد أن تُصرف هذه الأموال على الصحة والتعليم وخدمة المواطنين، لا أن تذهب للميلشيات المسلّحة في العراق والدول الأخرى».

ولا يقتصر غضب المواطنين الإيرانيين على تبديد أموالهم على تلك الميلشيات، بل يتعدّى ذلك إلى «الدور الذي لعبته الميلشيات العراقية في قمع الاحتجاجات في إيران، سواءً في “الأحواز” أو المناطق الأخرى، وخاصة كتائب #حزب_الله_العراقي، التي كانت مسؤولة عن التحقيق مع الناشطين الإيرانيين وتعذيبهم، ونقلهم لسجون سريّة في جنوب العراق»، يؤكد “عفراوي”.

لكنه بالمقابل يرى أن «إيران لديها سياسية قومية صلبة، ومن الصعب أن تتخلى عن تلك الميلشيات بسهولة، وهذا ما أكدّه وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” في تصريحاتٍ مختلفةٍ، فحواها أنّ طهران لا تتخلّى عن حلفائها بسهولة».

وخرج آلاف الإيرانيين، نهاية عام 2019، في منطقة “الأحواز”، ومدن وولايات إيرانية مختلفة، باحتجاجاتٍ واسعةٍ، على خلفية رفع الحكومة الإيرانية لأسعار الوقود، وتطوّرت الاحتجاجات للمطالبة بإسقاط نظام ولاية الفقيه. وقابلت القوات الأمنية والحرس الثوري المحتجين بالعنف المفرط، ما أدى لمقتل وإصابة مئات المتظاهرين، فضلاً عن اعتقال أعداد كبيرة من الناشطين، بحسب تقارير للصحف ووسائل الإعلام الدولية.

 

رغبةٌ إيرانيةٌ بالهدوء

“هاوكار الجاف”، الخبير في الشأن الأمني، يرى أنّ «إيران بأمسّ الحاجة للتهدئة في هذا التوقيت، والشرط الأساسي للعودة للاتفاق النووي مع الولايات المتحدة سيكون التخلّي عن الميلشيات الموالية لها في العراق».

ويضيف، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنّه «في حال حدوث الاتفاق بين إيران وأميركا فإن الحكومة العراقية ستمتلك مساحة أوسع للتصدّي للميلشيات المسلّحة، ونزع سلاحها، وملاحقة عناصرها».

وبيّن أنّ «إيران منهارة اقتصادياً حالياً، بسبب دعمها للميلشيات، وهي تنتهج السياسة المنفتحة مع الإدارة الأميركية الجديدة، من آجل إنهاء العزلة الدولية، والحصار المفروض عليها».

 

مستقبلُ الميلشيات

“ريبين سلام”، الباحث في الشأن السياسي، أشار إلى أنّه «سواء تم الاتفاق بين طهران والإدارة الأميركية الجديدة أو لم يتم، فلا مستقبل للميلشيات العراقية الموالية لإيران».

موضحاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنّه «في حال التوصّل لاتفاق فسيتم تحديد حركة الميلشيات في العراق بشكلٍ كبيرٍ جداً، وفي حال لم يتم التوصل لاتفاق، فإن الولايات المتحدة ستسعى لشن هجمة كبيرة على إيران، تقطع الصلة بينها وبين الميلشيات الموالية لها».

وأضاف أن «إيران قد تصل إلى مرحلة تفقد فيها سيطرتها على الميلشيات، التي تتمتّع الآن بالنفوذ والسلاح والمال، خاصة أن طهران تعرّضت لعزلةٍ دوليةٍ كبيرةٍ، وخسرت الكثير، في مختلف المجالات، بسبب الميلشيات».

وتشير تقارير إعلامية إلى أن الميلشيات العراقية باتت تتمتع بنفوذٍ واسعٍ، نتيجة سيطرتها على قطاعات اقتصادية مختلفة في العراق، منها المعامل والمصانع والمنافذ الحدودية، وفرضها الإتاوات والضرائب على التُجّار وأصحاب المصالح، في العاصمة بغداد والمدن العراقية المختلفة.

 

حربٌ داخليةٌ

“مزاحم الحويت”، المتحدث باسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها، يرى أنّ «إيران تعرّضتْ  لحصار اقتصادي، أدى لفقدان نظام ولاية الفقيه كثيراً من شعبيته، فضلاً عن خسارته كثيراً من التعاطف والتضامن الدولي، بسبب دعمه للميلشيات في العراق ودول أخرى».

مؤكداً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنّه «في حال حدث اتفاق بين إيران وأميركا فإن طهران ستتخلّى عن ميلشياتها، بسبب الضغط الذي تتعرّض له من شعبها، ولكن ثمن هذا التخلي سينعكس على العراقيين، فقد يؤدي إلى حربٍ داخليةٍ بين الميلشيات العراقية، التي سيرفض عدد منها نزع سلاحه، والانخراط في الحياة المدنية، لأن ما تتمتع به من حظوة ونفوذ يصعب التخلّي عنه بسهولة».

واختتم حديثه بالقول: «كادت أن تحدث مصادماتٌ مسلحةٌ بين الميلشيات العراقية أكثر من مرة، لكن تدخّل إيران وقادة #الحرس_الثوري منع ذلك، وربما سيؤدي تخلّي  طهران عن التدخل في شؤون الفصائل العراقية إلى تصعيد الصراع المسلّح فيما بينها على النفوذ في العراق».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.