الصراع بين “الفتح” و”ِسائرون”: إلى أي مدى سيتصاعد التنافس بين القوى الشيعية العراقية للسيطرة على رئاسة الحكومة و”الدولة العميقة”؟

الصراع بين “الفتح” و”ِسائرون”: إلى أي مدى سيتصاعد التنافس بين القوى الشيعية العراقية للسيطرة على رئاسة الحكومة و”الدولة العميقة”؟

تتصاعد مستويات التراشق الإعلامي، بين تحالف “الفتح”، بزعامة النائب “هادي العامري” قائد “تنظيم بدر”؛ وبين تحالف “سائرون”، المدعوم من زعيم #التيار_الصدري مقتدى #الصدر، منذ بدايات شهر آذار/مارس المنصرم، في إطار التنافس على رئاسة #الحكومة_العراقية المقبلة.

ويتبادل الطرفان الاتهامات بالسعي لإقرار موازنة تخدم مصلحة هذه الجهة أو تلك، فيما بدى تحالف “الفتح” أكثر قدرة على مفاجئة “سائرون”، من خلال تصريحات نواب وأطراف مقرّبة منه، وبشكل يوحي أنه أعدّ العدة لصراع سياسي طويل مع الصدريين. الأمر الذي يدفع كثيراً من المراقبين إلى الاعتقاد بأن صراع الطرفين الواضح والعلني للفوز برئاسة الوزراء العراقية بعد الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر القادم، لن يتخذ أسلوب الدعاية والتنافس الانتخابي العادي سبيلاً لكسب الأصوات، بل سيكون من خلال وسائل أكثر خطورةً وعنفاً.

 

نائب عن “الفتح”: سائرون يتحكّم بالسياسة المالية للدولة ولديه دولة عميقة

“حامد الموسوي”، النائب عن تحالف “الفتح”، يصف ما يجري بأنه «توضيح للمواقف أمام الشعب العراقي، وليس تشهيراً سياسياً، وبإمكان تحالف “سائرون” الرد على اتهاماتنا، وعرض ما لديه للدفاع عن موقفه».

ويضيف “الموسوي”، في تصريحاته لـ«الحل نت»، أن «اتهامنا لسائرون بدعم سعر صرف الدولار المرتفع، الذي أضرّ بالمواطنين، ودفعت الطبقة الفقيرة ثمنه باهضاً، لم يأت من فراغ، فسعر صرف الدينار العراقي، المُقر في الموازنة، حدده وزير المالية “علي علاوي”، بالاتفاق مع رئيس الوزراء مصطفى #الكاظمي، ومحافظ البنك المركزي “مصطفى مخيف”، الموالي لـ”سائرون”، وكذلك فإن التحالف ذاته دعم تحديد هذا السعر».

ويواصل النائب العراقي اتهاماته بالقول: «”سائرون” لا يسيطر على القرار في البنك المركزي العراقي فحسب، بل على كثير من المناصب المهمة في الدولة العراقية. كنا نتحدّث سابقاً عن دولة عميقة، ممثلة بـ”حزب الدعوة”، بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري #المالكي، والآن بات واضحاً إن الدولة العميقة تحوّلت من “حزب الدعوة” إلى تحالف “سائرون”، ابتداءً من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، التي يترأسها “حميد الغزي”، القيادي بالتيار الصدري، وصولاً لمفاصل أخرى مهمة في الدولة، يتمدّد فيها “سائرون”».

 

 نائب عن “سائرون”: ما يحدث محاولة لضرب مساعينا في الوصول لرئاسة الوزراء

بالمقابل يرى “محمود الزجراوي”، النائب عن تحالف “سائرون”، أن تصريحات “الموسوي”، وتحالف “الفتح” عموماً، «جزءٌ من حملة تشويه وتشهير متعمّدة ضد التيار الصدري».

“الزجراوي” أكد لـ«الحل نت» أن «مثل هذه التصريحات تأتي ضمن حملة تشهير منظّمة، يواجهها التيار الصدري، لأنه يسعى للحصول على رئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة. وكل ما يرد في هذه الحملة من اتهامات بعيد كل البعد عن الحقيقة والواقع، فالتيار الصدري وتحالف “سائرون” مع بناء دولة المؤسسات، وليس بناء دولة عميقة أو غيرها»، حسب تعبيره.

وبدأ تراشق الاتهامات بين الطرفين بعد تصريح لـ”عامر الفايز”، النائب عن تحالف “الفتح”، اتهم فيه “سائرون” بـ«الإصرار على تمرير سعر الصرف الجديد، تحت طائلة التهديد بمقاطعة نواب التيار الصدري حضور جلسة التصويت على الموازنة في #البرلمان_العراقي، لإن مصالح التيار الصدري المالية ستتضرر إذا انخفض سعر الدولار».

هذا الاتهام ردّ عليه “ناجي السعيدي”، عضو تحالف “سائرون”، في مقابلة متلفزة: «ما يقال، عبر “الفائز” وغيره، نفاق ومزايدات سياسية، لأن النائب “محمد الغبان”، رئيس كتلة “الفتح” في البرلمان العراقي، كان أول المنادين بتغيير سعر صرف الدولار، خلال لقائه رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح، في اجتماع ضم قادة الكتل النيابية. وهذا الموضوع عموماً من صلاحية البنك المركزي ووزارة المالية العراقية، ويجب أن تكون هناك معالجات حكومية، لتقليل الضرر على المواطنين».

 

 “الفتح” يبدأ تسريب وثائق لضرب “سائرون”

صبيحة السبت، الثالث من نيسان/إبريل، بدأ تحالف “الفتح” فصلاً جديداً في الهجوم على “سائرون” والتيار الصدري، من خلال تسريب وثائق، عبر مواقع إخبارية تابعة له، تتحدث عن الهيكل المالي الذي زرعه التيار الصدري بمفاصل الدولة العراقية.

الوثائق، التي اطلع عليها موقع «الحل نت»، ركزت على دعم التيار الصدري لـ”تمكين عبد سرحان الحسناوي”، رئيس مجلس إدارة مصرف #الموصل، المشارك بفاعلية في مزاد البنك المركزي العراقي، والذي سبق لـ«الحل نت»، في تقرير سابق، الحديث عن دوره في تهريب العملة إلى الخارج.

أول الوثائق، التي نشرها “الفتح”، تكشف تبرّع الحسناوي بمبلغ خمسين مليون دينار عراقي، (حوالي أربعين ألف دولاراً) لصالح ميلشيا “سرايا السلام”، التابعة للتيار الصدري، خلال الحرب على تنظيم #داعش.

ثلاث وثائق أخرى، كشفت بيع أسهم بنك الموصل، بعد تضييق الخناق على “الحسناوي”، والخشية من محاكمته عقب افتضاح ارتباطاته المالية، لشخصين هما ابنته “أماني تمكين الحسناوي”، إضافةً لـ”صيهود الخادم”، المرتبط بالتيار الصدري.

عملية البيع هذه اعتبرها خبير قانوني عراقي، اشترط عدم كشف اسمه، «تحايلاً وغسيل أموال، يمهدان ربما لهرب “الحسناوي” من العراق، مثل كثير من المسؤولين الفاسدين، الذي قاموا بالتخلّي عن ممتلكاتهم لصالح عوائلهم، منعاً لمصادرتها».

ويضيف الخبير في حديثه لـ«الحل نت»: «كثير من الفاسدين، المرتبطين بالأحزاب والكتل النيابية المهيمنة، يحصلون على فترة لتدبّر أمورهم، تتراوح بين أسبوعين إلى شهر، بضمانة جهات سياسية تدعمهم، وتضغط على القضاء لمنع إصدار مذكرات اعتقال بحقهم، إلى حين سفرهم للخارج».

ومن المتوقع أن الفضائح، التي فجّرها “الفتح”، سيرد عليها “سائرون” بفضائح أخرى، تتعلق بنشاطات “تنظيم بدر” والميلشيات المرتبطة به، وأنصار “العامري” عموماً، وفقاً لما صرّح به نواب عن “سائرون”، بعد اتصال موقع «الحل نت» بهم.

 

 رئيس حكومة سابق: السلاح هو من سيتحكّم بالموقف

“حيدر العبادي”، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، قال إن «”سائرون” و”الفتح” يسيطران على القرار السياسي العراقي، منذ اتفاقهما على تشكيل حكومتي “عادل عبد المهدي” ومصطفى الكاظمي، ويملكان ميلشيات مسلّحة، وهناك خشية أن يتطوّر الصراع لمستوى التهديد والوعيد في الانتخابات المقبلة».

وأوضح “العبادي”، في مقابلة متلفزة تابعها «الحل نت»، أن «التطورات الميدانية الأخيرة في العراق، ومن بينها استعراض ميلشيا #ربع_الله في #بغداد، خطيرة للغاية، ولو نزل فريق مسلّح، تابع لجهات سياسية مشاركة بالانتخابات المقبلة، بطريقة ربع الله نفسها، ليدعو لقائمة معينّة، ويهدد بقية القوائم، فهذا سيعني توجيه ضربة لنزاهة ومشروعية العملية الانتخابية، لأن السلاح هو من سيتحكّم بالموقف».

وتابع، معلّقاً على الاستعراض المسلّح، في شباط/فبراير الماضي، الذي قامت به ميلشيا “سرايا السلام”، التابعة للتيار الصدري، في بغداد ومحافظات أخرى: «”الفتح” و”سائرون” لديهما أذرعٌ مسلّحة، وما يحصل من ضعف حكومي في الرد هو نتيجة طبيعية لاتفاقهما على إدارة الأمور بعد انتخابات 2018، أي منذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء المستقيل “عادل عبد المهدي”».

 

 توقعات بأيام مقبلة حُبلى بالمفاجآت

المحلل السياسي “مالك البياتي” يعتقد أن «الصراع الحالي بين “فتح” و”سائرون” قد يتطوّر لمرحلة الصِدام المسلّح، في إطار التنافس بينهما على رئاسة الوزراء، إذ يبدو أن مبدأ الشراكة في الحكم لم يعد يروق للفريقين، وبات كلٌّ منهما يريد الاستحواذ على كل شيء».

ويضيف في حديثه لـ«الحل نت»: «الأيام المقبلة ستكون حُبلى بالمفاجآت، فكل فريق سيسعى للتشهير بالطرف الآخر أمام الجمهور العراقي، بتفجير فضيحة تلو الأخرى. وربما يكون الطرف الذي سيكسب فعلاً من حرب الفضائح هذه هم العراقيون، وخاصةً المخدوعون منهم بالفريقين، إذ أن صفة النزيه والمقاتل والمجاهد، التي يتبجّح بها التيار الصدري و”منظمة بدر”، وغيرهما من الميليشيات الشيعية المسلحة، لمشاركتهما في المعركة ضد داعش، ستختفي، وربما سيؤدي هذا لمكاسب انتخابية للقوائم الوطنية غير الطائفية، التي لا تتبع القوى السياسية الحالية».

إلا أن “البياتي” لا يذهب بتفاؤله بعيداً، فلدى سؤاله عن مدى قدرة الحكومة العراقية على ضبط الصراع بين الطرفين، ومنع تحوّله لعامل مهدد لأمن العراق، ونزاهة الانتخابات المقبلة، أجاب بالقول: «إذا لم ينهض الكاظمي بمسؤولياته، ويتخلّى عن دور العاجز، الذي يلعبه مؤخراً، فلا أتوقّع أن تكون الانتخابات المقبلة نزيهة، في ظل فوضى السلاح، وقد تمهّد لسيطرة “الفتح” و”سائرون” على المشهد كاملاً، وربما يتفقان على تقاسم الكعكة، وستكون لإيران، الداعمة للفريقين، والقادرة على ارغامها على التفاوض، السطوة والنفوذ الأكبر في العراق، وستغدو المستفيد الأكبر مما يحدث، لأنها لا تريد وصول السلطة لفريق عراقي قوي، يبحث عن مصلحة البلاد».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.