تراجع حجم عمل الجمعيات الخيرية في #دمشق بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، وبشكل حاد خلال العام الحالي، وظهر ذلك واضحاً خلال شهر #رمضان، إذ حرمت مئات الأسر في مناطق مختلفة بدمشق من الحصص #الغذائية التي كانت توزع عليها سابقاً من المطابخ الخيرية.

وفي جولة لمعرفة عدد المطابخ الفعالة والكبيرة هذا العام بدمشق، تبين أنه لم يتم افتتاح حتى تاريخ 17 نيسان الحالي، سوى مطبخ واحد لجمعية تدعى “ساعد”، وتوزع يومياً ما بين 3500 – 5000 وجبة في دمشق، فيما كانت إحدى الجمعيات في الأعوام السابقة تغطي لوحدها 10 آلاف وجبة بدمشق.

مدير عام “جمعية ساعد”، عصام حبال، قال مؤخراً لـ (سبوتنيك)، إن مبادرة “أهل الخير” أقيمت في دمشق وحلب هذا العام، وكانت سابقاً تقام في العديد من المحافظات السورية، في إشارة إلى انحسار التمويل الخاص بالجمعية، الذي انعكس على انحسار نطاق جغرافية عملها.

إحدى الفرق التطوعية ويدعى “فريق عمِّرها التطوعي”، أطلق مطبخاً له للمرة الأولى هذا العام، لكنه وبحسب ما أعلنه على صفحتها في فيسبوك، «لم توزع سوى 55 وجبة في الأيام الثلاثة الأولى من رمضان، بينما بقيت توزع التمر والماء على المارة عند أذان المغرب، وبعض السلل الغذائية عند توفر التمويل».

وكان هناك ما بين 3 – 4 مطاعم ضخمة على الأقل في دمشق خلال السنوات الماضية تغطي يومياً نحو 25 ألف وجبة، بحسب ما قاله أحد مدراء الفرق السابقين، بينما عكفت أغلب الفرق التطوعية والجمعيات الأخرى إلى الاكتفاء بتوزيع بعض المواد الغذائية كلما توفر التمويل بحسب المتبرعين، بينما توقفت فرق أخرى نهائياً.

تبرع قليل.. عقبات لوجستية وكورونا

وأكد مدير إحدى الجمعيات لموقع (الحل نت)، مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن حجم دعم المتبرعين هذا العام قليل جداً ولم يكن متوقعاً، مشيراً إلى أن #التجار تحججوا بخسائر كبيرة تعرضوا لها خلال فترة تقلب سعر الصرف.

وأشار إلى أن حجم الحوالات المعتادة من المغتربين في مثل هذا الشهر، انخفض إلى النصف تقريباً، ولا يمكننا الحصول على تلك التبرعات كجمعيات إلا عبر القنوات الرسمية نتيجة الكشوفات التي يجب علينا تقديمها، ما جعلها تصل بأقل من قيمتها الحقيقية بثلثين قبل شهر رمضان، ولم نستطع التجهيز كما اعتدنا سابقاً.

وأضاف أن «المغتربين المتبرعين، فضلوا إرسال الحوالات والتبرعات لأهلم وأقاربهم نتيجة الوضع الاقتصادي السيء، بينما تعذر على الكثير منهم إرسال التبرعات نتيجة وضع الإغلاقات في أوروبا وخسارة بعضهم لأعمالهم».

وقدّر بعض مدراء الجمعيات الذين عزفوا عن تقديم الوجبات هذا العام، كلفة الـ6 آلاف وجبة يومياً بنحو 12 – 15 مليون ليرة سورية، وهو رقم شبه مستحيل الجمع ضمن الظروف الحالية وسط قلّة المساعدات وارتفاع أسعار الدجاج واللحوم والزيت والأرز.

ومن المعوقات التي حالت دون افتتاح المطاعم أيضاً، صعوبة توفير #الغاز وأزمة البنزين التي تعيق وصول المتطوعين إلى المطابخ، أو إحضار المستلزمات اليومية، وحتى توصيل الوجبات للأسر المحتاجة، إضافة إلى الخوف من نقل عدوى كورونا.

وجبات فقيرة.. البيضة بـ 250 ليرة وكيلو الكوسا بـ 2500

ظروف الجمعيات الخيرية والفرق التطوعية الصعبة، زاد من معاناة الأسر التي اعتادت الحصول على ما يسد الرمق في شهر رمضان، ما دفعها لتغيير عاداتها الرمضانية مجبرة.

وقالت “أم يزن” وهي أرملة ولديها 3 أولاد «أعمل كمستخدمة في أحد النوادي الرياضية وراتبي لا يتجاوز الـ100 ألف ليرة سورية، لذا أضطر للعمل في المنازل مساءً، لكن عملي المسائي توقف في رمضان لعدم قدرتي على التحمل، وضيق الوقت قبل الإفطار بالنسبة للأسر، وهذا أثر سلباً على مدخولي».

«رمضان هذا العام صعب للغاية، فقد حذفنا اللحوم كلها قبل دخول الشهر، وفقدنا أصنافاً مهمة من طبق السحور مثل البيض بعد أن وصل سعر البيضة الواحدة إلى 250 ليرة، حتى #التمر على الإفطار بات صعب المنال حيث وصل سعر الكيلو إلى 9 آلاف ليرة سورية لأرخص الأنواع، وبتنا نعتمد في وجبة الإفطار على طبق الجيران إن وجد، وطهي بعض الخضار الموسمية من فول وبازلاء أو الفول بلبن والتسقية»، بحسب “أم يزن” في حديثها لموقع (الحل نت).

ويؤكد “أبو كرم” وهو رب عائلة من 5 أشخاص، يعمل موظف حكومي ومساءً سائق تكسي، إن أهم ما افتقده هذا الشهر هو قدرته على إعداد الولائم التي كانت تقليداً لا يمكن المساس به خلال هذا الشهر.

وأوضح «لم يعد بمقدور أحد أن يستدعي ضيوفاً إلى مائدة إفطار نتيجة قلة الحيلة المادية»، مضيفاً أن مائدة أسرته «فقدت الحلويات التي باتت باهظة الثمن، فحتى خبز الناعم وصل سعر الرغيف منه إلى 1500 ليرة وبات بعيد المنال بشكل يومي، بينما زاد الاعتماد على العصائر والخضروات».

وارتفعت أسعار الخضار بشكل ملفت نتيجة الإقبال الكثيف عليها بعد غلاء اللحوم، ما جعل منها خياراً صعباً أيضاً، ووصل سعر كيلو الكوسا إلى 2500 ليرة، والبقلة 500 والبقدونس 200 والخسة 700 والنعنع 300 والخيار 2300 والباذنجان 900 والبرتقال 2200 والفريز 3000 والعوجة 3000 والثوم الأخضر 2700 ليرة.

طبيب يحذّر من سوء التغذية

يؤكد طبيب الداخلية “نزار علي”، أن نسبة كبيرة من العائلات السورية دخلت مرحلة الجوع أو سوء التغذية قبل شهر رمضان، حيث باتت تعتمد على وجبة واحدة أو وجبتين يومياً فقط ودون تنوع، إذ زادت حالات فقر الدم، إضافة إلى الوهن العضلي نتيجة نقص مصادر البروتين.

وأضاف لموقع (الحل نت) «واجهنا مشكلات هضمية لدى كثير من الأطفال لاعتمادهم على الإندومي كوجبة رئيسية يومية».

وتابع «هناك مشكلات أيضاً بنقص الكالسيوم وفيتامين D إضافة إلى الفيتامينات الأخرى الضرورية، ومشاكل كثيرة سببها نقص التغذية وعدم التنوع الغذائي وإهمال أصناف مهمة كالفواكه والبروتين الحيواني، فقد التنوع الغذائي يهدد الكبد والكلى، وكل الجسم  بشكل عام».

وتحتاج العائلة من 4 أشخاص، نحو 36 ألف ليرة سورية يومياً لضمان التنوع على مائدة الإفطار وحدها تبعاً للأسعار الرائجة، بنحو نصف كيلو لحمة عجل بـ10 آلاف ليرة، ونصف كيلو رز قصير بـ1250 ليرة، وزيت أو سمنة بـ 3500 ليرة، وطبق سلطة بنحو 6000 ليرة، وقليلاً من الحمص والفول بـ 2000 ليرة، و10 آلاف ليرة سورية لصنف واحد من الحلويات، وعصائر بنحو 4000 ليرة، ما يعني نحو 1.8 مليون ليرة للإفطار فقط خلال شهر.

يذكر أن متوسط الراتب الشهري للموطفين والعاملين في سوريا لا يتجاوز الـ 60 ألف ليرة سورية، وسط ارتفاع جنوني في الأسعار وتدني كبير في القوة الشرائية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.