تزايد الزخم خلال الأسابيع الأخيرة، نحو إعادة #سوريا إلى #جامعة_الدول_العربية التي علّقت عضوية الدولة السورية منذ تشرين الثاني 2011، بعد ثمانية أشهر من قمع السلطات المحلية الاحتجاجات الشعبية.

اليوم وبعد عشر سنوات من الحرب الدامية ومقتل نحو 500 ألف شخص، تتخذ العديد من الدول العربية- بتشجيعٍ من روسيا- خطوات لإنهاء عزلة استمرت عقداً من الزمن لـ #بشار_الأسد ونظامه.

خطوةٌ قد يبدو أنها لن تؤدي إلا إلى تعزيز سطوة الأسد ومساعدته على التهرب من المساءلة عن الجرائم الإنسانية التي اقترفها بحق الشعب السوري، بحسب تقريرٍ نشره موقع (The Washington Institute).

بداية تعليق العضوية

عند تعليق عضوية سوريا، بسبب رفضها تنفيذ خطة جامعة الدول العربية للسلام في عام 2011، فرضت الجامعة سلسلة من العقوبات، تضمنت حظر سفر على بعض كبار مسؤولي الحكومة السورية وقيود على الاستثمارات والتعامل مع مصرف سوريا المركزي.

وباستثناء العراق ولبنان واليمن، التزمت جميع الدول الأعضاء بهذه الإجراءات وفرضوها جزئياً على الأقل على مدى عقد من الزمان، ويرجع ذلك إلى مخاوف من أن الدول الغربية قد تعاقبها إذا لم تمتثل.

لكن على مدار السنوات القليلة الماضية، بدأ عددٌ من الدول العربية بالضغط من أجل إنهاء تعليق عضوية الدولة السورية في جامعة الدول العربية، مدفوعةً بالمقتضيات الاقتصادية، والتعب من سنوات الحرب، والمنافسات الإقليمية، والشعور المتزايد بأن الأسد قد انتصر.

عارض كبار المسؤولين في إدارة #ترامب هذه الجهود، لكن الاتصالات بين العواصم العربية و#دمشق تكثفت بالرغم من ذلك من عام 2016 إلى عام 2020، حيث أعادت عدة دول فتح سفاراتها المغلقة وأعادت تعيين كبار الدبلوماسيين في دمشق.

وكانت #الإمارات العربية المتحدة من بين أكثر هؤلاء المدافعين إصراراً، فعلى الرغم من دعمها للمعارضة في البداية، أعادت #أبو_ظبي فتح سفارتها في دمشق في شهر كانون الأول 2018، ودعت منذ ذلك الحين إلى إعادة عضوية سوريا في جامعة الدول العربية.

لكن لم تكن الإمارات وحيدة في تواصلها مع دمشق، فقد أعادت #تونس فتح سفارتها في عام 2015، وعيّنت دبلوماسياً من الدرجة المتوسطة في دمشق.

كما أعادت #عُمان سفيرها إلى سوريا في شهر تشرين الأول من العام الماضي، لتكون بذلك أول دولة خليجية تقوم بذلك. وبعد خمسة أشهر، صرّح السفير السوري المعتمد لدى #مسقط بأن البلدين اتفقا على “تعزيز الاستثمارات” والتجارة.

كما أرسلت #الأردن قائماً بالأعمال إلى دمشق في عام 2019، لملء مكانٍ كان فارغاً منذ عام 2012. وأعلن وزير الخارجية المصري #سامح_شكري الشهر الماضي أن #القاهرة تدعم التطبيع العربي مع سوريا، بعد وقت قصير من اجتماعه مع لافروف.

كذلك استضاف #العراق وزير النفط السوري الأسبوع الماضي، في محاولة منه للتفاوض على صفقة لاستيراد الغاز الطبيعي المصري عبر سوريا.

من جانبها، أرسلت المملكة العربية السعودية رئيس استخباراتها إلى دمشق لإجراء محادثات مع نظيره السوري في الثالث من الشهر الجاري، لكن #الرياض نفت لاحقاً ما روجّته وسائل الإعلام عن تلك المحادثات.

في حين، ستعقد #مصر والعراق والأردن قريباً اجتماعاً في #بغداد يركّز على إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية والإقليمية.

مبررات إعادة سوريا للحاضنة العربية

يبدو أن مجموعة من الدوافع الضيقة تقف وراء هذا التدافع: بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، فإن إعادة تأهيل حكم الأسد وإعادة بناء سوريا يحمل وعداً بإنهاء وجود #تركيا في #إدلب، حيث نشرت الإمارات قوات لمنع المزيد من تدفق اللاجئين.

ويبدو أن الأردن مدفوع في المقام الأول بالرغبة في مساعدة اقتصادها، وإعادة اللاجئين، وإعادة تأسيس التجارة المتسقة، واستعادة النقل البري عبر سوريا في طريقه إلى تركيا وأوروبا.

وعلى نطاق أوسع، يبدو أن المسؤولين المصريين يؤيدون الفكرة المشكوك فيها بأن عودة سوريا إلى الحضن العربي ستزيد تدريجياً من “عروبتها”، وبالتالي تبعد دمشق عن إيران الفارسية.

ومن المحتمل أن تشارك دول إقليمية أخرى وجهات نظر مماثلة، حتى أن بعض شخصيات الأمن القومي الإسرائيلي يعتقدون أن #روسيا قد تحد من الزحف الإيراني في سوريا ما بعد انتهاء حرب الأسد ضد شعبه.

كما يبدو أن معظم الدول العربية- وخاصة مصر- على استعداد لقبول تمثيلية الانتخابات الرئاسية الوشيكة في سوريا، كدليل على التحول السياسي في البلاد.

تحدّي الأمم المتحدة وتجاهل «جرائم الحرب» 

تتعارض جهود إعادة تأهيل بشار الأسد وحكمه مع قرار مجلس الأمن 2254، الذي يحدد الحاجة إلى انتخابات حرة ونزيهة بمشاركة المهجرين، وكتابة دستور جديد، ومتطلبات أخرى لم تحققها سوريا بعد.

وينص القرار كذلك على التنفيذ الكامل لبيان جنيف الصادر في يونيو 2012، والذي دعا إلى انتقال سياسي كامل يجعل من سوريا دولة ديمقراطية غير طائفية تحترم حقوق الإنسان.

وبالإضافة إلى هذه الأهداف السياسية التي لا تزال بعيدة المنال، فإن إعادة تأهيل الأسد يتجاهل أيضاً الحاجة إلى محاسبة نظام حكمه على “انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني”، على حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة #أنطونيو_غوتيريس.

آثار السياسة 

رغم اختفاء الالتزام العربي بالقرار 2254 والاحتمالات البعيدة بالنجاح، يجب على واشنطن أن تواصل الضغط من أجل التغيير في سوريا. فمن المسلم به أن التعب الإقليمي من الحرب وأزمة اللاجئين آخذ في الازدياد، لكن سوريا تحت حكم الأسد لن تكون أبداً ملاذاً آمناً لعودة هؤلاء الملايين من المنفيين.

وبالمثل، فإن إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية وتمويل إعادة الإعمار بعد الحرب، لن يدفع الأسد إلى قطع علاقة دمشق الاستراتيجية مع طهران والتي استمرت أربعين عاماً. وبدلاً من ذلك، فإن التطبيع مع دمشق من شأنه ببساطة أن يخفف الضغط على بشار الأسد ونظام حكمه ويمكّنه من تعزيز سلطته.

وعلى الرغم من القبول المتزايد للأسد في العواصم العربية – وحتى في إسرائيل – فإن إعادة تأهيله ليست حتمية. ولمنع انهيار ما هو منصوص عليه في القرار 2254، سيتعين على إدارة #بايدن إعادة تأكيد القيادة، وتعيين مبعوث جديد أو مسؤول كبير آخر مفوض لتنسيق النهج الدولي مع أوروبا والدول الإقليمية.

كذلك يتوجب على #واشنطن أن ترفض الانتخابات الرئاسية الوشيكة في سوريا، والتي ستمنح الأسد بالتأكيد ولاية أخرى مدتها سبع سنوات، حتى في الوقت الذي يحاول فيه أعضاء جامعة الدول العربية وصفه بأنه “انتقال سياسي”.

وبدلاً من ذلك، يجب على المسؤولين الأميركيين العمل مع الشركاء الأوروبيين لتشكيل إجماع دولي فيما يتعلق بفشل الانتخابات في تلبية المتطلبات “الحرة والعادلة” المنصوص عليها في القرار 2254.

فبشار الأسد، لا يزال يسيطر على دمشق ومحيطها، لكن استخدامه للأسلحة الكيماوية وارتكاب فظائع جماعية أخرى بحق الشعب السوري، يجب أن تحول دون إعادة تأهيله، وفي هذه المرحلة، يمكن للولايات المتحدة وحدها منع هذا التأهيل.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.