لا نساء في “اجتماع بابل”: عقلية ذكورية لدى أحزاب انتفاضة تشرين أم لحماية الناشطات من الاستهداف والتشهير؟

لا نساء في “اجتماع بابل”: عقلية ذكورية لدى أحزاب انتفاضة تشرين أم لحماية الناشطات من الاستهداف والتشهير؟

شهدت محافظة بابل، الواقعة جنوبي العاصمة العراقية #بغداد، في العشرين من نيسان/إبريل، اجتماعاً لقوى سياسية ناشئة، منبثقة من الاحتجاجات العراقية، التي سُميّت #انتفاضة_تشرين، نتج عنه اتفاق أولي بشأن مشاركة القوى المجتمعة في الانتخابات العراقية المبكرة. ويأتي الاجتماع بالتزامن مع لقاءات موسّعة، لقادة ورؤساء الكتل السیاسیة التقليدية في العاصمة بغداد، لتقرير مسألة التحالفات والائتلافات الانتخابية، قبيل الانتخابات المقبلة، في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021.

وانقسمت المواقف على مواقع التواصل الاجتماعي إزاء اجتماع بابل، الذي ضمّ ثماني مجموعات منبثقة من الانتفاضة، بین مؤيدين متحمسين له، ورافضين ومتشككين، يعتبرونه بعيداً عن طموح ومطالب ساحات الاحتجاج، لكن النقطة الأكثر وضوحاً في الانتقادات هي غیاب النساء عن حضور الاجتماع، الذي طغت عليه هيمنة الذكور على كل المراكز المؤثّرة والقيادية.

 

«أحزاب تشرين تحمل نَفَساً ذكورياً»

هنالك جملة من الأسباب تدفع النساء إلى عدم المشاركة في المعترك السياسي، أبرزها، حسب الناشطة المدنیّة العراقية “نور القیسي”، «تخوّف النساء من حملات التشهير، التي تلاحقهن خلال فترة الانتخابات، والدليل ما حصل من تشهير أخلاقي واجتماعي بحق بعض المرشحات في الانتخابات الأخيرة، التي أجريت عام 2018، ما أدى لتشويه سمعتهن، وابتعادهن عن المشاركة السياسية والاجتماعية».

وتُشیر “القيسي” بكل وضوح، في حديثها لـ«الحل نت»، إلى أن «قوى الإسلام السياسي، المسيطرة على المشهد العام في البلاد، والميلشيات المسلّحة خصوصاً، هي السبب الأساسي لإقصاء النساء»، إلا أن انتقاداتها لا تقتصر على تلك القوى، بل تتهم بعض الحركات السياسية، المنبثقة عن انتفاضة تشرين، بأنها «تمتلك نَفَساً ذكورياً، ورغم ادعائها السعي للعدالة الاجتماعية، إلا أنها لا تهتم بحقوق النساء، ومشاركتهن في الحياة العامة».

وتتحدث الناشطة العراقية عن «وجوه نسائية، مرشحة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، تتعرض لحملات تشويه سمعة، حتى في الأحزاب الجديدة، المنبثقة من الانتفاضة».

 

«لسنا ذكوريين، ولكن الظروف غير آمنة»

بالمقابل تؤكد “إيناس كريم”، وهي ناشطة عراقية شاركت في احتجاجات تشرين، أن «سبب غياب النساء عن اجتماع بابل لم يكن استبعادهن من أحزاب انتفاضة تشرين، بل الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وصعوبة التنقّل في البلاد».

وتقول “كريم” لـ«الحل نت»: «يوجد في “البيت الوطني” مثلاً، وهو أحد الأحزاب الناشئة المنبثقة عن تشرين، كثير من النساء، اللواتي لعبن دوراً تأسيسياً وقيادياً فيه، ويشاركن بشكل فعّال في صناعة قراره، ويمتلك الحزب مكتباً متخصصاً بالقضايا النسائية، اسمه “المكتب النسوي”».

وتؤكد الناشطة العراقية أن «تمكين النساء ليس حكراً على حزب “البيت الوطني”، بل هو من أولى اهتمامات الأحزاب الناشئة الأخرى، ولكن  هناك نساء لديهن تحفظات من الظهور الإعلامي، أو المشاركة العلنية في العملية السياسية، بسبب الخوف من الاستهداف الجسدي والاغتيال».

رغم كل هذا ترى “كريم” أن «عدم بروز سياسيات إناث في أحزاب تشرين رسالة سلبية، تعطي انطباعاً سيئاً، بأن النساء لم يتم تمثيلهن بشكل متناسب مع مشاركتهن الواسعة في الانتفاضة»، داعيةً النساء العراقيات إلى «المشاركة في العملية السياسية رغم الظرف الصعب»، والأحزاب الناشئة إلى «توفير دعم أكبر لمشاركة النساء فيها، وتأمين الحماية لهن».

وكان الصحفي العراقي “على المكدام” قد انتقد اجتماع بابل، في تغريدة له على موقع تويتر، جاء فيها: «أي تحالف ينبثق عن ثورة تشرين، مهما كان يضمّ شخصيات اجتماعية أو سياسية، سيكون مصيره الإخفاق، دون وجود النساء الشابات، اللواتي لولا وجودهن ما كان لثورة تشرين أن تكون بهذه العظمة».

 

«كان يجب ترك القرار للنساء أنفسهن»

“إسراء جاسم محمد”، القيادية في “حزب الوعد العراقي”، وهو أيضاً من الأحزاب المنبثقة من انتفاضة تشرين، توضح لـ«الحل نت» أن «الدور السياسي للنساء بارز جداً في الوقت الحالي، ومظاهرات تشرين بدأت من الحراك النسائي».

وتضيف: «أنا كنت من القيادات النسائية، المشاركة في انتفاضة تشرين، التي لعبت دوراً كبيراً في حشد الجماهير وتنظيم التظاهرات، وستكون لنا أدوار كبيرة في الفترة القادمة، إضافة الى مبادرات وأفكار سياسية، ستُطرح في المستقبل القريب».

أما بخصوص غياب النساء عن اجتماع بابل فتقول “محمد”: «أصبحنا في زمن كل شيء فيه مباح، واستهداف الناشطين، وخاصة النساء منهم، صار ظاهرة مقلقة، لذلك فإحجام بعض الناشطات عن المشاركة، خوفاً على سلامتهن، أمر يمكن تفهمه».

وتستدرك بالقول: «إلا أن هذا الأمر لم يكن يمنع توجيه دعوة واضحة لوجوه نسائية بارزة لحضور الاجتماع، وكان من المفروض ترك النساء يقررن بنفسهن، إذا كانت المشاركة ستؤثر على سلامتهن وسمعتهن، لا استبعادهن بشكل مسبق، بحجة الخوف عليهن». ورغم هذا تعتقد “محمد” أن «استبعاد النساء من الاجتماع لم يكن مقصوداً».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.