في الصحراء العراقية، تنهار واحدة من أقدم الكنائس في العالم، وبعد زيارة البابا، كان العراقيون يحلمون بالسياح وحافلات الشركات السياحية، ولكن في بلدٍ مزقته سنوات الحرب، تختفي الآثار بسبب الإهمال واللامبالاة.

ففي #عين_تمر، جنوب غربي #بغداد، كل ما تبقى من كنيسة “الأقيصر”، التي يزيد عمرها عن 1500 عام، هي جدران ترابية حمراء نصف منهارة، بحسب تقريرٍ لـ (Le Point) الفرنسي.

وبالنسبة لعالم الآثار “زاهد محمد” يمكن تفسير هذا الخراب بـ «الظروف المناخية، وتحوّل هذا المكان إلى ساحة حرب في عهد #صدام_حسين وغياب الترميمات المنتظمة».

«مثل هذه الترميمات تتطلب الكثير من المال، لكننا لا نتلقَّ سوى اعتمادات ضئيلة»، يقول “رائد فاضل” رئيس بلدية (عين تامر).

وعلى بُعد 60 كيلومتر شرقاً، تستقطب المزارات الشيعية في #كربلاء ملايين الحجاج كل عام، وسيكون هناك العديد مثل هؤلاء الزوار لمدن بلاد ما بين النهرين والكنائس القديمة وغيرها من “الزقورات” البابلية، إذا ما حافظت الدولة على هذه الأماكن وحرصت على توفير الدعاية لها.

استثمارات حيوية 

يحدد المحافظ “زهير الشعلان” أكثر من ألفي موقع أثري، ويرى في كل منها إمكانية الشروع في الانطلاق الاقتصادي، الذي ما زال العراقيون ينتظرونه لما يقارب من عشرين عاماً.

ومن بين هذه المواقع “نيبور”، التي كانت بمعابده ومكتباته وقصوره، قبل 7000 عام، واحدة من المراكز الدينية الرئيسية للأكاديين، ثم للبابليين من بعدهم.

ويؤكد “شعلان” أن الاستثمار في هذه المواقع «سيخلق فرص عمل في منطقتنا، حيث فرص الاستثمار نادرة». هذا بالإضافة إلى تضاعف معدل الفقر في العراق عام 2020، حتى وصل إلى 40 ٪.

ومثل غيره، يرى “شعلان” بصيص أمل في وصول بعثة أثرية إيطالية في وقت سابق من هذا العام، ثم بعد ذلك #البابا_فرنسيس، الذي عبر العراق، متوجهاً على وجه الخصوص إلى #أور، مسقط رأس إبراهيم بالقرب من #الديوانية.

لذلك لابد من أن تعود الحياة إلى تراث اندثر بين السرقة والتهريب والتخريب من قبل الجهاديين الذين يعتبرون كل أشكال الفن بدعة.

حالة طوارئ مناخية

يرى “محمد طه” الذي يعيش في #كركوك وسط العراق، أن «لا السلطات ولا حتى الجمعيات والمنظمات الخاصة تفعل أي شيء من أجل التراث».

ويذكر كدليل على ذلك “القشلة”، وهي قلعة عثمانية كانت ذات قبة فيروزية ذات يوم. أما اليوم، فقد سقط بلاط الفسيفساء وأقسام كاملة من الجدران مهددة بالانهيار.

فهذه القلعة، التي يبلغ عمرها 3000 عام، تنهار، مما يقلل من فرصها في البقاء، مع “نيبور”، هما اليوم على القائمة المؤقتة لدخول التراث العالمي لليونسكو.

وتعزي السلطات المحلية كل ذلك الخراب إلى الأمطار الكثيفة والمستمرة في هذه المنطقة الجبلية، ففي كل مكان في العراق، أحد أكثر البلدان المهددة بالتغير المناخي، تعتبر قضية البيئة مسألة حيوية.

وعلى المدى الطويل، فإن التصحر المتفشي في البلاد، التي نصفها صحراء أصلاً، يهدد الحياة، فالتصحر يدق المسمار الأخير في نعش أطلال بلاد ما بين النهرين وحتى أحدث الإنشاءات فيها.

في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كان الحزام الأخضر يحمي البلاد من الخراب، لكن تلك الأشجار، التي وقفت في طريق الريح العاتية، أُحرِقت أو اُقتُلِعت أو مزقتها قذائف الحروب المتتالية أو قُطِعت لإفساح المجال أمام المدن ذات البناء الفوضوي. لقد اختفت النضارة التي جلبتها أوراق تلك الأشجار، كما اختفت السدود التي شكلتها جذورها.

كذلك ارتفعت درجات الحرارة بضع درجات، وهو أمر سيئ بالنسبة للسكان لأنه فوق 50 درجة مئوية، تضاعفت العواصف الرملية وأصبحت أمطار الشتاء أكثر كثافة.

الكثير من الهجمات ضد أنقاض هذا التراث المصنوع من الطوب، والغبار الذي صنع مدن بلاد ما بين النهرين ذات يوم، نراه يعود غباراً مرة أخرى.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.