التغطية الإعلامية الخجولة لمظاهرات العراق: هل باتت وسائل الإعلام العربية والعالمية تتبنى موقف الحكومة العراقية من الاحتجاجات؟

التغطية الإعلامية الخجولة لمظاهرات العراق: هل باتت وسائل الإعلام العربية والعالمية تتبنى موقف الحكومة العراقية من الاحتجاجات؟

يتساءل كثير من الناشطين العراقيين حول أسباب تقصير الإعلام المحلي والدولي في تغطية الاحتجاجات الجماهيرية الغاضبة في محافظات وسط وجنوب البلاد، التي حملت شعار #من_قتلني، خاصة بعد الاهتمام الإعلامي الكبير بالتظاهرات السابقى، التي انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، وأدت للإطاحة بحكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق “عادل عبد المهدي”.

لم يغب القمع في الاحتجاجات الأخيرة، فقد تم استهداف المشاركين في المظاهرات، التي خرجت في الخامس والعشرين من شهر أيار/مايو الماضي، دون أن يسلّط الإعلام الضوء على الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن العراقية والميلشيات الولائية، والتي أوقعت، حسب مفوضية حقوق الإنسان العراقية، ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى، إضافة إلى عدد غير معروف من المعتقلين. ما يجعل السؤال الأبرز بين الناشطين: هل يرتبط هذا التقصير الإعلامي بوصول مصطفى #الكاظمي الى رئاسة #الحكومة_العراقية، وعلاقاته الدولية والعربية المتينة؟

 

الارتباط بالإعلام الأميركي

الصحفي العراقي “معن الجيزاني” يرى أن «مقاربات الإعلام العربي والدولي للمشكلة العراقية مرتبطة بالموقف الأميركي منها، الذي لا تتفق أولوياته دائماً مع ما يطرحه الجمهور العراقي المحتج».

ويوضح “الجيزاني”، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «الأميركيين ركزوا دائماً على محاربة الإرهاب ودعم الديمقراطية، من خلال رعاية إجراء الانتخابات بشكل دوري، دون تركيز كبير على قضايا الفساد، وازدهار الميلشيات، التي يفلت عناصرها دوماً من العقاب على ما يرتكبونه من جرائم، ولهذا تضعف التغطية الإعلامية عندما يتعلق الأمر بتفاصيل الواقع العراقي، والمطالب الفعلية للعراقيين، التي لا يمكن اختزالها بإجراء انتخابات صورية، تعيد القوى القديمة نفسها إلى الحكم».

ويؤكد الصحفي العراقي أن «للعراقيين أولويات مطلبية، تتصل بعمل الدولة، والخلل في الديمقراطية، والفشل في الإدارة، إضافة إلى انزلاق العراق، بشكل تدريجي، إلى هاوية الديكتاتورية الحزبية المسلحة»، حسب تعبيره.

 

إعلام أصدقاء الكاظمي

في المقابل يقول “موسى رحمه الله”، الناشط في مجال حقوق الإنسان، الذي شارك في الاحتجاجات العراقية: «منذ تكليف الكاظمي برئاسة الوزراء، توقفت وسائل الإعلام العربية والعالمية عن الاهتمام بالحراك الشعبي العراقي، بسبب ارتباط الدول التي تموّلها بعلاقات صداقة مع حكومة الكاظمي».

ويتابع في حديثه لموقع «الحل نت»: «رئيس الوزراء العراقي بنى علاقات متوازنة، ولديه صلات قوية مع #إيران ودول الخليج والولايات المتحدة، فنال دعماً دولياً وعربياً كبيراً، لم ينل مثله رئيس الوزراء العراقي الأسبق “عادل عبد المهدي”، وهذا هو سبب التجاهل الإعلامي لمسؤوليته عن قمع الحركة الاحتجاجية في العراق».

 

ضعف الإعلام المحلي

الباحث والصحفي “محمود النجار” يعتقد أن ضعف التغطية الإعلامية للاحتجاجات يعود إلى «توقيتها الحسّاس، فهي جاءت قبيل الانتخابات المبكرة، التي من المقرر ان تجري في أكتوبر/تشرين الأول القادم، إضافة إلى ظهور تسريبات عن تورّط كبار القادة العسكريين في الدولة بقتل ناشطين، مثل “إيهاب الوزني” و”فاهم الطائي”، وهذا يحرج الحكومة العراقية، ويجعل تعاطيها الإعلامي متخبّطاً مع الاحتجاجات».

ويتابع “النجار” في حديثه لـ«الحل نت»: «وسائل الإعلام العربية والعالمية تتعامل مع السلطات العراقية، التي تقول إن كل ما يجري في البلاد هو فوضى تفتعلها بعض الأحزاب السياسية قبيل الانتخابات، لكي توقف عجلة الإصلاح الحكومي، ما يغيّب الأسباب العميقة لاحتجاج العراقيين».

ويتهم الصحفي العرفي الإعلام العربي والعالمي بـ«التخاذل الشديد في تغطية ما يُرتكب من قمع وقتل بحق المتظاهرين»، معتبراً أن وسائل الإعلام «تتخذ الإصلاحات المزعومة، التي تجريها الحكومة العراقية، شماعةً لتبرير تقصيرها في نقل الصورة الحقيقة لما يجري في العراق».

وإضافةً لهذا يربط “النجار” بين «ضعف الاهتمام بما يحدث في العراق وانشغال وسائل الإعلام الأساسية بالأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، التي نالت كثيراً من الاهتمام العربي والأميركي».

وفيما يتعلّق بالإعلام العراقي يؤكد “النجار” أنه «لا يعطي الصورة الصحيحة عن التظاهرات، ولا يملك إحصائيات دقيقة حولها، ومن الممكن القول إن الإعلام العراقي يمثّل الموقف الرسمي للحكومة العراقية»، متسائلاً عن كيفية «وجود تغطية متوازنة للحدث العراقي في الإعلام العربي والدولي بغياب إعلام محلي يقدّم صورة واضحة عمّا يجري في البلاد».

واشتكى الإعلامي العراقي من «طريقة تعامل البرلمانيين والقادة العسكريين العراقيين مع وسائل الإعلام المحلية»، مؤكداً أنه، بحكم عمله صحفياً، «يعاني كثيراً من التعنت والتجاهل من قبل المسؤولين، الذين لا يتجاوبون مع الصحفيين، ويرفضون الإدلاء بتصريحات لهم، ويتهمونهم بإثارة الفوضى».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة