قوى “تشرين” نحو تشكيل جبهة معارضة: لماذا تخلى منظمو الاحتجاجات عن خيار ممانعة الانتخابات العراقية المبكرة؟

قوى “تشرين” نحو تشكيل جبهة معارضة: لماذا تخلى منظمو الاحتجاجات عن خيار ممانعة الانتخابات العراقية المبكرة؟

أدّى مقتل الناشط الكربلائي #إيهاب_الوزني، في الثامن من أيار/مايو المنصرم، لتغيير توجهات قوى #انتفاضة_تشرين بخصوص #الانتخابات_المبكرة، المُقرّر إجراؤها في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

وبيّن مقتل “الوزني” صعوبة تأمين الانتخابات المقبلة، لتصبح صالحة لمشاركة الأحزاب المنبثقة عن الانتفاضة، والمنافسة فيها بطمأنينة، وضمن شرط ديمقراطي حقيقي؛ وأكّد على سطوة السلاح المنفلت، الذي يغتال الناشطين والمتظاهرين.

إزاء ذلك ابتعدت قوى تشرين، ومعها بعض الأحزاب المدنية، عن فكرة المشاركة بالانتخابات، لأنها اعتبرتها محسومة سلفاً لمصلحة الأحزاب المتنفّذة في الحكم، التي تمتلك أجنحة مسلّحة، تهدّد من يعارضها وينافسها.

وقررت قوى الانتفاضة التوجه نحو ثلاثة خيارات: مقاطعة الانتخابات وممانعتها، وتنظيم تظاهرات لكشف قتلة المتظاهرين والناشطين، والمطالبة بحظر الأحزاب الفاسدة والمسلّحة من المشاركة بالانتخابات القادمة.

[visual-link-preview encoded=”eyJ0eXBlIjoiZXh0ZXJuYWwiLCJwb3N0IjowLCJwb3N0X2xhYmVsIjoiIiwidXJsIjoiaHR0cHM6Ly83YWwubmV0Lz9wPTI1NDkzMCIsImltYWdlX2lkIjotMSwiaW1hZ2VfdXJsIjoiaHR0cHM6Ly9jZG4uN2FsLm5ldC93cCVFMiU4MCU5MWNvbnRlbnQvdXBsb2Fkcy8yMDIxLzA1LzIwMTgxODA4LzEyMzc2LmpwZyIsInRpdGxlIjoi2KjZitmGINin2YTZhdmC2KfYt9i52Kkg2YjYp9mE2KrYudmE2YrZgiDZiNin2YTZhdmF2KfZhti52Kk6INiq2K/Yp9i52YrYp9iqINin2LrYqtmK2KfZhCDigJ3Yp9mE2YjYstmG2YrigJ0g2KrYt9mE2YIg2K3Ysdin2YPYp9mLINiz2YrYp9iz2YrYp9mLINmI2KfYs9i52KfZiyDYqNmK2YYg2YLZiNmJIOKAndiq2LTYsdmK2YbigJ0g2YjYp9mE2KPYrdiy2KfYqCDYp9mE2YXYr9mG2YrYqSAtINin2YTYrdmEINmG2KoiLCJzdW1tYXJ5IjoiIiwidGVtcGxhdGUiOiJzcG90bGlnaHQifQ==”]

لكن التظاهرات، التي خرجت في الخامس والعشرين من أيار/مايو الماضي، جوبهت، كما سابقاتها، بالقمع بالرصاص الحي والقنابل الدخانية، واعتقال عشرات المتظاهرين، ما أدى لمقتل متظاهرين اثنين، وإصابة مئة وخمسين آخرين. فما الخيارات السياسية المتبقّية لقوى تشرين؟ وما خططها المستقبلية؟

 

حبهة معارضة سياسية

»إنشاء جبهة للمعارضة السياسية هو خيارنا»، يقول “مهتدى أبو الجود”، عضو المكتب السياسي لحزب #البيت_الوطني.

و”البيت الوطني” أحد أهم القوى السياسية المنبثقة من حراك تشرين، وهو من تبنى فكرة تشكيل جبهة موحّدة للمعارضة السياسية، وطرحها على قوى تشرين الأخرى، التي وافقت عليها بشكل رسمي.

المقاطعة لوحدها لا تكفي للوقوف بوجه الأحزاب المتنفذة، لذا لجأنا للمعارضة

لكن لماذا التخلي عن فكرة ممانعة الانتخابات المبكرة، والعمل على عرقلة إجرائها؟ يُجيب “أبو الجود” في حديثه لـ (الحل نت): «الممانعة مفهوم غامض، قد ينعكس سلباً علينا، فهو قد يدفع لتشبيهنا بالإرهابيين، إذ يمكن للحكومة العراقية توجيه تهمة الإرهاب لمن يحاول منع إجراء الانتخابات، التي تُعتبر عملية ديمقراطية وفق كل الأعراف والمواثيق، لذا فوّتنا الفرصة على من يريدون لصق هذه التهمة بنا».

“مهتدى أبو الجود” – تويتر

وبخصوص مقاطعة الانتخابات يؤكد “أبو الجود”: «لم نتخل عن مبدأ المقاطعة، لكنها لوحدها لن تكفي للوقوف بوجه الأحزاب المتنفّذة الحالية، فهي ستُعيد القوى القديمة ذاتها للسلطة، وبالتالي لا تحقق أي تغيير منشود».

أما مبدأ تأسيس جبهة معارضة فيقوم على إنشاء تحالف من مختلف القوى المناهضة للفساد والقمع، ويلفت “أبو الجود” إلى أنها «ستكون من الداخل العراقي، وبمشاركة عدد من الأحزاب السياسية الوطنية، التي لم تشترك بالفساد في الحكومات السابقة المتعاقبة».

مؤكداً أنه «تم التحضير لعقد مؤتمر سياسي للمعارضة، سيُعقد في الأسبوع المقبل بإحدى المحافظات العراقية، لمناقشة البدائل السياسية والاحتجاجية والقانونية».

 

تغييرٌ لا انقلاب

فيما يخص إشارة “أبو الجود” لمشاركة بعض الأحزاب غير المتورّطة بالفساد في المعارضة، فهو يعني بذلك #الحزب_الشيوعي_العراقي و”حزب الشعب”، الذي يقوده النائب “فائق الشيخ علي”.

نحتاج لتغيير الأحزاب السياسية لا النظام السياسي، ولا نسعى لانقلاب أبيض

موقع (الحل نت) التقى “وسام الخزعلي”، القيادي بالحزب الشيوعي، لسؤاله عن مكان وموعد انعقاد المؤتمر المرتقب لجبهة المعارضة، لكنه رفض الإجابة لدواعٍ أمنية.

“وسام الخزعلي” – إنترنت

وكان “الشيوعي العراقي” قد أعلن تعليق مشاركته بالانتخابات المقبلة بعد مقتل “الوزني”، لحين دراسة ما تتخذه #الحكومة_العراقية من خطوات لحصر السلاح المنفلت، ومنع تكرار مسلسل الاغتيالات. فلماذا توجّه “الشيوعي” من تعليق المشاركة في الانتخابات للمعارضة السياسية؟ «لا وجود لأية بوادر حقيقية من الحكومة العراقية، للوقوف بوجه السلاح الذي يقتل الناشطين والمتظاهرين»، يجيب “الخزعلي”.

وعن أهداف المعارضة السياسية، المُزمع إعلانها، بيّن “الخزعلي” أنها «تهدف لإسقاط الأحزاب الفاسدة، ولن تكون ضد النظام السياسي بأكمله، بمعنى أنها لن تسعى للقيام بانقلاب أبيض، فالنظام الحالي ديمقراطي. نحن نحتاج فقط لتغيير القوى الحاكمة، وشاهدنا أن التغيير، مهما كانت نسبته بسيطة، قد تحقّق من خلال ضغط الشارع، لا من قبل #البرلمان_العراقي، لذا توجهنا للمعارضة»، يؤكّد “الخزعلي”.

 

تتويجٌ للعمل الاحتجاجي

يراقب متظاهرو وناشطو انتفاضة تشرين خطوات الأحزاب المنبثقة عن الانتفاضة، ويناقشون قادتها بشكل يومي، عبر تطبيق “كلوب هاوس” الصوتي، الذي أصبح بمثابة الخيمة الجامعة للمتظاهرين وقوى الانتفاضة.

الخطوات الاحتجاجية أولاً، ومن ثم السياسية؛ فهي تتويجٌ للعمل الاحتجاجي

وعادةً ما يتفق المتظاهرون والناشطون مع جل طروحات قوى “تشرين”، لكنهم لا يحبّذون ترك التصعيد الاحتجاجي، وهذا ما تلفت إليه الناشطة “نور جمال”، إحدى أبرز المتظاهرات في الحراك.

“نور جمال” – فيسبوك

“جمال” تقول لـ (الحل نت): «نحن مع الخطوات الاحتجاجية أولاً، ومن ثم السياسية. وأهمية استمرار الاحتجاج تأتي من ضرورة المطالبة بمحاسبة قتلة الناشطين والمتظاهرين، والقصاص منهم».

ولا يوجد أي رفض أو اختلاف بشأن الخطوات السياسية التي تتخذها أحزاب الانتفاضة، فتلك الخطوات «هي تتويجٌ للعمل الاحتجاجي، ومُكمّلة له، وضرورية لتحقيق التغيير السياسي»، على حد تعبير “جمال”.

 

نضالٌ مدني طويل الأمَد

وعن خطوة التوجه للمعارضة السياسية من وجهة نظر تحليلية، تواصل (الحل نت) مع “د. حيدر سعيد”، رئيس  قسم الأبحاث في “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، ورئيس تحرير دوريَّة “سياسات عربية”.

الاحتجاج هو الفعل السياسي الوحيد، الذي كسَر إيقاع النظام السياسي القائم

ويرى “سعيد” أن «أهمية إعلان “جبهة المعارضة” تأتي بعد أن اكتشفت القوى، المنبثقة من انتفاضة تشرين، أن قيام انتخابات نزيهة، تتكافأ فيها القوى المتنافسة في إمكاناتها الانتخابية، أمر غير ممكن، كما أن القوى المتنفّذة في النظام السياسي القائم تسعى إلى عرقلته دائماً، ولا سيما مع استمرار اغتيال الناشطين والفاعلين في الثورة».

“د. حيدر سعيد” – إنترنت

ويُردف بالقول: «من هنا يعني الإعلان عن تشكيل جبهة معارضة أن الوقت لم يحن بعد لأن تمارس القوى المنبثقة من الانتفاضة دورها في عملية التغيير، بوصفها قوة سياسية، ومن داخل النظام السياسي، وأن عليها أن تبقى قوةَ احتجاج مستمر، ذلك أن الاحتجاج هو الفعل السياسي الوحيد، الذي استطاع كسر إيقاع النظام السياسي القائم، كما أن وجود القوى المنبثقة من الثورة في هذه الجبهة، لتنظيم الفعل الاحتجاجي، سيضفي على الاحتجاجات القادمة معنى الاستمرارية مع انتفاضة تشرين».

ويختتم حديثه بالقول: «للقوى المنبثقة من الانتفاضة أهمية كبيرة في صناعة نخبة سياسية جديدة، في بلد ظل عقيماً عن إنتاج النخب ذات الكفاءة. وتشير النية لتشكيل جبهة المعارضة إلى أن هذه القوى واعية لضرورة التنسيق فيما بينها، لتنظيم وقيادة الفعل الاحتجاجي اللاحق. باختصار: تشكيل هذه الجبهة يعني أننا أمام نضال مدني طويل الأمد».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.