بعد توقيف شركة النفط الأميركية.. هل المستقبل للشركات الروسية في شمال شرقي سوريا؟

بعد توقيف شركة النفط الأميركية.. هل المستقبل للشركات الروسية في شمال شرقي سوريا؟

رغم كل ما أعلن في التقارير الصحفية خلال الفترة الماضية بانتهاء أعمال شركة “دلتا كريسنت إينرجي” الأميركية في استثمار حقول النفط بشمال شرق سوريا، إلا أن مصادر مقربة من الإدارة الذاتية أكدت أن الشركة تحاول من خلال علاقاتها لحسم الموضوع لصالحها خلال الفترة المقبلة.

المصادر قالت لموقع (الحل نت) إن «الشركة حركّت مجموعة ضغط على صلة بها في واشنطن بعد عدم تجديد السماح لها بالاستثمار هناك، حيث ستعمل تلك المجموعة على ضمان تجديد الإعفاء للشركة من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، سعياً لاستمرار العمل في المنطقة لمدة سنتين متتاليتين».

وتنتظر الشركة منحها استثناء العمل في حقول النفط السورية من قبل جهاز الأوفاك (جهاز ضمن وزارة الخزانة الأميركية، يراقب كل العقوبات والشركات التي تخالفها)، قبل أن تصادق عليه إدارة بايدن في نهاية المطاف تحت تأثير جهود مجموعة الضغط.

الشركة الأميركية التي تأسست في ولاية ديلاوير الأميركية في شباط 2019، تترقب الانتهاء من الصفقة التي كانت عقدتها قبل فترة قصيرة من تجميد أعمالها، حيث تبلغ قيمة الصفقة 2 مليار دولار سيتم شحنها من سوريا إلى العراق، وفق المصادر، في حين إن الشركة كانت تستعد لبناء مصفاة نفط حديثة ومتكاملة في المنطقة هناك.

من بين المؤسسين لـ “دلتا كريسنت إينرجي“، السفير الأمريكي السابق في الدنمارك “جيمس كاين” جيمس ريس، وهو ضابط سابق في قوة دلتا الخاصة بالجيش، وجون ب. دوريرير جونيور، المدير التنفيذي السابق في شركة جلف ساندز بتروليوم.

مُنحت الشركة إعفاءً لمدة عام من العقوبات التي تندرج ضمن قانون قيصر المفروض ضد حكومة دمشق، من أجل “تقديم المشورة والمساعدة” لشركة نفط محلية في شمال شرق سوريا، فمقابل كل برميل تساعد الشركة في تصديره خارج سوريا، ستتلقى عليه دولاراً واحداً، وفقاً لاتفاقية مشاركة الإنتاج المرسل من الشركة إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC).

يُقدّر إنتاج المنطقة الحالي من النفط بـ 90 ألف برميل يومياً، يُصدّر 40 ألف منها إلى إقليم كردستان العراق، فيما تذهب 15 ألف إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، وما يتبقى يذهب للاستهلاك المحلي.

في العام الفائت كان يباع البرميل الواحد المُعدّ للتصدير بحدود 25 دولاراً في الوقت الذي كان يصل سعره العالمي إلى 60 دولاراً.

رغم احتمالات عودة “دلتا كريسنت إينرجي” إلا أن مصادر (الحل نت) أشارت إلى «وجود مساعي بعض الشركات الروسية المحسوبة على بوتين للاستثمار في حقول النفط، مبيناً أن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لن يكون لديها مانع في ذلك، بخاصة وأن الجانب الأميركي ضمن التحالف الدولي منح الإدارة حرية التصرف في شؤون الاستثمار النفطي».

وأضافت المصادر «التحالف أبلغ الإدارة الذاتية بعدم وجود مانع يعيق توقيعنا عقوداً مع شركات روسية»، مبينةً أن «اهتمام التحالف في مناطق الشمال الشرقي من سوريا يتركز على تأمين استقرار منطقة الإدارة، وعلى محاربة تنظيم داعش، وعلى فتح معبر تل كوجر / اليعربية».

هل من تبعات اقتصادية؟

الباحث الاقتصادي “خورشد علي كا” قال خلال حديث لـ (الحل نت) أن الشركة الأميركية عقدت اتفاقاً مع شركة محلية في شرق الفرات لمساعدتها وتقديم المشورة وتأمين عوامل التصدير المناسبة، غير أنها في الواقع لم يتاح لها العمل بشكل ميداني موسع، حيث لم تدخل معدات وأدوات تكنولوجية إلى المنطقة، وفق تعبيره.

وأضاف «كانت هناك فقط مكاتب دراسات، فهي لم تُدخل معدات تنقيب واستكشاف.. الآن توقفها سيكون له ضرر على مستقبل المنطقة (إذا لم تعاود العمل لاحقاً) فدخول الشركة الأميركية سيؤدي إلى زيادة الإنتاج وسيكون له أثر على زيادة الإيرادات، وبالتالي تحسين الإنفاق العام».

وأشار “علي كا” إلى أن عدم تمكّن “الإدارة الذاتية” من زيادة الإيرادات في مناطقها، سيؤدي إلى تعويض النقص بزيادة الأسعار “حيث أن 90 بالمئة من موازنة الإدارة تأتي من القطاع النفطي“.

من جانبه رأى الخبير الاقتصادي، يونس الكريم بأن القرار الحالي لإدارة بايدن لا يعني إنهاء عمل الشركة، بقدر ما يعني أنه جاء لإعادة ترتيب ملف الاستثمار النفطي، وفق تعبيره.

واتفق مع إشارة “علي كا” بأن الشركة لم يتاح لها العمل بشكل جدي خلال الفترة الماضية، «كانت تقوم بعمل الدراسات والمسح التقني لحقول النفطية للإطلاع على واقع النفط السوري، فيما يتعلق بشكل أساسي إزاء حجم الأضرار وآلية الاستثمار هناك».

في حين استبعد “علي كا” أن يتأثر إنتاج النفط وتسويقه في المنطقة، معتقداً أنه «سيبقى كما السابق، وهذا مرهون بالموقف الأمريكي، ومدى جديته لتمتين التعاون العسكري والأمني والسياسي مع الإدارة الذاتية».

وأوضح في سياق متصل «بأنه وفي حال تم استخراج النفط بالشكل الأمثل واستخدام المعدات اللازمة للبحث والتنقيب بموازاة ازدياد استخراج النفط وتسويقه بحسب السعر العالمي بدون أي مضايقات إقليمية ودولية، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى ازدهار المنطقة، وتأمين قطع أجنبي كافي من أجل زيادة التنمية الاقتصادية وتحقيق إعادة الإعمار في المنطقة».

وكان السيناتور الأميركي الجمهوري “ليندسي غراهام” قال منتصف شهر آب الماضي خلال جلسة استماع في “الكونغرس” إنّه تحدّث آنذاك بشأن “صفقة النفط” مع القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية “مظلوم عبدي“.

وقال غراهام «يبدو أنهم وقعوا صفقة مع شركة نفط أميركية لتطوير حقول النفط في شمال شرق سوريا».

وردا على سؤال لغراهام خلال الجلسة في الكونغرس، أكد وزير الخارجية (السابق) مايك بومبيو إن الولايات المتحدة تدعم الاتفاق، وقال بومبيو إنّ «الاتفاق استغرق وقتاً أطول بكثير مما كنا نأمل.. نحن الآن في مرحلة تطبيقه، يمكن أن يكون تأثيره كبيراً».

وتضم مناطق الشرق السوري، حقولاً نفطية وغازية ذات أهمية استراتيجية، منها الرميلان والشدادي والجبسة والسويدية.

إضافةً إلى ذلك، تضم المنطقة، مصفاة الرميلان، وحقول كراتشوك وحمزة وعليان ومعشوق وليلاك، وكونيكو والجفرة والعمر.

وبلغ إنتاج سوريا من النفط قبل عام 2011 نحو 400 ألف برميل يومياً، لكن القطاع النفطي مني بخسائر كبيرة بسبب الحرب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.