أسلحة روسية للجيش العراقي: هل تسعى روسيا لبناء نفوذٍ في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية؟

أسلحة روسية للجيش العراقي: هل تسعى روسيا لبناء نفوذٍ في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية؟

عاد ملف انسحاب القوات الأميركية من العراق، والنتائج المترتبة عليه، ليتصدّر واجهة الأحداث، بعد تراجعه نسبياً، مع موجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، للمطالبة بمحاسبة قتلة الناشطين، إضافة لاقتراب موعد الانتخابات النيابية المبكرة.

وكان البيت الأبيض قد أعلن، في الخامس عشر من حزيران/يونيو الحالي، عن تأييده لإلغاء قانون، صدر عام 2002، أجاز لإدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن التدخّل العسكري في العراق، لإسقاط نظام صدام حسين. إلغاء القانون، الذي ما زال يتطلب موافقة الكونغرس الأميركي، شجّع قوى سياسية عراقية، أغلبها موالية لإيران، على إعادة المطالبة بالانسحاب الفوري لكافة القوات الأميركية من البلاد.

إلا أن المسار الجديد المحتمل للعلاقات الأميركية العراقية لا يقتصر على النوايا بإنهاء الوجود العسكري الأميركي، بل قد يصل، بحسب بعض المراقبين، إلى اعتماد الجانب العراقي على مصادر بديلة، لتأمين الدعم العسكري واللوجستي، قد تكون من الخصوم السياسيين للولايات المتحدة.

وذكرت صحيفة Military Watch الأميركية أن «القيادة العسكرية العراقية تفكر في شراء طائرات حربية حديثة من #روسيا، إلا أن موازنة العراق حالياً لا تسمح بشراء تلك الطائرات، نظراً للأزمة الاقتصادية، التي تمر بها البلاد».

ويملك العراق، بحسب الصحيفة، «أربعاً وثلاثين طائرة أميركية، من طراز F16، تعتمد في صيانتها على الخبراء التقنيين الأميركيين، الذين قد يغادرون العراق، في حال اتفقت #واشنطن وبغداد على الانسحاب الكامل للقوات الأميركية»، ما قد يدفع #الحكومة_العراقية للبحث عن بدائل لتأمين السلاح وصيانته.

 

 

صراع بين رؤيتين

الباحث السياسي “د.علي آغوان” يرى أن «التوجه العراقي نحو دول أخرى في مجال التسليح، قد يندرج ضمن محاولة بناء نوع من الاستقلالية تجاه أميركا بشكل خاص، والغرب بشكل عام. وهذا توجه إيجابي، في حال كان مخططاً له من قبل الحكومة العراقية، وليس مجرد خضوع لضغط بعض الأجنحة الموالية لطهران في الدولة العراقية».

ويتابع الباحث في حديثه لـ«الحل نت»: «إذا كانت النية أن ينوّع العراق مصادر تسليحه، فلا تبقى مقتصرة على الولايات المتحدة، فهذا بالتأكيد أمر ممتاز، ويمكن أن يؤدي لعلاقات أكثر توازناً مع أميركا، التي ستتعامل عندها مع الدولة العراقية باحترام أكبر، بوصفها تملك مجموعة من المؤسسات الاحترافية، المعنية بتطوير البنية التحتية العسكرية للبلاد بشكل منهجي؛ أما إذا كان الموضوع مقتصراً على نزعة معادية للولايات المتحدة، تسعى قوى سياسية، ذات ولاءات خارجية، إلى تغليبها في السياسة العراقية، فهذا قد يضر بالعراق بشدة، لأنه قد يؤدي إلى بروز رؤيتين متعارضتين في السياسة الخارجية العراقية: الأولى الرؤية الرسمية لوزارة الخارجية العراقية، التي ما تزال تحرص على العلاقات الأمنية والعسكرية مع الولايات المتحدة؛ والثانية رؤية القوى والفصائل المعادية لأميركا، والتي تريد إرغام الدولة العراقية على التوجه نحو #إيران والصين وروسيا».

 

حدود القدرة الروسية

من جانبه يقول الخبير الأمني “فاضل ابو رغيف” إن «عقيدة العراق التسليحية بعد الاستقلال كانت تميل إلى شراء الأسلحة من #بريطانيا، وبعد ذلك من روسيا وشرق أوروبا، وعقب سقوط نظام صدام حسين عام 2003 تنوّعت مصادر التسليح بين الشرق والغرب، فإضافة إلى الأسلحة الأميركية اشترى العراق طائرات “مي” 24 و”مي” 35 الروسية».

ويضيف في حديثه لـ«الحل نت»: «هنالك تنافس روسي أميركي في المنطقة لا يمكن انكاره، وبالتأكيد تسعى روسيا إلى تحقيق نوع من الهيمنة من بوابة التسليح، ولذلك فإن اعتماد العراق المتزايد على الأسلحة الروسية، سيزيد من النفوذ الروسي فيه، بالتعاون مع إيران، التي تتقاطع مصالحها مع المصالح الروسية».

إلا ان “علي آغوان” يرى أنه «من الصعب الحديث عن نفوذ روسي  في العراق بهذه السرعة، فليس بإمكان #موسكو أن تسيطر على الأوضاع بشكل مباشر، في ظل الصراع الأميركي الإيراني، وهي لا تملك مقومات بناء نفوذ فعلي على الأرض، كما أن مصالحها لا تتطابق بشكل كامل مع المصالح الإيرانية».

ويذهب “آغوان” إلى أن «روسيا لن تعمل على تقليص نفوذ إيران في العراق، بعد فشل أميركا نفسها في تحقيق ذلك، فالتنافس مع إيران على الأرض العراقية مهمة شديدة الصعوبة، وربما تكون #الصين أكثر قدرة على كبح جماح #طهران، في حال طلبت منها الحكومة العراقية ذلك، نظراً لقوتها الاقتصادية، وقدرتها على مساعدة العراقيين في الخروج من أزماتهم المالية».

 

«لا أسلحة جديدة، والخزينة فارغة»

وكشف مصدر مقرّب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي لـ«الحل نت» عن أن الأنباء حول «لجوء الجيش العراقي للتسلّح من مصادر روسية أمر غير صحيح، ولا توجد موارد مالية أصلاً لشراء أسلحة جديدة، إذا يمكن القول إن الخزينة فارغة».

ويرى المصدر، الذي اشترط عدم كشف هويته، أن «هذه الإشاعات مجرد فقاعة إعلامية لخلق بعض الفوضى، ووضع الحكومة العراقية في موقف محرج مع الولايات المتحدة، خاصة بعد الاستهدافات الأخيرة للمصالح الأميركية في البلاد».

“علي آغوان” يتفق إلى حد كبير مع هذه التصريحات بالقول: «لن يحدث تغيير جذري قريب في العلاقات الأميركية العراقية، وستحتفظ الولايات المتحدة بعدة قواعد في البلاد، خاصة تلك الموجودة في #إقليم_كردستان، وروسيا ليست الطرف المؤهل لتغيير المعادلة السياسية في العراق».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.