أزمة زراعية في بلاد الرافدين: إيران تتذرّع بالعقوبات لإحكام سيطرتها الاقتصادية على العراق وتحويله إلى سوقٍ لمنتجاتها

أزمة زراعية في بلاد الرافدين: إيران تتذرّع بالعقوبات لإحكام سيطرتها الاقتصادية على العراق وتحويله إلى سوقٍ لمنتجاتها

منذ اشتداد العقوبات، التي فرضتها الولايات المتحدة على #إيران، تحاول الأخيرة إحكام سيطرتها الاقتصادية على العراق، للتخفيف عن خسائرها، من خلال تصدير منتجاتها الغذائية ومحاصيلها الزراعية عبر المنافذ الحدودية، وذلك بمساعدة أطراف سياسية عراقية موالية لها.

وأعلنت منظمة “تنمية التجارة الإيرانية” أن «إيران صدّرت محاصيل زراعية إلى العراق بقيمة أحد عشر مليار دولار، خلال الأعوام الخمسة الماضية، كما صدّرت سلعاً وبضائع إلى العراق بقيمة مئة وأربعة وعشرين مليون دولار، خلال الشهرين الماضيين فقط، عبر معبر “مهران” الحدودي».

ويتحدث الأهالي والمزارعون، في مناطق عراقية مختلفة، عن ممارسات غير قانونية للميلشيات الموالية لإيران، لضرب الإنتاج المحلي العراقي، وفرض المنتجات الإيرانية.

 

مليشيات إيران تحرق المحاصيل

المزارع “أبو محمد”، من محافظة #ديالى، يقول لموقع «الحل نت» إن «المليشيات التابعة لإيران تتعمّد إضرام النار في أراضينا الزراعية، لإغراق السوق المحلي بالمنتجات الزراعية المستوردة من إيران».

“أبو محمد” يرى أن «الحكومة العراقية ليست داعمة للمزارعين المحليين، كما أنها لا توفر لهم الكميات الكافية من المياه لري أراضيهم. لذلك نعتمد دائماً وبشكل كبير على المياه الجوفية، وأدوات الرش البسيطة، لري مساحات محدودة جداً من الأراضي. وكل هذا يؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي العراقي».

وتشهد الأراضي الزراعية العراقية حرائق دورية، تؤدي لإتلاف كميات كبيرة من المنتجات الزراعية، وكانت مديرية الدفاع المدني، التابعة لوزارة الداخلية العراقية، قد أعلنت أن عدد حوادث حرائق الأراضي الزراعية، في الفترة بين نيسان/ أبريل 2020، وأيار/ مايو من العام نفسه، بلغت ثمانية وثمانين حادثاً، وشملت مساحة 1863 دونماً.

من جهته بيّن “مزاحم الحويت”، المتحدث باسم العشائر العربية في محافظة #نينوى، أن «سلوك ميلشيات إيران تجاه المزارعين العراقيين أرهق القطاع الزراعي بصورة عامة، وضاعف من معاناة الفلاحين، وخاصة فيما يتعلّق بتحديد حصصهم المائية».

وأضاف، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «الاقتصاد الزراعي في محافظة نينوى يعاني من تدخلات وهيمنة الفصائل المسلحة، التي تقوم بتخويف المزارعين، وأخذ الإتاوات منهم».

 

العراق باحة إيران الخلفية

محللو الشأن الاقتصادي يعتبرون ممارسات الميلشيات ضرباً للاقتصاد العراقي، وتهميشاً للزراعة المحلية، إذ يقول الخبير الاقتصادي “سلام العبيدي” إن «إيران تسعى دائما لجعل العراق باحةً خلفية لها، فهي تصدّر كل ما تنتجه للأسواق العراقية، ويعتمد اقتصادها بشكل كبير على علاقاتها الاقتصادية، الأكثر من ممتازة، مع الجانب العراقي».

“العبيدي” يتابع في حديثه لـ«الحل نت»: «العلاقة بين العراق وإيران لا تخضع إلى الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها بين الدول، بسبب الأذرع الإيرانية داخل العراق، فالسلطات الإيرانية تدرك جيداً أنها لن تجد من يحاسبها إذا انتهكت السيادة العراقية، وسياستها المائية تجاه العراق خير دليل على ذلك، فقد تسببت إيران بمنع وصول المياه إلى ستة عشر نهراً عراقياً، مما عرّض أراضٍ واسعة في البلاد إلى التصحّر، وأشد المتضررين من هذا أهالي محافظة ديالى. وبذلك تم توجيه ضربة كبيرة الزراعة العراقية عموماً، وهي من أهم ركائز الاقتصاد العراقي، ما أدى إلى تهجير عدد كبير من الفلاحين من أراضيهم».

ويختتم الخبير الاقتصادي حديثه بالقول: «التعامل مع ملف الهيمنة الاقتصادية الإيرانية بحاجة إلى سياسية حكومية عراقية جادة لإنقاذ القطاع الزراعي، فعلى الرغم من قرارات #الحكومة_العراقية، التي تمنع استيراد أكثر من ثمانية عشر محصولاً زراعياً، إلا أن إيران تقوم بتهريب سلعها عبر منافذ #إقليم_كردستان غير القانونية».

 

القرارات الحكومية حبر على ورق

وبالحديث عن القرارات الاقتصادية للحكومة العراقية يؤكد الخبير الاقتصادي “أحمد عبد ربه” لـ«الحل نت» أن «المنتجات، التي تقرر وزارة الزراعة العراقية منع استيرادها، سواء من إيران أو #تركيا أو سوريا، تشمل مجموعة من الخضار والفواكه، ومنتجات مثل الدجاج والعسل، لكن ما يحصل هو غياب الآلية الجمركية الموحّدة في منافذ العراق، كما أن قرارات الحكومة الاتحادية لا يسري أغلبها على جمارك إقليم كردستان، ناهيك عن وجود معابر غير رسمية».

ويضيف: «الغياب الكامل للاستراتيجية الزراعية، خلال السنوات السابقة، جعل من العراق سوقاً للمنتجات الزراعية المستوردة، على الرغم من أن المنتج العراقي مطلوب داخل البلاد».

ويدعو الخبير الاقتصادي الحكومة العراقية إلى «دعم الفلاحين، وإطلاق مشاريع جديدة لتشغيل خرجي كليات الزراعة والبيطرة، عبر منحهم قطع أراض وقروضاً ميسّرة، للاسهام في تشغيل اليد العاملة، وتوفير السلعة المحلية. مع دعم الفائض من الإنتاج الزراعي، عبر تطوير الصناعات التحويلية، وتعليب هذه المنتجات، لطرحها في السوق المحلية، وتصديرها أيضاً للخارج».

 

كوارث طبيعية

لجنة الزراعة والمياه النيابية طالبت الحكومة العراقية بـ«اتخاذ موقف حازم للحفاظ على الأراضي الزراعية في البلاد».

وقال النائب “منصور البعيجي” لموقع «الحل نت» إن «تجاوز أزمة تدهور الأراضي الزراعية العراقية، وازدياد حرائق المحاصيل، يتطلّب اهتماماً كبيراً من قبل الحكومة العراقية، فالوضع خطير ولا يمكن السكوت عنه، وفي حال استمر التصحّر في العراق دون حل، فسنواجه كوارث طبيعية كبرى، تنعكس على حياة المواطنين العراقيين».

ودعا النائب البرلماني الحكومة العراقية إلى «دعم القطاع الزراعي، وتقديم كل ما يحتاجه المزارعون من مياه وأدوات، ومنع استيراد المحاصيل الزراعية من دول الجوار، التي تسهم في تراجع المنتجات المحلية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.