عودة الدبلوماسيين الأوروبيين إلى دمشق: مقدمة لتطبيع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والحكومة السورية؟

عودة الدبلوماسيين الأوروبيين إلى دمشق: مقدمة لتطبيع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والحكومة السورية؟

برزت في الفترة الماضية ترجيحات بإمكانية إعادة افتتاح سفارات أو بعثات دبلوماسية أوروبية في #دمشق، تحت ذريعة التنسيق بين دول أوروبية والحكومة السورية في قضايا تتعلق بملفي الإرهاب واللاجئين السوريين.

وأشار تقرير لموقع قناة “يورو نيوز” الأوروبية،  في منتصف حزيران/يونيو الماضي، إلى أن «دبلوماسيين أوروبيين بدأوا بالعودة إلى العاصمة السورية دمشق»، مؤكداً أن «ما لا يقل عن خمس دول أعضاء في #الاتحاد_الأوروبي لديها حالياً بعثات دبلوماسية في سوريا».

ويضيف تقرير الشبكة الإعلامية الأوروبية أن «غالبية دول الاتحاد الأوروبي كانت حتى الآن تُخلي سفاراتها في سوريا، وتكتفي بممثلين دبلوماسيين يعملون من #لبنان، ويزورون سوريا من وقت لآخر. غير أن عدداً متزايداً من دول الاتحاد الأوروبي بدأت تعزز وجودها الدبلوماسي في سوريا خلال الأشهر الأخيرة». وهو الأمر الذي يطرح تساؤلًا حول ما إذا كانت الدول الأوروبية قد بدأت بالعمل على تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة دمشق، على الرغم من تنديد الاتحاد الأوروبي بالانتخابات الرئاسية السورية، ووصفه لها بـ«المزوّرة»، وتأكيد “جوزيب بوريل”، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي، أن «الانتخابات، التي جرت في سوريا، لم تستوف أياً من معايير التصويت الديمقراطي الحقيقي، ولا يمكن أن تؤدي إلى إجراء تطبيع دولي مع النظام السوري».

 

 

الأوروبيون العائدون

وبحسب ما أشار تقرير “يورو نيوز” فإن «بلغاريا تمتلك تمثيلًا دبلوماسيًّا دائماً في سوريا، والقائم بالأعمال في البلاد هو “أناتولي فاسيليف ديشيف”. رغم أنه ليس من الواضح متى تمت إعادة افتتاح السفارة، بعد إغلاقها في عام 2012».

فيما قال “سيفاج أفيديسيان”، القائم بالأعمال القبرصي في دمشق، لـ”يورونيوز” إن «سفارة نيقوسيا في سوريا في طور استئناف عملياتها، وستفتح أبوابها في الأسابيع المقبلة». مضيفاً أن «قبرص كان لها وجود دبلوماسي دائم في أحد فنادق العاصمة دمشق، وليس في مبنى سفارتها الخاص، منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي».

إلا أن الدبلوماسي القبرصي أصرّ على أن «دولته لن تعيّن سفيراً في سوريا، بل ستكتفي بالقائم بالأعمال الحالي، دون تقديم أوراق اعتماد دبلوماسية جديدة للرئيس الأسد، بما يتماشى مع سياسة الاتحاد الأوروبي».

وأوضح موقف بلاده بالقول: «لقد غادرنا دمشق لأسباب أمنية، وليس لأننا أردنا تعليق العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية».

من جهتها أعلنت #اليونان، في الثامن عشر من حزيران/يونيو الماضي، أن «سفارتها في دمشق مفتوحة الآن». أما #المجر فقامت بتعيين قائم بالأعمال وقنصل في السفارة المجرية بدمشق منذ العام الماضي، و«السفارة الآن مفتوحة، ولكن بنشاط محدود». بحسب ما قالته وزارة الخارجية المجرية، التي أكدت أن «المجر لها وجود دبلوماسي على مستوى القائم بالأعمال في سوريا».

الدولة الخامسة في الاتحاد الأوروبي، التي يدور الحديث حول عودة بعثاتها الدبلوماسية إلى سوريا، هي #النمسا، وتؤكد وزارة الخارجية السورية وجود بعثة دبلوماسية نمساوية في دمشق، إلا أن النمسا قالت إن «جميع أنشطة سفارتها ما زالت تجري حتى الآن من بيروت»، وأكدت وزارة الخارجية النمساوية أنه «لم يتم إغلاق سفارة النمسا في دمشق، ولكن تم نقل معظم الموظفين إلى #بيروت لأسباب أمنية في عام 2012. وتتم صيانة مبنى سفارة النمسا في دمشق حالياً، بمساعدة موظفين محليين».

 

العائق الأميركي

موقع «الحل نت» التقى عدداً من المتابعين للشأن السياسي السوري، لسؤالهم عن طبيعة التوجهات الأوروبية تجاه #الحكومة_السورية، وإمكانية إعادة العلاقات الدبلوماسية بين أوروبا وسوريا.

الباحث السياسي “إبراهيم مسلم” استبعد، خلال حديثه لـ«الحل نت»، «افتتاح مزيد من السفارات الأوروبية في دمشق خلال الفترة القريبة المقبلة، نظراً لوجود توجه أميركي يمنع ذلك، على الأقل حالياً، وخاصة مع استمرار فرض #قانون_قيصر، والعقوبات المرتبطة به».

ورجّح أن «الدول الأوروبية ستعالج ملف اللاجئين السوريين مع الحكومة السورية من خلال بعض المكاتب والبعثات الدبلوماسية المؤقتة في دمشق، أو من خلال السفارات الأوروبية في لبنان والعراق».

بدوره أكد المحلل السياسي “درويش خليفة” لـ«الحل نت» أن «هنالك “فيتو” أميركياً سيمنع زيادة أعداد السفارات المفتتحة في دمشق خلال المرحلة المقبلة»، معتبراً أن الدول الأوروبية «لن تقوم بأي تحرّك باتجاه النظام السوري، إن لم يكن هناك قبول أميركي لهذا التطور الجديد».

الكاتب في الشأن السوري “طالب الدغيم” يتفق مع الرأيين السابقين، مشيراً إلى أن «إعادة افتتاح  السفارات الأوروبية في دمشق مرتبط بواشنطن ومصالحها في سوريا».

وأضاف في حديثه لـ«الحل نت»: «هناك إصرار أوروبي على الالتزام بقرارات #الأمم_المتحدة، وقرار #مجلس_الأمن رقم 2254. وكذلك فإن المسؤولين الأوروبيين يؤكدون دائماً عدم إمكانية استمرار الوضع السوري على ما هو عليه، لذا تبذل كثير من الدول الأوروبية مساعٍ حثيثة لتحقيق انتقال سياسي في سوريا، وكل هذا يتعارض مع إعادة افتتاح البعثات الدبلوماسية بشكل شامل، ودون شروط».

 

ما حقيقة الموقف الأوروبي؟

وكان الاتحاد الأوروبي قد نشر على موقعه الرسمي باللغة العربية توضيحاً حول موقفه الحالي من سوريا، مبيّناَ أن «التطبيع مع النظام السوري غير وارد، إلا عند تحقيق انتقال سياسي، وفق قرارات الأمم المتحدة. ويشمل ذلك وقف حملات القمع؛ والافراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين من السجون».

وتابع التوضيح أن «إعادة فتح السفارات في دمشق، من قبل بعض الدول الأعضاء في الاتحاد، ليس بالأمر الجديد. وفي حين أن للدول الأعضاء الحق السيادي في تقرير تمثيلها الدبلوماسي في الخارج، فإن أي حضور  للاتحاد الأوروبي، أو لدبلوماسيين من الدول الأعضاء فيه بدمشق، لا يعني تطبيع العلاقات مع النظام السوري».

وبعيداً عن التصريحات الرسمية يُجمع عديد من المحللين على أن الاتحاد الأوروبي يهتم بملفين رئيسيتين، في علاقاته المباشرة أو غير المباشرة مع دمشق، أولهما ملف اللاجئين السوريين؛ وثانيهما خطر عودة الإرهابيين المنتمين لتنظيم #داعش، وتنظيمات إرهابية أخرى، من حاملي الجنسيات الأوروبية إلى دولهم. ولذلك فإن وجود بعض البعثات الدبلوماسية الأوروبية حالياً في دمشق قد يؤدي، على المدى البعيد، إلى فتح آفاق جديدة لإعادة التواصل بين الحكومة السورية والاتحاد الأوروبي،  خاصة في ظل التململ الأوروبي من ملف اللاجئين السوريين، ولجوء بعض الدول، مثل #الدنمارك وهولندا والنمسا، إلى سياسات متشددة تجاههم؛ إلى جانب التخوفات المستمرة بشأن ملف الإرهاب.

وكانت مصادر إعلامية دنماركية كشفت مطلع حزيران/يونيو الماضي عن «تزويد الحكومة الدنماركية لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين بمعطيات حول زيارات أجراها آلاف اللاجئين السوريين إلى سوريا عبر مطار كوبنهاغن»، وذلك في إطار تبرير الحكومة الدنماركية لقراراتها بشأن تجميد إقامات عدد من اللاجئين السوريين، ومطالبتهم بالعودة إلى بلادهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.