نقص المياه في أربيل: أزمة ذات أبعاد سياسية أم نتيجة طبيعية للتغيّر المناخي؟

نقص المياه في أربيل: أزمة ذات أبعاد سياسية أم نتيجة طبيعية للتغيّر المناخي؟

تعاني بعض مناطق مدينة #أربيل، عاصمة #إقليم_كردستان العراق، من أزمة مياه خانقة، وُصفت بأنها الأسوأ منذ سنوات، خاصةً مع مجيئها رفقة أزمة اقتصادية، نتيجة عدم توفّر رواتب موظفي المنطقة، نظرا لتأخر حكومة #بغداد في إرسال ميزانية الإقليم الواقع شمالي العراق، فضلاً عن انعكاسات أزمة انتشار فيروس #كورونا.

أسباب أزمة المياه، بحسب الخبراء، هي انخفاض كميات هطول الأمطار والثلوج في الإقليم؛ وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وجفاف عديد من الآبار، نتيجة التغيرات المناخية. وتعتمد أربيل في تغطية احتياجاتها المائية على المياه السطحية بنسبة 65%، خاصة مياه نهر “الزاب الكبير”، الذي تأتي منه 35% من الموارد المائية، والذي يعاني من انخفاض منسوبه بشكل كبير. ويُرجع بعض المتابعين أسباب انخفاض منسوب الأنهار في الإقليم عموماً إلى السياسات المائية لدولتي المنابع، أي #تركيا وإيران.

 

أبعاد الأزمة

“خناف”، مواطنة من المناطق المتأثرة بالأزمة في أربيل، أوضحت لـ«الحل نت» أن «الوضع صعب جداً في الحي الذي تقطن به، فالناس يعانون من نقص مياه الشرب، لأن البئر الذي يزوّد المنطقة بالمياه بات جافاً، ما دفع المواطنين إلى شراء المياه بمبالغ باهظة، شكّلت حملاً اقتصادياً عليهم».

وتلفت “خناف” إلى أنها «تبقى مستيقظة، حتى ساعات الفجر، في انتظار قدوم الماء، الذي يصل أحياناً إلى شارع دون آخر في المنطقة، ما يدفع الجيران إلى التعاون في عمليات تخزين المياه».

“مراد مجيد”، مدير “مركز دراسات المستقبل للسياسات”، يحاول، في حديثه لـ«الحل نت»، تقديم نظرة عامة عن أسباب الأزمة، مؤكداً أن «قطع المياه، من الجانبين الإيراني والتركي، جعل حياة مواطني الإقليم صعبة، خصوصاً الفقراء منهم»، معتبراً أن «دوافع #إيران وتركيا لقطع المياه هي سياسية غالباً، للضغط على مواطني وحكومة الإقليم، ولها أبعاد عنصرية».

إلا أن “اري أحمد”، مدير مؤسسة الماء والمجاري في إقليم كردستان، لا يذهب إلى تهويل أبعاد الأزمة، أو إعطائها خلفيات سياسية، مؤكداً لـ«الحل نت» أن «الأزمة ليست جديدة، وهي تحدث كل سنة، وخاصة في فصل الصيف، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي، ويضاف إلى ذلك انخفاض كميات هطول الأمطار والثلوج في الآونة الأخيرة».

وشدد المسؤول المحلي على أن «الأزمة لا تطال محافظة أربيل كلها، وإنما بعض مناطقها، وخاصةً المرتفعة منها. كما أنه لا توجد أحياء محرومة بأكملها من المياه، بل شوارع وأزقة معينة، في عدد من الأحياء المتفرّقة».


شراء الماء

وتحدث “مراد مجيد” عن الأعباء المالية الملقاة على عاتق الشرائح الأفقر في المدينة، بسبب أزمة المياه، مؤكداً «وصول سعر مخزون شاحنة المياه في أربيل إلى مئة وخمسين ألف دينار عراقي، أي حوالي مئة دولار، وهو مبلغ هائل، بالمقارنة بدخل المواطنين، خاصة مع تأخّر رواتب الموظفين».

“شيرزاد”، أحد المواطنين المتضررين من الأزمة، يؤكد لـ«الحل نت» هذه المعلومات، قائلاً: «المياه باتت أغلى من نفط الإقليم، فأسعارها تتراوح بين ستين ومئة دولار». مبيناً أنه «يشتري أسبوعياً مخزون شاحنة واحدة، وهي كمية لا تكفي عائلته في الوقت الراهن، بسبب حرارة الجو، التي تتطلب استهلاك المياه بشكل أكبر».

“اري احمد” لا ينكر استغلال بعض أصحاب الشاحنات لحاجة المواطنين العاديين، وقيامهم برفع أسعار المياه، إلا أنه يشير، في الوقت ذاته، إلى «توفير محافظة أربيل، عبر مديريات الماء والمجاري التابعة لها، شاحنات لنقل المياه للمواطنين مجاناً، وأيضاً قيام “منظمة بارزاني الخيرية” بتوفير أحد عشر ألف متراً مكعباً من المياه للمواطنين».


كيف تواجه حكومة الإقليم الأزمة؟

“مراد مجيد” يؤكد أنه شخصياً «لم ير أي سعي من قبل حكومة كردستان لإيجاد حلول للأزمة، سوى نشر ملصقات، تحثّ المواطنين على ترشيد استهلاك المياه»، مضيفاً: «لا توجد حلول من قبل الحكومة، وهذا الأمر يتكرر منذ سنوات، ولا نتلقى من المسؤولين سوى الوعود»، حسب تعبيره.

إلا أن “اري أحمد” يقدم صورة أخرى عن الوضع، مؤكداً أنه «تم تشكيل لجنة لمعالجة مشكلة المياه، والأزمة في طريقها للحل خلال أيام، بعد استقرار الطاقة الكهربائية، وقيام اللجان الفنية بعملها، لحل المشاكل التي تواجه وصول المياه إلى المناطق التي تعاني من الأزمة، وكذلك تم إطلاق مشاريع خاصة لتجنّب مشكلة المياه مستقبلاً».

ولفت المسؤول المحلي إلى أن «محافظة أربيل قامت بتخصيص الأموال المطلوبة لحفر آبار جديدة، بدلاً عن الجافة، دون الحاجة للروتين الخاص بالمعاملات الرسمية، وهناك خطط لحفر مئة وتسعين بئراً في أربيل، وبالأخص في الأحياء الجديدة للمدينة؛ كما تفاهمت المحافظة مع وزارة الكهرباء في الإقليم لزيادة ساعات تزويد الآبار بالكهرباء؛ وتم التعاون مع مولدات كهرباء أهلية، لتزويد خمسة وستين بئراً بالكهرباء، تعتبر الدفعة الأولى لزيادة عدد ساعات ضخ المياه إلى المنازل؛ وكذلك عملت المحافظة على زيادة عدد ساعات التجهيز الكهربائي، الخاصة بمشاريع تصفية المياه».

ودعا “أحمد” المواطنين إلى «ترشيد استخدام المياه»، معتبراً ذلك «أهم خطوة لتجاوز الأزمة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.