بعد سيطرة “رامي مخلوف” لسنوات طويلة على “الغرفة المالية للقصر الجمهوري”، استطاعت “أسماء الأخرس” زوجة الرئيس السوري “بشار الأسد” عبر تحركات متعددة مجابهة لنفوذ مخلوف منذ منتصف العام الفائت.

ووجهت لمخلوف على ما يبدو في النهاية الضربة القاضية إثر تعيين رئيس جديد لمجلس إدارة شركة “سيريتل“، بعد رفع الحراسة القضائية عن الشركة، منتصف شهر تموز/يوليو الماضي.

ولعل القرارات المتوالية التي أعلنت عنها الحكومة السورية، خلال الشهور الماضية، وتوجتها مؤخراً بإزالة الحارس القضائي بعد إزالة عضوية آخر شركات مخلوف في “سيريتل”، وتعيين رئيس مجلس إدارة، جاءت لتعزيز استهداف أملاك “رامي مخلوف”.

ولتؤكد على الرغبة المتزايدة للتيار الاقتصادي التابع لـ “أسماء الأسد” بالقضاء على كامل النفوذ الاقتصادي لمخلوف، ما يدفع للتساؤل عن البديل المحتمل لمخلوف في تصدره للواجهة الاقتصادية السورية خلال الفترة المقبلة.

حقق تيار “أسماء الأسد” الهدف الأكبر له من خلال السيطرة التامة على “سيريتل“، ما يتيح لها خلال الفترة القريبة المقبلة بتفعيل عمل “وفاتيل” والتي تقول عنها مصادر لموقع (الحل نت) بأنها الشركة البديلة عن “ايماتيل” حيث كان من المقرر أن تتولى هي عملية إطلاق المشغل الجديد للاتصالات.

وفاة والدة “بشار الأسد” كان لها تأثير

الكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية “سمير طويل” اعتبر في حديث لموقع  (الحل نت) أن النافذة التي دخلت منها زوجة الأسد كانت بعد تراجع نسبي لنفوذ مخلوف في العائلة بعد وفاة والدة بشار وخالة رامي “أنيسة مخلوف ” (توفيت عام 2016).

تأثُر مركزه في العائلة أدى إلى تراجع نفوذه كـ “حوت مسيطر” على أهم القطاعات الاقتصادية في سوريا، بحسب وصف طويل، والذي لفت إلى أن “أسماء الأخرس” بدأت تتدخل في ذلك الوقت بشكل أكبر من أجل منح نفوذ لبعض رجال الأعمال المتنفذين، لضمان تراجع دور مخلوف الذين كان يسيطر على الاقتصاد.

مخلوف سعى في وقت سابق، إلى تشكيل تكتلات اقتصادية كبيرة مثل “شام القابضة” وكذلك الاستحواذ على المصارف التي تخلى عنها الشركاء الأجانب، وبنفس الوقت سعى للسيطرة على قطاع الاتصالات، وقطاعات أخرى بالشراكة مع رجال الأعمال.

كانت وجهة نظر الأسد وزوجته والدائرة الضيقة المحيطة بهم، أن “رامي مخلوف” لم يقف إلى جانبهم في السنوات الصعبة بعد نفاد الاحتياطي النقدي منذ عام 2015.

طويل اعتبر أن كعكة الاقتصاد السوري أُعيد تقسيمها ولن يعود هناك حوت أوحد يسيطر على أغلب الاقتصاد، «بدليل هناك تواجد لعدة شخصيات بوزن ثقيل كسامر الفوز، قاطرجي، أبو علي خضر، وسيم قطاع، خالد حبوباتي، سامر الدبس، والكفة في النهاية قد تميل لمصلحة شخصيات محسوبة على أسماء الأسد».

بينما لفت إلى أن مساعي أولئك المتنفذين الجدد المدعومين من زوجة الأسد، ستكون حول إطباق السيطرة على قطاعات مهمة إلى جانب الاتصالات، وهي قطاعات المصارف والسياحة والنفط، وكذلك قطاعات استثمارية ضرورية، لا سيما فيما يتعلق بالبنى التحتية الجسور والطرق ومحطات التبريد والطاقة الكهربائية، وفق قوله.

وختم حديثه بالإشارة إلى أن الحكومة السورية ستُعيد ترتيب حصة رجال الأعمال في الاقتصاد السوري، معتبراً أن «الحصة الأكبر ستكون لصالح القطاعات الخدمية، أكثر من القطاعات الانتاجية وعلى رأسها الصناعة والزراعة».

شخصيات عديدة لخدمة أسماء الأسد

وفق تقرير لمنظمة “غلوبال ويتنس” صدر العام الماضي، فإن شركات “رامي مخلوف” تمثل 60 بالمئة من اقتصاد سوريا، إلا أن منافسا آخر لرامي مخلوف وهي “أسماء الأسد” تسعى للهيمنة على اقتصاد سوريا.

مع انتصار تيار “أسماء الأسد” يمكن الإشارة إلى بعض الشخصيات التي برزت قليلاً حتى الآن، وقد يكون من أبرزهم شقيق زوجة الأسد “فراس فواز الأخرس” وابن خالتها “مهند الدباغ” وهما يديران مشروع أسماء في شركة تكامل وجوانب اقتصادية أخرى، إضافة إلى مجموعة من رجال الأعمال الجدد، وأمراء الحرب.

وكذلك من أبرز الشخصيات يأتي الإخوة “قاطرجي” (حلب)، و”سامر فوز” (اللاذقية)، الذي لمع نجمه خلال السنوات الخمس الماضية.

الباحث الاقتصادي “أسامة قاضي” اعتبر خلال حديثه لموقع (الحل نت) أن المنظومة الاقتصادية حول عائلة مخلوف تم تحجيمها من قبل “بشار الأسد”، مشيراً إلى أن وجود أسماء بديلة من تيار “أسماء الأسد” الاقتصادي.

وأضاف أن «الظروف لم تسمح بظهور الأسماء الجديدة ممن ستولى نفوذا كبيراً، وذلك بحكم عدم وجود مشاريع استثمارية ضخمة، يبدو أن هذا التيار بانتظار صفقة سياسية تتيح الانتقال لمرحلة إعادة الإعمار كي يكونوا في الواجهة».

وكانت وزارة المالية بدمشق أصدرت قراراً، في أيار/مايو 2020، جاء فيه «يلقى الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمدعو رامي مخلوف ابن محمد والدته غادة مهنا، وأموال زوجته وأولاده».

وأرجع البيان سبب الحجز لضمان تسديد المبالغ المترتبة عليه لمصلحة «الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد»، بعد اتهامات لمخلوف بعدم دفع المبالغ المستحقة لخزينة الدولة.

لكن مخلوف كذّب “الهيئة” في تسجيلات مصورة خلال العام الفائت على حسابه في فيس بوك، وأبرز وثيقة تؤكد توجه “سيريتل” إلى “هيئة الاتصالات” بكتاب بتاريخ العاشر من أيار لعام 2020، توضح فيه الشركة استعدادها لتسديد المبالغ المفروضة عليها عبر دفعات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.